معايير التمييز بين الانتخابات البرلمانية.. الحرة والمزورة – الانتخابات البرلمانية الكردستانية انموذجاً-

عبدالغني علي يحيى
  يلاحظ سيما في بلدان العالم الثالث أو النامية والعراق منها بدرجة اولى وبشقيه العراقي والكردستاني، ان النتائج المتمخضة عن الانتخابات البرلمانية غالباً ماتتوج بالاعتراضات والطعون والرفض فرفع الشكاوى الى القضاء. ولقد كانت الانتخابات العراقية البرلمانية التي اجريت يوم 12-5-2018 محل اعتراضات كثيرة وماتزال وبلغت الطعون فيها حد القول ان الانتخابات تلك كانت مزورة بنسبة 90% وان نسبة المشاركين فيها في بعض من المحافظات لم تتجاوز ال16% أو ال 20% ما ادى الى برلمان مزور وحكومة مزورة وتكتل نيابي اكبر زور ايضاً وعدم تمثيل البرلمان الجديد للشعب. أما الانتخابات البرلمانية الكردستانية التي اجريت يوم 30-9-2018 فانها بدورها تعرضت الى انتقادات ورفض بالرغم من الفارق الهائل بينها وبين الانتخابات العراقية التي سجلت عليها عمليات تزوير واسعة وشراء للضمائر وخرق فاضح للدستور اضافة الى بيع وشراء المناصب.. الخ 
في حين ان الانتخابات الكردستانية كانت بمنأ من الخروقات والظواهر المدانة الا في حالات ضيقة جدا مثال الطعن بها من جانب عدد من الاحزاب بينها: حركة التغيير والجماعة الاسلامية والاتحاد الاسلامي الكردستاني واصدرت هذه الاحزاب وبينها الحزب الديمقراطي الكردستاني p.d.k بياناً مشتركاً في مدينة كويسنجق وذلك في الساعات الاولى من اجراء الانتخابات اتهموا الاتحاد الوطني الكردستاني p.u.k بتزوير الانتخابات في المدينة المذكورة وفيما بعد في مدن اخرى ولكن بشكل اضيق وحصراً في محافظة السليمانية  وتحمست احزاب: التغيير وحركة الجيل والجماعة الاسلامية لأتهام p.d.k بالتزوير ايضاً، الا ان اتهاماتها للاخير جاءت ضعيفة بسبب من عدم تبنيها للمقاييس والمبادئ التقليدية المتبعة للفرز بين النزيه والتزوير في الانتخابات وجاء اتهامها اشبه ما يكون برمي حصوة في الظلام وكلام لامسؤول، ومع الاقرار سلفاً بوجود تزوير فيها في الانتخابات الكردستانية وفي الانتخابات العراقية التي شاركت فيها الاحزاب الكردستانية، وفي الانتخابات العراقية ايضاً فان الاعتراضات وجهت الى p.u.k في السليمانية وكركوك ايضاً مع الفارق بين الاعتراضات الكردية عليه والاعتراضات العربية والتركمانية فالفوز بالانتخابات معقود لواؤه للكرد في كركوك كونهم يشكلون اكثرية سكانها منذ العهد العثماني.
اعود الى المقاييس والمباديء التي يجب ان تعتمد للفرز بين الانتخاب البرلماني الحر والاخر المزور وهي: 
1 نتائج استطلاع الاراء السابقة على بدءالانتخابات واعلان نتائجها، اذ ان نتائج استطلاع الاراء غالباً ما تكون ستقاربة أو متطابقة مع النتائج الرسمية للانتخابات، مثال ذلك ان معظم مراكز ومعاهد استطلاعات الاراء ومن بينها مثلاً ( منظمة الرافدين) و ( معهد كردستان).. الخ من مراكز اخرى اجمعت على ان الحزب الديمقراطي الكردستاني سيفوز ب 24 -25 مقعداً في الانتخابات العراقية وبالفعل فان الحزب فاز ب 25 مقعداً رغم الغبن الذي لحق به في تلك الانتخابات والذي تمثل في عدم احتساب اصوات النازحين وايزديي سنجار واصوات الخارج رغم عدها يدوياً. استهدف p.d.k لأنه كان الفائز الوحيد فيها دون منازع. و في الانتخابات الكردستانية اجمع المراقبون على ان p.d.k سيكون في المقدمة. وقال رئيس قائمة الحزب المذكور هيمن هورامي ان حزبه سيفوز ب 40-45 مقعدا وكان تنبؤه في محله اذ فاز p.d.k ب 45 مقعداً ومن السياسيين الذين تنبؤا بفوز ساحق ل: p.d.k في الانتخابات البرلمانية الكردستانية السياسي العربي السني مشعان الجبوري الذي قال ما نصه أو ما معناه ( سترون كيف يكتسح p.d.k الجميع).
2 ان تنبؤات السياسيين والمراقبين تشكل معياراً صائباً للتمييز بين الانتخابات الحرة والانتخابات المزورة من الواجب عدم اهمالها.
3 النتائج الاولية غير الرسمية للانتخابات: على مدار اليوم الاول للانتخابات وبالاخص في المساء منه وفي الايام التالية له كان الاعلان عن النتائج الاولية غير الرسمية يأتي ليتطابق فيما بعد مع  النتائج الرسمية سواء المبثوثة من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أو المصدقة عليها فيما بعد من قبل القضاء، ففي النتائج الاولية غير الرئسمية جاءت نتائج الاصوات التي حصلت عليها الاحزاب مطابقة للنتائج النهائية الرسمية.
4 العودة الى نتائج الانتخابات البرلمانية السابقة:
على المراقبين السياسيين والنخب المثقفة في اي شعب في تقييمهم لنتائج احدث الانتخابات، ان يراجعوا نتائج الانتخابات البرلمانية السابقة بالنسبة لكل حزب وبالاخص الاحزاب الكبيرة، ففي اول انتخابات برلمانية جرت في اقليم كردستان يوم 19-5-1992 فاز الحزب الديمقراطي الكردستاني بـ 51 مقعداً اي بزيادة (6) مقاعد على فوزه بانتخابات 30-9-2018. ولقد كان متوقعاً ان يحل الاتحاد الوطني الكردستاني ثانيا فالاتحاد فاز في الانتخابات عام 1992 البرلمانية ب 49 مقعداً وكان الثاني في انتخابات عام 2018 حين فاز ب 21 مقعداً وعندي ان السبب في هذا التراجع بالنسبة اليه ( الى الاتحاد) يكمن في الانشقاقات التي ضربته بين عامي 2007 و 2018 اضافة الى التصدع الذي حصل فيه مؤخراً بظهور مركزين فيه: جناح المكتب السياسي بقيادة السيدة هيرو ابراهيم احمد وجناح مركز القرار بقيادة كوسرت رسول علي، وبعكسه فان البون بين p.d.k و p.u.k كان من شأنه ان يكون اضيق، ولا يغيب عن البال ان تمسك الديمقراطي الكردستاني بالاستقلال لكردستان زاد من شعبيته على نطاق الداخل والخارج وما يزال في وقت اضرت خيانة 16-10-2017 كثيراً بالp.u.k التي اقدم عليها نفر في ال p.u.k وكانت  النتيجة حصول p.d.k على 45 مقعداً و p.u.k على ٢١ مقعداً لقد فاز p.d.k في جميع الانتخابات الكردستانية والعراقية وتقدم على جميع الاحزاب الكردية وعلى احزاب عراقية ايضاً  لذا ولمعرفة الصحيح من الكذب والنزيه من المزور ارى ان الخلفية التي ذكرتها في الفقرة (4) من هذا المقال ضرورية للباحث الذي يجب ان يلم بها لتجنيب نفسه من الوقوع في الاخطاء.
5- ومن المعايير التي يجب اتباعها للتمييز بين النزيه والمزور في الانتخابات البرلمانية، ماضي الحزب النضالي والمكاسب التي حققها للشعب سواء في مرحلة النضال التحرري الوطني أو  النضال السلمي. وهنا علينا ان نأخذ بعين الاعتبار ان جميع المكاسب التي تحققت للشعب الكردي كانت على يد الحزب الديمقراطي الكردستاني، فعلى سبيل المثال تقترن المادة (5) من الدستور العراقي المؤقت في العهد الجمهوري الاول تلك المادة التي نصت على ان العرب والكرد شركاء في الوطن العراقي ومكاسب اخرى تقترن بعودة قائد الحزب الرئيس الراحل مصطفى البارزاني من الاتحاد السوفيتي السابق والحصول على النشاط العلني والقانوني لحزبه عام 1960. علماً ان حزبان فقط حصلا على ذلك هما: الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الوطني الديمقراطي العراقي بقيادة المرحوم كامل الجادرجي . كما ان p.d.k أرغم فيما بعد حكومة انقلابي 8 شباط 1963 على اطلاق سراح جميع السياسيين الكرد من اعضاء الحزب وغيرهم واصدار الحكومة الانقلابية لقانون اللامركزية في العام نفسه، فيما بعد ارغم حكومة عبدالسلام عارف في 10 شباط 1964 على توقيع اتفاقية لصالح الكرد وفي عام 1967 ارغم حكومة عبدالرحمن عارف وعبدالرحمن البزاز على توقيع اتفاقية 29 حزيران والتي ايضاً كانت لصالح الكرد وفي عام 1970 حقق المكسب القومي الكبير للشعب الكردي والذي تجسد في اتفاقية اذار- اتفاقية الحكم الذاني الذي عد من اعظم المكاسب التي حققها الحزب الديمقراطي الكردستاني للشعب الكردي.
6- ومن المباديء والمعايير التي يجب الركون اليها في تقييم لانتخابات البرلمانية ومعرفة الحر والنزبه والمزور والمزيف هي قبول الطرف الرئيس والمنافس بنتائج الانتخابات، ولقد اعلن الاتحاد الوطني الكردستاني قبوله بالنتائج وبذلك عظم شأنه لدى الشعب الكردي. علماً ان p.u.k سبق وان قبل بنتائج انتخابات فاز فيها عليه حركة التغيير قبل نحو (5) اعوام من الان وبذلك كبر في عين الشعب ايضاً .
ومن المعايير الاخزى التي يجب اخذها بنظر الاعتبار.
7- بيان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات .
8- قرار المحكمة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…