العمال الإيرانيون ضحايا نظام الملالي

بقلم: هدى مرشدي*
العمال الإيرانيون هم من الطبقات الإيرانية المحرومة والمظلومة التي ازدادت ظروفهم سوءا عاما بعد عام ويوما بعد يوم بشكل أكبر منذ بداية وصول الحكومة الدكتاتورية لولاية الفقيه إلى السلطة في إيران حيث تبدلت ظروفهم اليوم إلى أزمة حقيقية. إن العمال الذين أصبحوا بلا عمل أو مستقبل بسبب انهيار ورش العمل وسوء إدراة وزراة العمل من جهة،
وأجورهم التي تدنت بشكل كبير تحت خطر الفقر من جهة أخرى ما هو إلا علامة عن جرس تنبيه للنظام الآيل للزوال. 
حيث أن العديد من الاحتياجات الإنسانية مثل التغذية السليمة والتعليم والصحة والسفر وغيرها …أصبحت أحلام الرفاهية غير قابلة للتحقيق بالنسبة للعمال. 
العمال الإيرانيون مجبورون على تحمل القيود المؤلمة من أجل حصولهم على احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء واللباس وغيرها. الحكومة ليست مستعدة حتى لمراعاة قانون العمل الخاص بتعيين أجور العاملين بحيث يؤمن هذا الأجر الاحتياجات الأساسية لكل عائلة. 
التطاول والتعدي على أجور العمال لا ينتهي بتعيين الأجور تحت خط الفقر بشكل متدني جدا فقط بل الحكومة حاولت باستمرار خفض تكلفة العمالة بمقدار الثلث تقريبًا من الحد الأدنى للأجور الحالية من خلال اقتراح واعتماد لوائح مثل خطة التدريب المهني ومشاريع تخرج الأستاذة والماجستير للطلاب، والتي تأتي تحت ذرائع مثل الازدهار الاقتصادي وخلق فرص العمل، على الرغم من حقيقة أن الأجر الحالي هو جزء بسيط لايذكر من سعر البضائع النهائية والخدمات.
التطاولات والتعديات الحكومية على معيشة العمال تستمر من خلال اختيار تأمين العامل من قبل صاحب العمل وإدراجه في الخطط والقوانين المذكورة أعلاه بشكل مستمر. 
وفقا للجنة الأجور في المجلس الأعلى للعمل، فإن سلة معيشة العمال هي أربعة ملايين و 800 ألف تومان. وفي الوقت نفسه، يبلغ الحد الأدنى للأجر الشهري للعمال مليون و 115 ألف تومان.
أحد وكلاء النظام في شؤون المجالس تحدث لوكالة أنباء ايلنا قائلا: “حتى تاريخ ٢٨ سبتمبر فقدت أجور العمال ٩٠ % من قدرتها الشرائية بمعنى أدق إذا قارنا القدرة الشرائية لأجور العمال في 28 سبتمبر مع نفس المكون في نهاية مارس 2019، سيرتسم لدينا مخطط بياني بانخفاض بنسبة ٩٠%. انخفاض لايبدو أنه سيعوض خلال عدة أشهر قادمة حتى ولو حصلت معجزة ولوانخفضت قيمة الدولار لمدة ما مقبولة “.
ووصف هذا الوكيل وبكل وقاحة هذا الوضع بالاقتصاد المتأرجح وتوقع أن هذا الانخفاض في القوة الشرائية للأجور أو فقدان أجور القوة العمالية لقيمتها ، سوف يستمر إلى الأبد.”
أصحاب العمل عادة ما يبررون معارضتهم على زيادة الأجور بحجة “آثار التضخم”. العميل المذكور أعلاه يقول إن الادعاء بأن الأجور يوقع الإنتاج في خطر ليس صحيحا أبدا كما أن آثار التضخم يجب البحث عنها في أماكن أخرى من قبيل الفلتان وعدم وجود رقابة فعالة. عدد من المصنعين التابعين للنظام نسبوا ارتفاع أسعار المواد الغذائية بارتفاع قيمة المواد الأولية المستوردة وتقلبات العملة وعنونوا أن ذلك هي نتيحة للعقوبات الأمريكية الجديدة بعد خروج أمريكا من الاتفاق النووي. 
وفقا لتقرير موقع البرلمان الإعلامي، اتهم المتحدث باسم لجنة الصناعة والمعادن مركز الإحصاء قبل شهرين بإطلاق الأكاذيب الصارخة وطالب المسؤولين بالابتعاد عن إطلاق الإحصائات. 
واحتجاجا على الاحصائات التي أوردها مركز الإحصاء قال : ” لو كان المسؤولون موجودين بين الشعب سوف يرون بأن شرائح المجتمع الدنيا هم بأشد الحاجة لذا يمكن ملاحظة ٤٠ % من التضخم في سفرة طعام الشعب الإيراني. 
في حال ارتفاع قيمة الأجور التي تمت الموافقة عليها في شهر سبتمبر ولكن لم تطبق حتى الآن بشكل عملي سيصل الحد الأدنى للأجور لحدود ٢ مليون و ٢٠٠ ألف تومان إيراني في حين أن الحد الأدنى لاحتياجات عائلة واحدة لكي تتخطى خط الفقر هو ٥ حتى ٧ ملايين تومان إيران. 
قبل هذا تحدث الاقتصادي وحيد شقاقي والاستاذ في جامعة خورازمي في بيان له قائلا بأن القدرة الشرائية للشعب الإيراني انخفضت بمقدار ٨٠ % وقال أيضا : ” إذا لم يؤثر أي عامل مدمر آخر على اقتصاد البلاد يبقى هناك عشر سنوات لتعود القدرة الشرائية للشعب الإيراني كما كانت في عام ٢٠١١ “.
قيمة العملات هي أحد أهم المتغيرات الاقتصادية وهذا المتغير يملك أهمية إلى حد أنه يستطيع إيجاد أزمة حقيقية في البلاد بشكل غير محسوس ومن الممكن أن يكون مدمرا أكثر حتى من حرب عسكرية في بعض الأحيان. 
قيمة بعض البضائع الأساسية ارتفعت بنسبة ٥٠ حتى ١٠٠ % . النقابات العمالية تطالب برفع أجور العمال فوق ال ٥ مليون تومان إيراني .
وفقا لتقديرات السيد هانكي خبير اقتصادي في التضخم واستاذ جامعة” جونز هابكينز ” فإن التضخم الرسمي في إيران في عام ٢٠١٨ سيستمر في الصعود. وهذا الرقم وصل لذروته في تاريخ ٢٤ يونيو أي ١٤٧ %. 
لذا يمكن بسهولة رؤية انخفاض القدرة الشرائية والوضع المعيشي للشعب الإيراني تحت خط الفقر. 
السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية خلال رسالة لها حيت التجار المضربين وقالت: 
” طالما الملالي باقون في السلطة فإن الغلاء والركود والفقر سيستمر. السيدة مريم رجوي وصفت أيضا الإضراب الشامل للتجار وسائقي الشاحنات الثقيلة بأنه جزء من انتفاضة الشعب من أجل إسقاط النظام والوصول للحرية والعدالة الاجتماعية وقالت بأن نظام الملالي قام بصرف جميع أملاك وثروات الشعب الإيراني على القمع وتصدير الإرهاب والحروب الخارجية بدلا من صرفها على ازدهار الاقتصاد ورفاهية الشعب الإيراني أو قام الملالي الحاكمون بسرقتها ووضعها في جيوبهم.” 
رسالة الشعب الإيراني باختصار هي إسقاط الدكتاتورية من أجل إحلال حكومة ليبرالية عادلة تعترف رسميا بحقوقهم وحريات الشعب الإيراني. إن ما أعلنه العمال الإيرانيون ومن بينهم عمال معمل هفت تبه لقصب السكر بأنهم سيناضلون ويقاومون حتى آخر نفس ما هو إلا انعكاس عن الشجاعة الوطنية التي أشعلت الغضب اللامتناهي في المجتمع ولم يثنها القمع والجوع عن إرساء أسس الحرية. 
*كاتبة ايرانية

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…

عبد الجابر حبيب ـ ذاكرة التهميش ومسار التغيير بعد عقدين من اندلاع الأزمة السورية، وتحوّلها من انتفاضة مطلبية إلى صراع إقليمي ودولي، ما زال السوريون يتأرجحون بين الحلم بوطن حر تعددي عادل، وبين واقع تمزقه الانقسامات، وتثقله التدخلات الأجنبية والمصالح المتضاربة. سوريا اليوم لم تعد كما كانت، لكن السؤال يبقى: إلى أين تسير؟ وهل ثمة أمل في التحول نحو…

حوران حم في زوايا الحديث السوري اليومي، في المنشورات السريعة على مواقع التواصل، في تصريحات بعض “القيادات” ومواقف فصائل تدّعي تمثيل الثورة أو الدولة، يتسلل الخطاب الطائفي كسمّ بطيء، يتغلغل في الروح قبل أن يظهر في العلن. لم تعد العبارات الجارحة التي تطال الطوائف والأقليات، والمناطق، والمذاهب، تُقال همساً أو تُلقى في لحظة غضب، بل باتت تُصرّح جهاراً، وتُرفع على…

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…