صك «الاستسلام» في ادلب؟

أكرم حسين
قد يكون الوصف الأكثر «دقة» للمنطقة التي دُشِّنت فيها الاستعدادات للهجوم على ادلب  واستعادتها من الفصائل المسلحة التي  رفضت التسويات والمصالحات مع الروس هو «الخوف والذعر» وقد اسست هذه الاستعدادات لمرحلة جديدة عنوانها الابرز الاصرارْ على مواجهة النظام وحلفائهِ حتى الموت! واصرار من الجانب الاخر على استعادة ادلب والدخول الى مركز المدينة والقضاء على كل القوى «الارهابية»، لكن بعد توصّل الرئيسان، التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، في لقاء القمة الذي جمعهما في مدينة سوتشي الروسية، إلى اتفاقٍ للحفاظ على منطقة خفض التصعيد في إدلب، ومنع هجوم عسكري عليها، وانشاء منطقةٍ منزوعة السلاح. عاد الهدوء إلى الشارع السوري، وخرجت التظاهرات بعد تقلّص الحواجز الأمنية وازالة المتاريس.
 رغم ما يجري من استسلامات قدرية من قبل النظام والمعارضة لداعميهم الاقليميين والدوليين وتمكّن الروس من تسويق الاتفاق لدى إيران والنظام السوري، فإن أبرز التحديات التي تواجه تنفيذ هذا الاتفاق هي المتعلقة بالجانب التركي، ومدى قدرته على تَسويقْ الاتفاق، ودفعْ بعض الجماعاتِ المتشدّدة الموجودة في إدلبْ إلى تنفيذهِ. وخاصةً تلكَ التنظيمات التي يُمكنْ أنْ تُشَكِلْ عقبةً أمام تنفيذْ الاتفاق، وأهمها هيئة تحرير الشام، وحرّاس الدين، والحزب الإسلامي التركستاني (الإيغور) والتي اعلنتْ على الملأْ رفضها الاتفاق مما يضعُ تُركيا امامَ تحدياتٍ حقيقيةٍ للإيفاءِ بالتزاماتها حتى لو اقتضى الامر استخدام الحل العسكري.
وفي كل الأحوال، لا يمثل الاتفاق تحولاً في مسارِ الأوضاعِ في سوريا، ولا يُشكّل منعطفاً سياسياً للحل، بل مخرجاً جنّب محافظة إدلب، معركةً داميةً، ريثما تتضحُ صورةُ التفاهمات الإقليميةِ والدوليةِ حول قضايا الحل النهائي في سوريا، وكيفية الوصول إليها. فالعملية الرئيسية الجارية حالياً هي تشّكيل اللجنة الدستورية التي يُحاولُ المبعوثُ الدولي تشذيبها، وتطعيمها   بعناصر تسدُ رمقَ النظامِ وحلفائهِ ، ويَكمُن امتحانُ القوى السورية والدولية المعارضة في إفشال هذه العملية، وعدم منحها أي شرعية.  
لكن رغم مرور سبع سنوات على اندلاع الثورة السورية، فإن صانع القرار الأميركي، لم يتمكن بعد، من إقناع نفسه بضرورة أن يتبنى سياسة متكاملة تجاه سوريا، وان يشارك بفعالية في رسم مستقبلها، فاللامبالاة الأميركية، لم ترتبط بطبيعة الإدارة الحالية على الرغم من الاختلاف الجزئي في لهجتها، لكن جوهر السياسة الأميركية تجاه الملف السوري لم يختلف منذ اليوم الأول وحتى هذه اللحظة.
———————————-
نشرت في زاوية نوافذ – صحيفة كوردستان العدد 593 تاريخ 1-10-2018

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…