انتصار حزب البارزاني هزيمة لأعداء كوردستان

جان كورد
مثلما ارتبط اسم الحزب الديموقراطي الكوردستاني منذ تأسيسه باسم القائد الخالد مصطفى البارزاني وحتى رحيله (رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه)، فإن اسم الحزب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسيد الرئيس مسعود البارزاني، وبخاصةً منذ ترأسه الحزب وتحمله لكثير من المهام والواجبات في سنوات الهزيمة النكراء مع أخيه إدريس البارزاني (رحمه الله وأسكنه جنان الخلد)، ولذا نسميه بحزب البارزاني، حيث الوقائع على الأرض تعكس هذه الحقيقة الساطعة. 
بإقدام الرئيس مسعود على اجراء الاستفتاء على استقلال اقليم جنوب كوردستان، حظي بمحبةٍ أعظم من قبل الشعب الكوردي المتعطش للحرية والاستقلال، ولذا فقد نال الاستفتاء ب”نعم” على نسبةٍ تفوق 92 % من أصوات الكورد، على الرغم من اختلافهم في الانتماءات والولاءات والتلوينات السياسية، الثقافية والاجتماعية والمذهبية والدينية. 
إلاّ أن الحملات الشعواء عليه من قبل أعداء الكورد وكوردستان وممن والاهم من أبناء وبنات شعبنا والهجوم الشرس الذي لقيه السيد الرئيس بسبب الاستفتاء، رغم أنه كان استفتاءً ديموقراطياً بكل معنى الكلمة، وعدم تراجعه أمام الضغوط الدولية والاقليمية، رغم الاصطفاف الخطير للعديد من الشخصيات الكوردية في الجبهة المعادية لشعبها، وقدّم السيد الرئيس استقالته من رئاسة الاقليم، ظن البعض أنهم قد تخلّصوا من البارزانية والنهج البارزاني وحزبه الديموقراطي الكوردستاني “العنيد!”، فتلاقت هذه الشخصيات واتفقت على “خيانة” شعبها الذي صوّت لحريته واستقلاله، وهو حقٌ لكل الشعوب ولا يمكن استثناء الكورد منها، مهما كانت ذرائع الدفاع عن وحدة العراق قوية، فماذا لو أجرى الأهوازيون استفتاءً حول استقلالهم عن إيران؟ فهل سيقف هؤلاء المستميتون من أجل العراق ومعهم الكورد المنحرفون سياسياً والخائنون لشعبهم ضد هكذا استفتاء أم سيدعمونه؟ 
نعم، ظنت الطغمة العميلة في بغداد والخائنة في اقليم جنوب كوردستان أن دور البارزاني قد انتهى وأنهم سيتمكنون من ذبح الكورد كما في عهد الدكتاتور البائد، أو أنهم سيحتلون اقليم كوردستان وسيمزقونه إرباً إربا وسيقدمون أطرافه ومدنه وثرواته لمن يشاؤون من أسيادهم وحلفائهم جزءاً بعد جزء وسيتخلون عن “قدس الأكراد” و”قلب كوردستان” كما تتطلّب مصالحهم الشخصية ونزعاتهم الحزبية الضيقة، فكانت “خيانة ال15 من أوكتوبر” التي ستبقى وصمة عارٍ في جبينهم إلى يوم يبعثون. إلاّ أنّ المقاومة الشجاعة في خط الدفاع عن (به ردى) لبيشمركة كوردستان تحت قيادة البارزاني ورفاق حزبه الذين تحولوا في سرعة البرق من سياسيين ودبلوماسيين إلى مقاتلين يتوسدون التراب لراحتهم في ظلال عربات القتال في جبهات الدفاع عن الوطن قد أرعبت المعتدين المدعومين من قبل أعداء الكورد بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، وأرغمتهم البيشمركة (قرون الحديد ذوي البأس الشديد) وقيادة الحزب السياسية على وقف الاعمال العسكرية، ثم جاءت انتخابات الاقليم التشريعية لتثبت للعالم أجمع بأن الحزب الذي قاده البارزاني مصطفى في أحلك الظروف التاريخية لا زال الحزب السياسي الأقوى في ظل ورعاية السيد الرئيس مسعود البارزاني ورفاق دربه الطويل.  
وحسب نتيجة الانتخابات التي أقرها مجلس القضاء الأعلى، فإن الحزب قد حاز على 45 مقعداً لوحده في حين أن عدة أحزابٍ أخرى لم تحصل معاً على هذا العدد من المقاعد، وهذا يمنحه الحق في تشكيل حكومة ربما ستكون الأنجح في تاريخ الاقليم لأنها ستتعلّم من الأخطاء والهفوات التي حدثت سابقاً ولعلمها بأن الأعداء متربصون بها والخونة مستعدون دائماً للنيل منها بشتى الوسائل. وما الابتسامات العريضة التي يظهرها بعض الشخصيات المتمرغة في أوحال الخيانة سوى مخالب النمور الجائعة الهائجة فلن ينخدع منها الكوردستانيون بعد أن اقترفوا الخيانة من قبل. 
الفقرة التالية من المؤامرة ستكون حسب رأيي على “فيدرالية” الاقليم الممنوحة له دستورياً وسيسعى بعضهم إلى إحدث شرخٍ خطير  بين محافظة السليمانية وبقية محافظات كوردستان كخطوة أولية للقضاء على الفيدرالية، وربط السليمانية ببغداد مباشرة أو بطهران، وهذا يمكن الوقاية منه بتعميق التلاحم السياسي مع الحلفاء الكوردستانيين في محافظة السليمانية على الأخص بكسبهم للمساهمة في الحكومة الجديدة ودعمهم في مواجهة المستهترين بوحدة الاقليم والعاملين على دوام العداء لقيادة السيد الرئيس الذي يجب أن يعود لموقع الرئاسة بتغيير القرار البرلماني المتسرع الخاطىء الذي ألغى منصب الرئاسة في الاقليم، وبرلمان كوردستان يجب أن يصحح الخطأ التاريخي الذي وقع فيه، إذ ليس هناك من يستطيع أداء دور الرئيس في كوردستان أفضل مما أداه وسيؤديه السيد البارزاني. وعلى البرلمان الجديد، كما على الاحزاب والرئاسات احترام إرادة الشعب الكوردي الساطعة بنسبة 92 % بصدد مستقبله وحقه في تقرير مصيره المثبت في القانون الدولي. 
صحيح أن الرئيس العراقي الجديد برهم صالح لا ولن يروق له وجود منافسٍ كبيرٍ له مثل السيد البارزاني في كوردستان، إلاّ أنه يعلم مدى التفاف شعبنا في الاقليم وخارجه حول هذا القائد الذي أثبت قدرته على القيادة رغم كل التحديات والهزائم والخيانات. وقد يعمل السيد برهم صالح كل ما يؤذي حزب البارزاني والبيشمركة بحكم موقعه الذي ناله بدعم ايران ومرتزقتها في بغداد، إلاّ أنه سيفكّر مرتين قبل الاقدام على أي خطوة عملية له ضد هذا الشعب الذي دعائمه الجماجم والدم تتحطم الدنيا ولايتحطم حسب رأي الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري والذي وصفه الشاعر الفلسطيني محمود درويش ب”حارسي الشمس من أصفاد أشباه الرجال.” 
ولذا أقول بأن انتصار حزب البارزاني هزيمةٌ أخرى لأعداء الكورد وكوردستان 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني في عالم تُرسم فيه الخرائط بدم الشعوب، لا تأتي التحوّلات العسكرية منفصلة عن الثمن الإنساني والسياسي. انسحاب نصف القوات الأمريكية من شرق الفرات ليس مجرد خطوة تكتيكية ضمن سياسة إعادة التموضع، بل مؤشر على مرحلة غامضة، قد تكون أكثر خطراً مما تبدو عليه. القرار الأميركي، الذي لم يُعلن بوضوح بل تسرب بهدوء كأنّه أمر واقع، يفتح الباب أمام…

لم يعد الثاني والعشرون من نيسان مجرّد يومٍ اعتيادي في الروزنامة الكوردستانية، بل غدا محطةً مفصلية في الذاكرة الجماعية لشعبنا الكردي، حيث يستحضر في هذا اليوم ميلاد أول صحيفة كردية، صحيفة «كردستان»، التي أبصرت النور في مثل هذا اليوم من عام 1898 في المنفى، على يد الرائد المقدام مقداد مدحت بدرخان باشا. تمرّ اليوم الذكرى السابعة والعشرون بعد المئة…

د. محمود عباس قُتل محمد سعيد رمضان البوطي لأنه لم ينتمِ إلى أحد، ولأن عقله كان عصيًا على الاصطفاف، ولأن كلمته كانت أعمق من أن تُحتمل. ولذلك، فإنني لا أستعيد البوطي اليوم بوصفه شيخًا أو عالمًا فقط، بل شاهدًا شهيدًا، ضميرًا نادرًا قُطع صوته في لحظة كانت البلاد أحوج ما تكون إلى صوت عقلٍ يعلو فوق الضجيج، مع…

صديق ملا   إن قراءة سريعة ومتفحصة للتاريخ المعاصر في الشرق الأوسط يستنتج : أن هذا الشرق مقبل على تحولات كبرى ، فالدول التي أنتجتها إتفاقية (سايكس_بيكو)ستتفكك لا محالة ليس فقط بتأثير النظام العالمي الجديد ، بل بتأثير يقظة الوعي القومي للشعوب المستعمَرة أيضا… فالتطورات التي حدثت بعد ثورات الربيع العربي ابتداءاً بتونس ومصر وليبيا وأخيراً سورية قد أرعبت الدول…