إدريس سالم
يملك “فؤاد حسين” كغيره من القادة والساسّة الكورد، انتماءين سياسيين، انتماء وطني وآخر قومي، هذا الرجل الذي كان يعمل دون أيّ كلل أو ملل مع الكثيرين في كواليس الإدارة الكوردستانية، يؤمن بالتعدّدية السياسية والاستقلالية الكوردية، ترشيحه لتولّي منصب الرئيس في الجمهورية العراقية لا يعني أن هناك انقساماً سياسياً وشرخاً في مطالبة حقوق الكورد الدستورية والشرعية، بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، طالما أن هناك قيادة كوردية حكيمة تعمل بكلّ أكاديمية ودبلوماسية، فلن يصل المُعابون والطاعنون في الكرامات والباحثون عن ملذّات الشهرة والأضواء والنفوذ إلى غاياتهم المفلسة الفارغة.
يتمتّع “فؤاد حسين” بعلاقات متوازنة وحكيمة مع غالبية الأحزاب الكوردستانية، وبشبكة واسعة من العلاقات الفاعلة مع الأحزاب والقادة السياسيين العراقيين، السنّة منهم والشيعة، التقى بعدد كبير من رؤساء دول العالم، ومع أغلب ملوك دول الخليج، ومسؤولين إيرانيين وأتراك، والدول الأوروبية، ورؤساء ووزراء أمريكيين، وكذلك مع قادة روسيا. له تواصل عميق ومؤثّر مع الإعلاميين والدبلوماسيين، ومشاركته في صنع القرار من قبل أحد صنّاع القرارات والسياسات في إقليم كوردستان، سيؤدّي حتماً إلى حلّ الكثير من المشاكل العالقة بين هولير وبغداد.
إن ترشيح الرئيس والبيشمركة “مسعود بارزاني” لشخصية سياسية أكاديمية كفؤاد حسين، يعني وجود طاقم عمل كوردستاني قويّ في بغداد، وقد يكون لمصلحة العراق أيضاً، لو أراد طاقم الحكم العراقي الجديد محاربة الفساد والفاسدين، والتقرّب من الهمّ العراقي المتفشّي في الشارع وفوضى الملفات العراقية الحسّاسة في المحافل الدولية، وأن يكونوا من صنّاع القرار، لا من منفّذي القرارات الصادرة من الجهات الإقليمية والدولية المشبوهة، التي همّها الأول والأخير مصالحها وتدمير كلّ ما هو مأهول وآمن.
حزب الديمقراطي الكوردستاني كان ولا يزال رقماً صعباً في أيّ معادلة سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، وسيبقى من دُعاة وحدة الصفّ الكوردي، في جميع المواقع والمجالات، وليس فقط بالنسبة لمسألة رئاسة الجمهورية العراقية، الحزب الذي له قناعات وأهداف إستراتيجية مستقبلية، إذ يرى أن هذا الموقع من نصيبه، فالاتحاد الوطني شغل هذا الموقع لمدّة ثلاث عشرة سنة، وفشل في حلّ القضايا العالقة بين هولير وبغداد، ثم أن الاستحقاق الانتخابي للبارتي يطلب أن يكون ممثله في موقع الرئاسة، والذي يؤمن بأن ممثلي الإقليم يجب أن يكونوا في بغداد بقوّة وحنكة سياسية، والشخص الذي يتسلّم هذا الموقع يجب أن يكون شخصاً من أصحاب القرار في إقليم كوردستان.
برهم صالح، الذي ابتعد عن حزبه لأجل منصب، وعاد إليه للسبب ذاته، ربّما لن يتمكّن من الفوز برئاسة العراق، فالمؤشّرات الإعلامية والدبلوماسية تشيرّ إلى أن فرصة تعثّره كبيرة، وإن لم ينجح فسيُحرم من “الجامع والدير”، كما يقول المثل الكوردي، وسيخسر الاتحاد الوطني الكوردستاني قيادات رفيعة المستوى وقديمة النضال، القيادات التي وقفت ضدّ المجموعة المتحكّمة بالحزب، وهذا ما يضع أصحاب “مشروع 16 أكتوبر” في كركوك أمام مفترق طرق، ليقع الاتحاد الوطني في دوّامة صراع مرتبك، بين نفور داخلي وأوامر خارجية فوق طاقته.
من مصلحة بغداد تأييد مرشّح الحزب الديمقراطي الكوردستاني “فؤاد حسين” لرئاسة الجمهورية العراقية، لأنه سيحفظ الدستور من الخرق، ويوطّد العلاقة بين بغداد وهولير، ولو مؤقّتاً، وقادر على حلّ القضايا العالقة والمعقّدة بفعل فاعل ارتكبه عن سابق إصرار وترصّد، خاصة وأن بغداد ستتعامل مع مَن يملك القرار في إقليم كوردستان، فطاقم الحكم العراقي الجديد يدرك جيداً أن التعامل مع “جنولوجيا” المال والسلطة يعني تفعيل استفتاء الاستقلال بشكل عملي.
ويبقى السؤال الأهم “بعد مشروع الاستفتاء الناجح الذي قاده ذاك الرجل الذي يبلغ ثروته 48 مليون كوردي: هل بغداد لها مصلحة مع هولير، أم هولير مصلحتها مع بغداد؟!!”، وسط تصريح سياسي حادّ من رئيس حكومة إقليم كوردستان “نيجيرفان بارزاني” يقول فيها “لا نجاح لأيّ اتفاق في بغداد دون الديمقراطي الكوردستاني”.
متى نحن – أبناء غربي كوردستان – سنصل إلى هذه المرحلة من الانتخابات والمنافسات وتقديم مرشّحينا، فندافع عن عفرين وكوباني وقامشلو، وبشرها وشجرها وحجرها؟ هو سؤال مُحيّر وحيوي وضروري، أطلقه “شيركو مستو” أحد المناضلين الشباب النزيهين من أبناء غربي كوردستان، على صفحته في الفيس بوك، فيما يتعلّق بتنافس الأحزاب والقوائم الكوردية في إقليم كوردستان، على منصب رئاسة الجمهورية العراقية، الذين أثبتوا أنفسهم خلال نضالهم السياسي الطويل، فجعلوا العراق والعالم ينظر إليهم كقوّة سياسية كبيرة وفاعلة ومؤثّرة على الأرض، وفي مراكز رسم وصناعة القرار السياسي للعراق وإقليم كوردستان.