الحدث السلمي الأبرز في الشرق الأوسط

قهرمان مرعان آغا  
يعتبر استفتاء إقليم كوردستان في 25.أيلول .2017 على تقرير المصير , الحدث الأبرز في تاريخ الشعب الكوردي وفي تاريخ منطقة الشرق الأوسط  بعد الألفية الثالثة والذي تم بشكل حضاري لاختيار مستقبله السياسي وفق رغبته في البقاء ضمن العراق أو الانفصال عنه  , بعيداً عن الصراع والعنف لأسباب كثيرة , يأتي في مقدمتها  أسلوب الاقتراع السلمي الديمقراطي وفقاً لدستور الدولة الاتحادية العراقية لعام 2005 , بعد صراع مرير أمتد قرن كامل مع الحكومات وأنظمة الحكم العراقية المتعاقبة , حيث يعود التركيبة الإشكالية للدولة العراقية كما هي حال سائر أجزاء كوردستان إلى فترة انتداب المستعمر البريطاني وضمه لجغرافية كوردستان إلى الدولة الناشئة لأسباب متعددة في أولويتها نفط كركوك .
 كما جاء الإجماع الشعبي الكوردستاني العام على إجراء هذا الحق المشروع في مقدمة الأسباب الضامنة لإنجاحه تمثّل في دور القوى والأحزاب السياسية التي تقود العملية السياسية والتي اختارت الشراكة مع المكون العربي بعد سقوط بغداد/ 2003 , حيث تخللت مسيرتها النضالية الكثير من المحطات وفقاً لمشروعها السياسي , من الحكم الذاتي (الاوتونومي ) إلى الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكوردستان ومن ثم الفيدرالية والدولة الاتحادية .
مبدأ الحق في تقرير المصير :
لا جدال بأن هذا الحق مصان . لكل الشعوب الحق في تقرير مصيرها بنفسها وفقاً للتشريعات السماوية والقوانين الوضعية والعرف العالمي , و يعتبر إدراج هذا الحق في ميثاق هيئة الأمم المتحدة عام 1951 التزاماً قانونياً وأخلاقياً لمعظم الدول الأعضاء , مادام الأخذ  بهذا الحق يعود إلى الشعوب وهم أحرار في تحديد مسار مستقبلهم السياسي .
الدولة الاتحادية :  
المادة (116) من دستور العراق الاتحادي :
يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لا مركزية وإدارات محلية .
المادة (117)
أولاً : يقر هذا الدستور عند نفاذه إقليم كوردستان وسلطاته القائمة إقليماً اتحادياَ
المادة (130) كل استفتاء وارد في هذا الدستور يكون ناجحاً بموافقة أغلبية المصوتين ما لم ينص على خلاف ذلك .
بمعنى أن الدستور العراقي أعتبر سلطات إقليم كوردستان التشريعية والتنفيذية والقضائية منذ 1992 إقليماً اتحاديا (فيدرالياً) وبأثر رجعي .وهذا يعني بأن إقليم كوردستان قد أختار العراق الاتحادي ومن حقه التخلي عن هذا الحق عند قيام السلطة الاتحادية في بغداد بمخالفة الدستور أو عدم الالتزام ببنوده أو منع تحقيق أهدافه أو الحيلولة دون تحقيق العدالة من خلال  وقف سير الالتزامات الملحقة من خلال إصدار قوانين بموجب المواد الدستورية ,على سبيل المثال المادة (140) .
التوافق والديمقراطية :
في العراق الاتحادي , سواء كان شكل الدولة أو الدستور , كما أن توزيع السلطات والثروات  بين كوردستان وبغداد جرت في المبدأ على أساس توافقي وبإرادة حرة وبوجود ضامن هو سلطة الحكم الأمريكي , أما الديمقراطية الصورية التي تجري كل أربع سنوات في ظل العباءة الطائفية والعنصرية فهي فقط لزوم لعبة توزيع السلطة والحكم وليس تداولها كما يجري في سائر بلدان الشرق الأوسط  .
العراق وكوردستان :
على بغداد التَبصُر والتَيقن بأنها لن تكون بمأمن من المخاطر عندما تنجر إلى سياسات الدول الإقليمية المجاورة الغاصبة لكوردستان , بل الأخذ برغبة شعب كوردستان في حق تقرير مصيره بشكل سلمي والعمل على خلق بيئة  جارة حاضنة للسلم الأهلي والعيش المشترك   , لأن تطور القضية الكوردية في هذا الجزء الكوردستاني يختلف عن باقي الأجزاء  وقد بلغت استحقاقات الاستقلال مراحلها النهائية , عندما أجمع الشعب الكوردي على استرداد حقه في الحياة الحرة الكريمة  دون رجعة , رافعاً  بصمة الاستفتاء الممزوجة بالدم إلى الأعالي حيث علو تضحيات الشهداء و جبال كوردستان , فلا اكتراث من تكالب الأعداء بمقدار لزوم  دعم ومساندة الأصدقاء .
في 25. أيلول . 2018

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…