الماكر الأدهى والرابح الأكبر

غزوان البلداوي
يعلم العراقيّون جيداً ان (مقتدى الصدر) هو من رشح (عادل عبد المهدي) لمنصب رئيس مجلس الوزراء، وهذا هو الواقع الحقيقي، اما الواقع الافتراضي ما تحدث به النبي (فيس بوك) عندما قال ان المرجعية هي من فرضت عبد المهدي على السّياسيين، بتوجيه مباشر لإعلامه الإليكتروني بالترويج لهذا الامر، كي يضع المرجعية في موقف محرج اذا ما فشل الاخير في حكومته، ليخرج منها سالماً من تحمل المسؤولية.
ما بين الواقع الحقيقي والواقع الافتراضي، تأمل العراقيون خيراً بعبد المهدي، باعتباره سياسي مخضرم مستقل ذو خبرة سياسية وإدارية، عمل في العديد من الاتجاهات السياسية، القومية واللادينية والإسلامية، وتطلع على تجاربهم ومبادئهم عن كثب، وخبرهم جيداً، ليصل به الحال في نهاية المطاف الى الاستقلال السياسي.
حاول الصدر اعادة الحكومة للعبادي لدورة حكومية ثانية، تحت شروط قاسية، كان أهمها تنازله عن حزبه وإعلانه استقلال، ليقنع الشارع العراقي ان مرشحه لمجلس الوزراء مستقل، ليثبت صادقه معهم، الا ان اللعبة لم تمر على الناس، وأبدوا غضبهم من ذلك الاختيار.
غضب الشارع أرغم الصّدر للبحث عن بديل آخر، فلم يجد أمامه افضل مِنْ (عادل عبد المهدي) الذي حرمه هو من نيل ذلك المنصب في جميع الحكومات المتعاقبة، ليس حباً فيه او ندماً، وإنما ليثبت للعراقيين انه قادر على ادارة اللعبة السياسية، بعد ان اقنع (هادي العامري) الفائز الثاني بعد سائرون، ومنافسهم الاقوى، ان عبد المهدي مرشح المرجعية، كي لا يجرؤ على رفضه.
الصدر حاول خداع عبد المهدي، لتمرير وزراء تابعين له تحت يافطة (الإصلاح)، بعنوان “الاستقلال والتكنوقراط”، بعدما منع اتباعه من تسنم اَي منصب حكومي، كي لا يلقى عليه اللوم في حال فشلهم، او يتركونه بعدما يتذوقون حلاوة المناصب ولذة الأموال.
الصدر هو الاقوى في الساحة العراقية، لجملة من الاسباب أهمها:
1.  يمتلك قوة مليشياوية كبيرة تطيعه على العمى، لا ترفض له طلب, ولا ترد له قول.
2.  جاء بعنوان (الاصلاح)، دغدغ من خلاله عواطف ومشاعر الجمهور الغاضب والناقم على الاحزاب السياسية برمّتها فكسب تأييد الشارع له.
3.   حصوله على اكبر قائمة برلمانيّة، بعد استغلاله الحزب الشيوعي والاحزاب العلمانية المنضوية تحت قائمته، بعدما نجح في تمرير اكبر عدد من اتباعه خلالهم.
لا يستطيع احد اليوم ان يقف بوجه (مقتدى الصدر)، لأنه يمتلك شارعه، وقدرة على تحريكه في غضون ساعات قليلة، وسرعة نشر مليشياته بين اوساط الناس، لذلك ترى الجميع مطبق على فمه.
هدفه واضح وهو السيطرة على المشهد السياسي، وفرض رايه بأي طريقة، حتى لو اضطر الى حرق البلاد، ولا يعنيه شيء سوى تحقيق اهدافه والا كيف منع احجاره من التصويت لـ (قصي السهيل)، وأمرهم بالتصويت لـ (بنكين ريكاني) المتهم بقضايا فساد كبيرة, وتمرير (فؤاد حسين) الذي لا يؤمن بوحدة العراق والقائل “ان لا حدود حمراء للعراق” واستوز (احمد رياض العبيدي) للشباب والرياضة المتهم بالإرهاب.
التكنوقراط ما هو الا كذبة ابتدعها، لتمرير مشروعه الذي يريد من خلاله السيطرة على الحكومة، تحت هذا المسمى، وهل التكنوقراط أمر احجاره الصماء بالتصويت لخريج فيزياء مختص بالنقل ليصبح (وزير بلديات)! ويمرر فاسد مثل (عبدالله المالكي) لوزارة النقل!.
مقتدى الصدر شخص مصاب بداء النقص، يتقوى باتباع همج رعاع لا يميزون بين الناقة والجمل، عبارة عن مجموعة من القتلة والمارقين، تسلطوا على رقاب الناس مرةً بقوة السلاح، واُخرى بخداع الناس باسم الإصلاح، وهم لُب الفساد وبؤرته، لا يختلف صغيرهم عن كبيرهم, ولا برلمانيهم عن جاهلهم، فهم على حدٍ سواء من الجهل والفساد والمرق.
 
في النهاية مقتدى الصدر هو الرابح الأكبر، لأنه اختار افضل الوزارات ليستوزها لأتباعه غير المعروفين، وهو الاقوى في السيطرة على الحكومة القادمة من خلال التهديد المستمر لها، وهو الماكر الأدهى عندما اقنع الشارع العراقي بأن (عادل عبد المهدي) مرشح المرجعية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أكد الرئيس مسعود بارزاني ، أن إقليم كوردستان قد حقق فخرا كبيرا بوصوله إلى مرحلة انتخاب نظام حكمه، معتبرا ذلك انتصارا ومنجزا عظيمين.

وقال بارزاني في كلمة له خلال مهرجان انتخابي ضخم في مدينة أربيل اليوم الثلاثاء ، إلى أن الانتخابات كانت مقررة قبل عامين، إلا أن بعض الأطراف وضعت عراقيل أمام العملية، مما أدى إلى…

شوان زنكَنة

قدّم حزبُ العدالة والتنمية مشروعَ قانون من 12 مادة، يتضمن تعديلاتٍ في قانون أصول الضرائب، تهدف إلى رفع حجم واردات صندوق الصناعات العسكرية، وبموجب هذه التعديلات، تمَّ فرضُ ضرائب على بطاقات الائتمان، ومعاملات كُتّاب العدل، ومعاملات الطابو، وكافة ضرائب الختم، وتهدف الحكومةُ من هذه التعديلات استحصالَ ضرائب مقدارها حوالي 80 مليار ليرة سنويا.. وسيتمّ العملُ بهذه…

صبحي ساله يي

إستناداً إلى المعطيات السياسية الحالية في إقليم كوردستان، يمكن القول أن العلاقات بين الأحزاب والقوى السياسية الكوردستانية مرّت بتغيرات كبيرة ومحطات عديدة، والخلافات الحادة التي تراها اليوم لم تبدأ مع بداية الحملة الإنتخابية لبرلمان كوردستان، ولن تنتهي يوم الإقتراع أو بعد إعلان نتائج الانتخابات أو حتى رؤية المخرجات النهائية للعملية الانتخابية وتشكيل حكومة…

دلدار بدرخان

حتى الأمس القريب كانت كتاباتي تركز على القضية الكوردية في سوريا بشكل عام دون أن أخصصها لمنطقة معينة، لكنني أدركت مؤخراً أن عفرين تمر بمرحلة مصيرية تهدد وجودها، فكان من الطبيعي أن أجعلها أولوية لدي ، وعندما فعلت ذلك لم يتردد البعض في اتهامي بإثارة النزعة المناطقية، وكأن تسليط الضوء على معاناة عفرين وشعبها…