الحرب الأهلية الكوردية و البارزاني و جيش صدام

الأمازيغي: يوسف بويحيى
كثيرا ما لفتت إنتباهي بعض الردود التي أقرؤها عند بعض الناشطين بخصوص موقف أهالي منطقة “السليمانية” في شخص البارزاني و قصته مع جيش “صدام” ،مع العلم أن عائلة الطالباني دائما ما تبرر خياناتها لكورد السليمانية بأنه إنتقام و رد الصاع صاعين للبارزاني على تلك الحرب الدامية سنة 1994 بين اليكتي و البارتي.
هنا أريد أن أوضح و أضع جميع من يهمه الأمر أمام الواقع و الحقيقة ،لهذا لابد من ذكر الأسباب الأساسية التي أدت إلى هذه الحرب و إسقاط الأعذار الوهمية و الواهية التي يتحجج بها “جلال طالباني” ،إضافة إلى وضع النقاط  على حروف دوافع تدخل جيش “صدام حسين” لصالح البارزاني.
صراحة أن “جلال طالباني” كان يكذب و لم ينطق أي كلمة حقيقية في جميع تصريحاته بخصوص هذه الحرب ،بينما كل ما قاله كان فقط لتبرير تورطه الفعلي في هذا الإعتداء الغير المقبول أخلاقيا و وطنيا و قوميا ،حبث لا يركز الطالباني إلا على وترين حساسين لتأجيج عاطفة الكورد تجاهه ،الأول فساد البارتي المالي و ثانيه جلب جيش “صدام” لكوردستان.
إن مسألة الفساد المالي بخصوص مداخل المعابر الحدودية بين كوردستان و سوريا كانت تتم بتسيق مع قوات جيش صدام و البارتي ،بالمقابل أن المعابر الحدودية بين السليمانية و إيران تتم بتنسيق قوات اليكتي و صدام حسين ،وهذه الذريعة كذبها صدام في أكثر من مرة و حمل المسؤولية الكاملة لجلال الطالباني ،بمعنى أن هذا المبرر السخيف من طرف “اليكتي” غير مقبول و كاذب و غير صحيح.
إن الحقيقة التي أدت إلى هذه الحرب كانت بوادرها تظهر منذ 1992 أي بعد إجراء أول إنتخابات ناجحة في كوردستان ،هناك بدأت إيران فعليا تفكر في القضاء على البارتي و البارزاني بالذات ،تلت هذه الإنتخابات العديد من الصراعات الداخلية بين اليكتي و البارتي ،تنازل من خلالها البارزاني على مكاسبه السياسية الإنتخابية لجلال طالباني تفاديا لسفك الدم الكوردي ،لكن هذا كله لم يقنع إيران و الطالباني المصاب بالغرور و مرض التملك ،فكانت الخطوة الثانية هي طبخ مكيدة ذات مفعول قوي يمكن لها أن تسقط البارزاني من المشهد السياسي و القيادي ،على إثرها جرى الإتفاق بشكل مدروس في “دمشق” بين كل من رجال نظام إيران و سوريا و تركيا و كورديا “جلال طالباني” و “العمال الكوردستاني” و “الشيخ ألي”””” و “حميد حجي درويش” بمباركة فرنسية و بريطانية.
كان هذا المخطط يهدف إلى إبتلاع إيران لمنطقة السليمانية بإتجاه منطقة هولير لصالحها ،مع العلم أن نقطة إرتكاز و بدء هذا المشروع اللعين كان منطقة السليمانية ،فما كان للسيد “جلال طالباني” إلا أن يحشد جنوده و الحرس الثوري الإيراني و العمال الكوردستاني و ميليشات سورية الأسدية في جبهة واحدة ليبدأ بالهجوم على مواقع بيشمركة البارزاني ،أي كما فعل في أكثر من مرة في عهد الزعيم الراحل “مصطفى البارزاني” ،من خلال هذا الهجوم إستطاع “الطالباني” أن يجتاح “هولير” متجها إلى أماكن مقرات البارتي و منبع الثورة و البارزاني حسب ماهو مرسوم و مخطط له في “دمشق” و “طهران” بموافقة “أنقرة”.
كان “صدام حسين” يراقب الأمر بهدوء تام إلى أن إكتشف أن المسألة ليست كوردية كوردية ،بل هو مخطط خارجي إقليمي يشكل تهديدا لأمن العراق و سيادته ،تزامن ذلك مع إتصالات البارزاني المكثفة مع “صدام” يؤكد له أن الأمر خطير سواء على كوردستان و على العراق عموما ،أنذاك قرر “صدام” أن يتدخل بشكل سريع و مباشر دفاعا عن الأراضي الكوردستانية (العراقية) و سيادة العراق من التدخل الإيراني بعد إعطائه أمريكا الضوء الأخضر،
إستطاع جيش “صدام” بالتنسيق مع بيشمركة البارزاني هزيمة القوات الإيرانية المتمثلة في الحرس الثوري الإيراني و بيشمركة “الطالباني” المغرر بها و قوات العمال الكوردستاني و ميلشيات سورية الأسدية…،حيث تم إخراج هذه القوى من “هولير” و ملاحقتها إلى حدود السليمانية ،أنذاك و على الحدود توقفت بيشمركة “البارزاني” رافضة دخول السليمانية كي لا يحسب عليها أنها إجتاحت منطقة كوردستانية و شعبها ،بينما جيش “صدام” أصر على دخولها لملاحقة كتائب الحرس الثوري الإيراني و السوري لتحريرها من التدخل الأجنبي ،وهنا أكيد جيش “صدام” إرتكب جرائم بحق كورد السليمانية المدنيين لكن كل اللوم كان على “جلال طالباني” الذي كان ذريعة لذلك و تسبب في قتل أهالي “هولير” و “السليمانية”.
ومن باب الحقيقة و التواضع أتحدى جميع من يتهم “البارزاني” بشيء من هذا القبيل أن يأتي لي بدليل واحد يثبت تورطه في الحرب و الهجوم ،وللعلم فقط و إستنادا على التاريخ الملموس يؤكد أن “البارتي” منذ تأسيسه من حقبة “مصطفى البارزاني” إلى “إدريس البارزاني” إلى “مسعود البارزاني” لم يهجم قط على “اليكتي” عسكريا ،وأتحدى كل من الإنس و الجن على أن يأتوا لي بدليل و حدث تاريخي واحد يثبت تورط البارزاني بهكذا خرقات لا أخلاقية ،ولن تجدوها.
إن أهالي السليمانية الكورد الأقحاح يعلمون جيدا الحقيقة كما يعرفون جيدا معدن “جلال طالباني” ،ويحملون له المسؤولية على كل ما جرى منذ تسلطه على منطقة السليمانية بدعم إيران و سوريا و بريطانيا دولة “سايكس بيكو” الخبيثة ،ومازالوا يتذكرون كذلك ثورات الزعيم “الشيخ محمود الحفيد” وكيف تمت خيانته من طرف “إبراهيم أحمد” صهر جلال الطالباني و أب “هيرو خان” الذي تواطأ مع بريطانيا و طعن النهضة و الثورة الكوردية من الخلف ،حينها كانت السليمانية تلقب بعقل الثورة بينما حولها “الطالباني” الآن إلى جامعة خريجي الخيانة.
لا أعلم كيف يفكر هذا الكوردي الذي يحاول إخفاء و طمس الحقيقة و التغطية على إجتياح طالباني لمنطقة “هولير” طولا و عرضا ،ولا يضع أمام عينه فقط إلا نقطة خاطئة هي ان البارزاني جاء بجيش “صدام” لكوردستان ،مع العلم أن بيشمركة “البارزاني” لم تدخل السليمانية أبدا واقفة على حدودها الرسمي عكس ما فعله “الطالباني” في هولير و لأهل “هولير” ،ولم يتساءل هذا الكوردي يوما عن قصة تواجد الحرس الثوري و العمال الكوردستاني و الكتائب العلوية الأسدية في جبهة “جلال طالباني” رغم أنها قوى لا علاقة لها بالعراق نهائيا ،بينما كل تركيز هذا الكوردي على جيش “صدام” الذي تربطه مع البيشمركة الكوردستانية (اليكتي،البارتي) إتفاقيات دستورية حفظ الأراضي العراقية من أي تدخل أجنبي.
صدقا العقلية الكوردية التي تؤمن بأشخاص مثل “جلال طالباني” و “اوجلان” و “شيخ ألي” و “حجي درويش” هي عقلية مثقوبة للأسف.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…