الشبان الإيرانيون انتفضوا ضد نظام الملالي.. نظرة لخطاب الولي الفقيه الأخير فيما يتعلق بوضع النظام

بقلم عبدالرحمن مهابادي*
يوم ٤ اكتوبر تقدم خامنئي بخطاب لمؤيديه مليئ بالتباهي بالقدرة الزائفة والذي لا تذكرنا سوى بخطابات هتلر السابقة وأظهر مدى خوفه وذعره من الانتفاضة في عمليتها التوسعية ومن العقوبات الدولية.
تركيز خامنئي في خطابه كان على فئة الشباب حيث وصفهم بـ”الانحراف” وبأنهم “مشكلة المجتمع” وقال: “العيب الحقيقي هو أن شبان البلد يعتقدون بأنه ليس هناك طريق للحل سوى اللجوء للمقاومة “. الحقيقة هي أن انتفاضة الشعب الإيراني أظهرت أن الشبان الإيرانيين غير مرغوب فيهم من قبل الملالي. هم ثوريون ويفكرون في طريق لخلاص شعبهم ووطنهم من حكم الملالي الأسود. 
هم انتفضوا انتقاما لدماء السجناء السياسيين بفضل الانتفاضة وحضور المقاومة بين الشعب وبفضل تأثير دماء الشهداء وذلك على الرغم من عمليات شيطنة المعارضة التي يقوم بها النظام وعلى الرغم من مساعي الملالي لمحو أي أثر للشهداء وللمعارضين في إيران وانتفضوا ضد استمرار القمع والتعذيب وإعدام أبناء إيران ونهب وسرقة أموال الشعب على يد الملالي الحاكمين وعقدو العزم على إنهاء هذا النظام الفاسد. هم رواد انتفاضة الشعب الإيراني ويمضون ضد حكم الملالي لتغيير المجتمع الحالي. هؤلاء الشبان نظموا الآن وازدادوا توسعا داخل قالب معاقل الانتفاضة وهذه هي الحقيقة التي أجبرت خامنئي على الظهور للمشهد ويؤكد اعترافا بها. الحقيقة هي أن الشبان الإيرانيين قد انخرطوا جيدا في الانتفاضة ضد الدكتاتورية وهذا الأمر هو ما أغضب وأخاف الولي الفقيه. 
علي خامنئي قدم إلى المشهد مع جمع من مناصري ومؤيدي ولايته ليقول بأننا مازلنا هنا ولم نسقط بعد! فهو أخطأ بالحسابات مثلما فعل هتلر سابقا وتحت قدميه في المكان الذي تحدث فيه ووقف فيه كان مهتزا للغاية ولن يمضي وقت طويل حتى يتغير المشهد بشكل كلي وهذا ما سيشهد به كل مراقب محايد ذو معرفة وعلم بأن التباهي بالقدرة الزائفة التي يقوم بها الدكتاتور خامنئي ماهي سوى زجاج وبلور هش سهل الكسر. 
خامنئي اعترف بأن الشبان الإيرانيين لم يعودوا يريدون هذا النظام وبأنهم التحقوا بصفوف للمقاومة الإيرانية. خامنئي ادعى كذبا أن الشبان هم “المحرك الدافع للأمام في النظام” ولكن لم يقل أن جميع شؤون البلاد والنظام في يد شخص هو من ألد أعداء هؤلاء الشبان وألد أعداء إيران والإيرانيين. خامنئي لم يقل بأنه أعدم وذبح عشرات الآلاف من شباب هذا الوطن خلال أربعة عقود من حكم الملالي الظلامي. موجة غير مسبوقة من عمليات إعدام الشباب، تتغير كل ساعة وبشكل يومي. خامنئي قال بأنه يواجه انهيارا في صفوف مؤيديه. هذا اعتراف آخر واضح على انهيار النظام، خامنئي على خطى سلفه كرر كلام خميني ذاته بأن عدونا ليس أمريكا بل هم أنفسهم المجاهدون الذين ينشطون في داخل إيران. 
خامنئي لم يخف أبدا أن بقايا نظامه كانت تواجه “طرقا وعرة” و”مطبات وحواجز” وأنها بحاجة إلى “اندفاع فكري وعملي” ولكن “مسؤولي نظامه هم في حالة التعب والإرهاق وفقدان المعنويات”. خامنئي تحدث عن إنجازات الإيرانيين في مجال العلم والفلسفة والسياسة وفنون الرياضة ولكنه لم يتحدث بأن “العقول الإيرانية” اجبرت غصبا على مغادرة إيران تحت حكم الملالي وتوجهت للبلدان الأخرى. ومن بقي منهم ولم يكن قادرا على مغادرة إيران تم سجنهم وإعدامهم أو أسرهم في براثن هذا النظام الأصولي. 
خامنئي قال : “نحن لدينا مشاكل اقتصادية لدينا اقتصاد النفط الذي يعتبر بحد ذاته عيبا اقتصاديا . ليس لدينا ثقافة التقنين”. لن يكون هناك كلام أوضح من هذا يعترف فيه خامنئي بانكساره وفشله أمام العقوبات المميتة والتي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ اعتبارا من الشهر القادم ضد هذا النظام وكذلك يهدد فيه الشعب الإيراني بالقمع الشديد في الأيام المقبلة. 
خامنئي تحدث عن الفقر والوضع المعيشي للشعب ولكنه لم يتحدث عن ما يمتلكه هو ومسؤولو نظامه من ثروات نهبوها من أموال الشعب الإيراني ولم يتحدث أبدا عن المسافة التي وصلت إليها الفاصلة ما بين “الأقلية الحاكمة والأكثرية المحرومة”. 
خامنئي قال أيضا: “المعارضون يستخدمون أدوات الإعلام للتأثير على الرأي العام. أداة الإعلام هي أداة مهمة وخطيرة إذا وقعت بيد العدو” لكنه لم يشر إلى آلاف وسائل الإعلام الحكومية مقارنة بوسائل إعلام المعارضين والتي تعد على الأصابع. هذا هو ما يعني المواجهة الغير متساوية ولكنها مواجهة مشروعة ومنتصرة حيث أن وسائل إعلام المقاومة جعلت آلاف وسائل إعلام النظام بدون أي تأثير يذكر والآن لا يقف صوت الشعب الإيراني فقط بل صوت العالم كله إلى جانب الشعب والمقاومة الإيرانية. هذه هي لوحة من الوضع الإيراني الحالي المنتفض ضظ الحكام الغير إيرانيين. لوحة عن عدم شرعية نظام دكتاتوري في وجه مقاومة أن ترتبط بشعبها عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام . 
خامنئي يعلم بنفسه قبل الجميع بأن الخطابات والأحاديث لن تداوي جرح هذا النظام الساقط حيث في النهاية أوعز لبسيجه وقوات حرسه بـ “إطلاق النار حيثما كان ضروريًا”. 
لذلك فإن المواجهة النهائية والقريبة لن تكون إلا بين الشعب ومراكز التمرد ضد دكتاتورية خامنئي والنار جوابها النار. 
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
Abdorrahman.m@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…

عبد الجابر حبيب ـ ذاكرة التهميش ومسار التغيير بعد عقدين من اندلاع الأزمة السورية، وتحوّلها من انتفاضة مطلبية إلى صراع إقليمي ودولي، ما زال السوريون يتأرجحون بين الحلم بوطن حر تعددي عادل، وبين واقع تمزقه الانقسامات، وتثقله التدخلات الأجنبية والمصالح المتضاربة. سوريا اليوم لم تعد كما كانت، لكن السؤال يبقى: إلى أين تسير؟ وهل ثمة أمل في التحول نحو…

حوران حم في زوايا الحديث السوري اليومي، في المنشورات السريعة على مواقع التواصل، في تصريحات بعض “القيادات” ومواقف فصائل تدّعي تمثيل الثورة أو الدولة، يتسلل الخطاب الطائفي كسمّ بطيء، يتغلغل في الروح قبل أن يظهر في العلن. لم تعد العبارات الجارحة التي تطال الطوائف والأقليات، والمناطق، والمذاهب، تُقال همساً أو تُلقى في لحظة غضب، بل باتت تُصرّح جهاراً، وتُرفع على…

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…