الامازيغي: يوسف بويحيى
لا نسمع من قادة بغداد مفهوم الديموقراطية و القانون و الحق و الواجب إلا إذا كان الأمر لصالحهم بخرقهم الدستور ،على إثرها أصبح العراق حظيرة تحتكم لقانون الغاب ،بل الأحرى ولاية إيرانية مجوسية بعد أن كانت ملتقى الحضارات التاريخية في الشرق الأوسط ،كما لا يختلف إثنان على أن الشعب العراقي أول النادمين على سقوط نظام البعث الذي على الأقل حفظ للعراق شرف السيادة ،أما بخصوص الشعب الكوردي فلا صديق له سوى الجبال.
لا أعلم كيف لا يخجل قادة بغداد أثناء الأخد فقط بما يريدون من الدستور و تجاهل ما لا يريدون ،إضافة إلى فقدان بعض المؤسسات مصداقيتها و شرعيتها و التي مازال يحتكم بقراراتها الباطلة ،وإنتقاء بنود الدستور لما يتماشى مع مصالح الإيرانيين و قادة بغداد العبيد ،مقابل صمت المؤسسات و المنظمات الدولية على هذه الإنتهاكات بلا أدنى مسؤولية.
لم يكف قادة بغداد على خلق الأعذار لمعاقبة الشعب الكوردي بشتى الطرق ،إذ كان هجوم القوات العراقية و الحشد الشعبي الإيراني على شعب “كركوك” حملة لفرض القانون في نظرهم بينما تجاهلوا أن الدستور الإتحادي يجرم ان يحمل السلاح العراقي على الشعب العراقي مهما كانت الأسباب ،وبينما هاجموا على الكورد بسبب الإستفتاء بذريعة الإنفصال و الخيانة تناسوا أن الدستور الإتحادي الحر يشرع لأي مكون داخلي تحديد مصيره بطرق ديموقراطية سلمية منصوصة ،وبينما تهجموا على قادة كوردستان بسرقة النفط نسوا أنهم سرقوا و قطعوا ميزانية الإقليم الواصلة حاليا إلى خمسون مليار دولار ،وبينما إنتقدوا سلطات الإقليم على ما حدث في السليمانية من مظاهرات تجاهلوا ما إرتكبته قوات الحشد من قتل و تهجير و سرقة في المناطق الكوردية المحتلة…
لقد وصل حال الكورد مع قادة بغداد إلى الطريق المسدود ،مهما تغيرت الوجوه تبقى العقلية نفسها الحاقدة على الإنسان الكوردي ،علما أن كل خطط بغداد فشلت فشلا ذريعا للإطاحة بالكورد و إسقاط الإقليم ،فلا الهجوم العسكري و لا الحصار الجوي البري و لا قطع المستحقات الوطنية و لا الضغط على حلفاء العراق لقطع الوصل بكوردستان نجح في كسر إرادة الكورد ،بل لم يزدهم ذلك إلا إصرارا و عزيمة في الرد على كل ضعاف النفوس بنتائج الإنتخابات الكاسحة ،ما بعثر كل الأوهام التي رسمها العبادي و العامري و المالكي مع إيران بخصوص إضعاف الكورد ،في حين أن نتائج الإنتخابات أقرت أن الكورد عنصر فعال في المعادلة العراقية على الرغم من تزوير المفوضية العليا للإنتخابات ضد الكورد و حرمان حزب “مسعود بارزاني” من أصوات كثيرة مشروعة و مستحقة ،مع كل هذا بقي الكورد غصة في حلق قادة بغداد.
إذا ما حللنا جيدا شخصيات قادة بغداد بالتدقيق سنلاحظ أننا لن نجد أحدا يحترم الكورد كمكون رئيسي عراقي ،بل الجميع يراه شيئا من الدرجة الثانية أو الثالثة ،فنفاق زعيم التكنوقراط و الوسطية الكاذبة “مقتدى الصدر” بدوره كشر على أنيابه إبان الإستفتاء و الهجوم على المناطق الكوردية ،وإلى الآن مازال موقفه غير إيجابي ٱتجاه الكورد رغم ديموقراطية وجودهم في المعادلة الحكومية ،ما يثبت ان الجميع بنفس العقلية الحاقدة و خيرهم من أعطى للكورد فرصة التعرف على حقده بوضوح ،ما يطرح ألف تساؤل حول مصير الحركة السياسية و إلى أين يمضي العراق؟! ،وأي الأليات سيعمل بها قادة بغداد بعد أن فشلوا في كسر شوكة الكورد بإكمال جميع الخطط و الطرق؟!.
إن مسألة الشراكة في العراقة مجرد حلقة مفرغة ،لن تعيد إلا الفشل و الكوارث على الشعب الكوردي لأسباب أولها تكمن في تدخل القوى الإقليمية في الشأن الداخلي العراقي ،وثانيا بسبب العقلية المتحجرة التي لا تؤمن أبدا بالحياة للإنسان الكوردي ،لهذا فمسألة الإستفتاء و الحفاظ على نتائجه كانت خطوة مهمة و جريئة ،حيث بدأت تظهر الحكمة من قرار الإستفتاء شيئا فشيئا بعد ظهور ملامح تقسيم و تلاشي العراق ،لهذا لا سبيل للكورد سوى الإستقلال مهما يكون.