المجلس الوطني الكردي .. وحصانة الحقوق دستورياً

شادي حاجي 
 
لا شكّ أنّ حصانةَ حقوق الشعب الكردي في الدستور السوري القادم مسؤوليةٌ قومية وتاريخية ومسألة مهمة تستوجب العناية والبحث والنقاش وتستحق بذل الجهد والاهتمام الاستثنائيين كعمل وطني وقومي حتى تتحقق الفائدة.
على أن تكون هذه الحصانة خاضعة للتوافقات السياسية بين المكونات السورية ولا تخضع لتوجهات البرلمان وإجراءات التصويت عليها. الحصانة تكون «استثنائية» تجاه أي تغيير أو تعديل الذي قد يطال المواد التي ستتناول حقوق الشعب الكردي الدستورية وتفوق الحصانة التي تُعطى لغيرها من قواعد الدستور بحيث يجعل من محاولة تعديل أو تغيير أو إيقاف تلك المواد نتيجة تعديل الدستور أو تغييره أو تعطيله أمراً بالغ الصعوبة على السلطات الحاكمة إن لم يكن مستحيلاً، فبهذه العملية، إن صحّ التعبير، تصبح حقوق الشعب الكردي في سوريا بالنتيجة قواعد دستورية أكثرُ سموًّا من قواعد الدستور الأخرى والتي بدورها أسمى من القوانين العادية.
حيث أن طمأنة الشعب الكردي من خلال المجلس الوطني الكردي وممثليه في اللجنة الدستورية بوجود صيغة دستورية تحقق التوافق والرضا بعبارات وكلمات فضفاضة ومبهمة تحمل أكثر من تفسير بقصد إفراغها من المضمون الحقيقي دون تلك الحصانة لايكفي.
وإلا فلا يخفى على أي عاقل أن لا شيء يمنع من قيام الأغلبية في أي وقت باستغلال مسألة «الأغلبية والأقلية» العددية وإخضاع تلك المبادئ والحقوق للتصويت البرلماني أو الاستفتاء، وإجراء تعديلات على الدستور ونسف تلك الحقوق والمبادئ مجددًا. فالخوف من طغيان الأغلبية يتعلّق بالحاضر وبالمستقبل.
وهنا واستناداً لما سبق لا بد من وجود ضمانات في الدستور قادرة على تحصين وتجنيب تلك الحقوق والمواد، في حال اذا تمكَّن المجلس الوطني الكردي وممثلوه في اللجنة الدستورية من تثبيتها، من طغيان الأغلبية مهما كبرت حجمها وبلغت قوتها، لذلك يجب الحذر من أن يكون  التفويض الذي سيُمنح لأعضاء اللجنة الدستورية الذين سيُناط بهم وضع الدستور تفويضًا مطلقًا بل يجب أن تحدُّه اتفاقات وتوافقات سياسية محددة مسبقة قبل المباشرة بكتابة الدستور مع الأطراف السياسية الأخرى المشاركة بالعملية الدستورية تُلزمهم بأن يضمّنوا مسوّدة دستورهم مبادئ محددة لا تسمح لأي أغلبية قادمة باستبعادها من الدستور لاحقًا.
كما لا يجوز لها إدراج أية مواد أو أحكام اضافية تخالف تلك المواد والمبادئ التي اصطُلح على تسميتها «مبادئ فوق دستورية».
لاشك، وهذا لايختلف عليها اثنان، بأن مسألة المبادئ الحاكمة للدستور ستكون مسألة خلافية ومعقدة بسبب طبيعة تلك المبادئ والأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد، لكن لا حل ولا مناص من الخوض فيها بوصفها المدخل الأسلم والأساس، نحو بناء وطن للجميع وتشييد منظومة قانونية سياسية سليمة تضع البلاد على سكة الخلاص والتقدم والازدهار.
شادي حاجي – ألمانيا  في 10/7/2018

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…