بسرعة سيتم فتح قضايا الإرهاب الخاصة بالنظام

بقلم عبدالرحمن مهابادي*
لاشك من أن كل ما يعلمه أي واحد منا عن إرهاب نظام الملالي ما هو إلا زاوية صغيرة من حقيقة أكبر تتعلق بنفس الموضوع. مثل جبل من جليد لا يظهر منه إلا جزء بسيط فوق سطح البحر. 
نظام الملالي ومنذ البداية تأسس على رفض الحرية والتخلص من المعارضين. ولو لم يكن هذا النظام دكتاتوريا لكان الوضع في إيران اليوم مختلفا. القوى السياسية في المجتمع الإيراني لجأت للسلاح فقط عندما وضعها النظام على مفترق طرق (الاستسلام أو المقاومة). لذلك فإن أول دماء أريقت على الأرض بعد سقوط الشاه كانت على يد النظام نفسه وفتاوي النظام استمرت في إراقة الدماء واشتدت حدتها حتى انتهت نتائجها بجريمة ضد الإنسانية وعمليات الإبادة والذبح. 
لقد مضى الآن قرابة أربعة عقود على مشهد المواجهة بين قوتين متعاديتين في معركة (الوجود أو عدم الوجود) وهاتين القوتين هما نظام الملالي والشعب الإيراني. لولا الدعم الغربي الخفي لهذا النظام في السنوات الأولى لكان هذا النظام ساقطا الآن. لأن الشعب أراد الحرية والديمقراطية وحقوقهم المشروعة. 
في الأربعة عقود الماضية هذه بالإضافة للإعدامات الواسعة التي كانت قضية مذبحة ال ٣٠ ألف سجين سياسي في عام ١٩٨٨ فيها أحد أمثلتها البارزة وتم تنفيذ أكثر من ألف عمل إرهابي في خارج الحدود وذلك وفقا للإحصائيات والأرقام الموجودة. نصف هذه العمليات كانت في العراق وأهدافها أيضا كانت متركزة ضد قوات المعارضة بالدرجة الأولى. من بين مئات العمليات الإرهابية التي نفذها النظام في اوروبا هناك العمل الإرهابي الغير ناجح لتفجير تجمع الإيرانيين العظيم الذي عقد في باريس في ٣٠ حزيران هذا العام والذي كان له مكانة ومعنى ومفهوم خاص لأنه لو لم يتم فضح وكشف هذا العمل الإرهابي لكانت حصلت الآن كارثة كبيرة جدا في المجتمع الدولي. وذلك بسبب تواجد العديد من الشخصيات الأمريكية والأوروبية والعربية الشهيرة بالإضافة لمئات الآلاف من أعضاء المقاومة الإيرانية. 
بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة حكم الإعدام الذي يحمل نظام الملالي رقمه القياسي العالمي أفادت وكالة أنباء فرانس برس في تاريخ ٩ اكتوبر ٢٠١٨ بأن العامل الأساسي لهذا التفجير أي الدبلماسي الإرهابي لنظام الملالي في النمسا (اسد الله اسدي) قد تم تسليمه لبلجيكا لتتم محاكمته هناك. 
إن تسليم هذا الدبلوماسي التابع لنظام الملالي من ألمانيا إلى بلجيكا ومحاكمته بتهمة العامل الرئيسي لهذا العمل الإرهابي قد بدأ في فتح قضية إرهاب النظام في المجتمع الدولي. لأنه حتى ذاك الحين على الرغم من الإدانات والمذكرات الصادرة بحق قادة هذا النظام قد تم رفع و أرشفة تلك الملفات والقضايا بسبب المصالح الاقتصادية للدول الغربية. 
منذ اعتقال اسد الله اسدي في المانيا سعى النظام الإيراني سعيا حثيثا لإخراجه من قبضة العدالة بأي شكل وتهريبه إلى إيران. ولكن الآن مع موضوع تسليمه إلى بلجيكيا سوف يجعل نظام الملالي يواجه أزمة جديدة وحقيقية ونتائج صعبة جدا. لأن هذا العمل الإرهابي قد تم إقراره من قبل المجلس الأعلى لقادة النظام في ظروف حساسة جدا في العام الجاري هذا. 
ومن هنا يمكن القول بأن انعكاس الأخبار المتعلقة بهذه القضية على مستوى العالم قد وضع ختم الانتهاء على فصل التماشي وتبادل المصالح والتعامل بين اوروبا والملالي. ذاك الفصل الزمني الذي جال فيه الإرهاب الحكومي لنظام الملالي تحت غطاء الدبلوماسية في المنطقة والعالم وحتى في النقاط البعيدة عن نظام الملالي مثل الأرجنتين. ذاك الفصل الذي تم فيه غض نظر الدول الغربية عن الجرائم ضد الإنسانية والانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان من قبل هذا النظام الإرهابي بشكل كامل.  ولكن انتفاضة الشعب الإيراني وخروج أمريكا من الاتفاق النووي في ٨ مايو شكل ضربة استراتيجية لسياسة التماشي. آلة إرهاب الملالي التي قادها هذه المرة دبلماسي النظام الرسمي اسد الله اسدي قد دقت ناقوس الخطر لدى سياسة وأمن اوروبا وأظهرت علائم المرحلة النهائية لنظام الملالي في مكان واحد وعاجلا أم أم آجلا سوف يتم فتح قضايا وملفات الإرهاب الخاصة بنظام الملالي. لقد بدأ عهد التعامل بحسم مع ارهاب الفاشية الدينية الحاكمة في إيران وانتفاضة الشعب والمقاومة في مرحلة التقدم وسقوط نظام الملالي حتمي. 
إن استمرار الانتفاضة ودعم أمريكا لاعتقال الإرهابيين وتسليم الإرهابي أسدي للمحاكمة هما العاملين الذي كفلا عدم عودة الظروف لسابق عهدها. لذلك من المتوقع فتح ملفات وقضايا هذا النظام الواحدة تلو الأخرى مما سيؤدي إلى استصدار أحكام ملزمة دوليا ضد قادة النظام. هذا هو إنذار خطير حقيقي ضد هذا النظام الإرهابي.
الإرهاب هو أحد عوامل بقاء هذا النظام وهذه الحقيقة قالتها المقاومة الإيرانية في شرح طبيعة هذا النظام منذ اليوم الأول. ولكن ما هو مثير للاهتمام هو مواقف النظام في خصوص الاعتقال ومحاكمة دبلماسيه الإرهابي حيث قام النظام بإنكار ونفي القضية بتاتا. ولكنه يعلم أنه حتى فيلم تسليم القنبلة بين الدبلماسي الإرهابي المعتقل وعملائه هو في يد الشرطة كما أن اعترافات الإرهابيين وتاريخهم وسجلهم الحافل لسنوات هو موجود أيضا بحوزتهم. 
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
Abdorrahman.m@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…