م. محفوظ رشيد
يتزعم أردوغان أكبر حزب حاكم ينتهج الإسلام السياسي- السني، الذي يعتبر طرفاً أساسياً في الصراعات الاقليمية القائمة، ويمتلك مهارةً في إدارة الأزمات الداخلية والخارجية بدعمٍ ومساندةٍ من الدولة العميقة التي ترتبط بعلاقاتٍ قديمة ومميزة مع صناع القرار في العالم كعضويتها في حلف الناتو، لذلك يستبعد أن يؤدي نزيف حزبه إلى خسارة ملحوظة أمام معارضيه في الانتخابات المقبلة.
أبدى أردوغان ممانعة كبيرة لمشروع الحلفاء (الغرب) في تحويل سوريا إلى دولة ديمقراطية تعددية لامركزية (فدرالية)، وحسن موقع تركيا في الأزمة السورية القائمة من خلال احتضانها للمعارضة الراديكالية والمجاميع الإرهابية المسلحة، وتذرعها بمحاربة العمال الكردستاني للتدخل عسكرياً في الأراضي السورية وانتهاك سيادتها، لكن إصرار الحلفاء (الأمريكان) واستمرارهم في البقاء بشمال شرق سوريا وحماية إداراتها وجعلها أمراً واقعاً، أجبر أردوغان لإعادة النظر في حساباته وترتيب أوراقه حيال الأوضاع المتغيرة. أما تصريحاته وتهديداته المستمرة فتأتي في إطار الضغوط والدعاية الإعلامية للتمويه وتحسين الشروط في الصفقات الجارية.
ترتكز خطة أمريكا لتحجيم الدور الإيراني في المنطقة وإنهائه في سوريا منذ البداية على فرض العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية.. على إيران، ومحاربة أذرعها السياسية والعسكرية كحزب الله اللبناني والحوثيين لإضعافها تحت عناوين مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة. أما الصدام العسكري مع إيران فهو قائمٌ بشكل أو بآخر عبر حلفائها كالسعودية وإسرائيل التي تنفذ ضرباتها الجوية لمواقع ايران الهامة ومراكزها الخطيرة في سوريا.
تعزيز أمريكا لوجودها الفعلي على الأرض عسكرياً وسياسياً – بشكلٍ متصاعد- في منطقة شمال شرق سوريا وتوسيع الإدارات القائمة وتقويتها، وكذلك زيارات مسؤوليها المتكررة لها، وتصريحاتهم بالبقاء في المنطقة حتى القضاء على “داعش” الإرهابي وإتمام الحل السياسي وفق مخرجات جنيف والقرار الأممي 2254 تؤكد بشكلٍ قاطع وواضح على البقاء غير المحدود فيها.
الحفاظ على الوضع القائم في شمال شرق سوريا وتقويته وتثبيته على الخارطة يعتبر حجر أساس في سياسة أمريكا لتنفيذ مشاريعها الاستراتيجية الاقتصادية والأمنية والسياسية .. في المنطقة انطلاقاً من سوريا، والتصريحات الصادرة عن أقطاب آستانا – سوتشي بمثابة ردود تعبر عن عجزها في مواجهة المخطط الأمريكي الجاري تنفيذه على الأرض ميدانياً.
22-10- 2018