الان حمو
التنطط على الحبال من بديهيات السياسة الغضة، المحاولة والساعية لإيجاد مستقر لها في الواقع السياسي، ومن أهم المستعينات في هذا الاسلوب السياسي هو الوقت أو الاستمرار لأطول فترة ممكنة. فقط “نحن موجودون” هي غاية بذاتها في أغلب المحطات التي يجتازونها، مؤجلين بذلك الهدف، والاصح منه، الوجود في الساحة هو الهدف والغاية. ولهذه السياسة احتياجات، أهمها الايديولوجية الفضفاضة أو أخذ المفاهيم العامة دون التفاصيل الضابطة والمقننة للمشروع بأكمله، ومن أمثلتها الديموقراطية، الاشتراكية، الوحدة، الاتحاد، اخوة الشعوب، المجتمع المتقدم…. وما إلى ذلك من مصطلحات ومرادفات فضفاضة ورنانة، دون آلية أو منهجية معتمدة للتأسيس، بذلك يصبح للحزب أو التيار …. إلخ الحرية التامة في التحول والتلون كيفما دعت حاجة الاستمرار، ولنا في حزب الاتحاد اليموقراطي خير انموذج فيما نرمي إليه.
نسبياً يعتبر حزب الاتحاد الديموقراطي من الاحزاب حديثة التأسيس 2003 وحديثة من حيث المضمون بنسبة لصاحبي الإنشاء (حزب العمال الكوردستاني) ومرحلة النشوء هذه كانت مرحلة حرجة بنسبة للمنظومة ككل، فالفترة التي تلت اعتقال الزعيم الكوردي عبدالله اوجلان 1999 هي من أكثر المراحلة التي عانى فيها العمال الكوردستاني من الضعف والهزات الداخلية، وكان للكورد السوريين النصيب الاكبر من هذه المعاناة بعد أن ناصب العمال الكوردستاني العداء (بعد صداقة) مع النظام السوري جريرة خيانة حافظ الاسد مع القائد اوجلان، بقي معظم قيادات الاتحاد الديموقراطي في سجون النظام وفقدت المنظومة ككل (العمال الكوردستاني) شعبيتها في الشارع الكوردي السوري بعد التضييق اللافت على نشاطه، بذلك بقي الاتحاد الديموقراطي في ضائقة من نشاطه حتى اندلاع الثورة السورية 2011، حينها دخل الاتحاد الديموقراطي إلى الساحة السياسية السورية والاقليمية كأول جزء من منظومة العمال الكوردستاني وهو الذي كان يعاني الركود والخمول لفترة تجاوزت العقد من الزمن على الصعيدين السياسي والعسكري، وأيضاً وهو الاهم وهو الصعيد الاقتصادي (اللوجستي)، بذلك تحول الاتحاد الديموقراطي لحديقة خلفية للعمال الكوردستاني من ناحية المشاركة في السياسة الاقليمية، وعملت المنظومة على تلقينها سياسة مرنة ومتحولة حسب الموجودات على الارض، وتماهياً مع كل طارئ دون أن تأخذ خصوصيتها من الواقع الكوردي السوري.
مناسبة حديثي هذا، هي التصريحات الأخيرة التي صرح بها قيادات الاتحاد الديموقراطي، الاولى وهي: الإدارة الذاتية مستعدة للتفاوض مع نظام الاسد من دون شروط مسبقة، والثانية هي: من السيد آلدار خليل لوكالة رويترز قائلاً: امريكا لن تضحي بعلاقتها مع تركيا من أجل مناطق الإدارة الذاتية. وأيضاً تحدث عن فوائد التفواض مع النظام. فمثل هذه التصريحات هي نتاج السياسات السابقة التي أقحم الاتحاد الديموقراطي نفسه بها، فالتاهيئ الشعبي اتى بعد مأساة عفرين والاتفاقية التركية-الامريكية بخصوص منبج، دائماً يكون الخطر أمر واقع وهو الضامن للاستمرار. وبالعودة للتصريحات، فالتصريحات بمجملها منافية للشعارات التي كانت تسوغها الإدارة الذاتية وقطاعها السياسي حزب الاتحاد الديموقراطي، ولكن الاريحية في التحول عن المواقف هو العنصر الابرز في السياسة المتبعة لدى الحزب المذكور. ولكن يبقى السؤال هنا: لماذا التحول والتلون في المواقف الخارجية، والاصرا على المواقف الداخلية !!؟ فالتدقيق والنباهة التي تبديها الإدارة الذاتية لمنافسه الداخلي أكثر بكثير من الاستعداد والنباهة التي يحضرها للشريك والخصم الخارجي. وهذه هي أهم سمات الحكومات السلطوية في شرقنا الاوسطي.
عندما تتمركز السياسة على استراتيجية المظلومية، والاقتداء بمقولة ” شرف المحاولة” وتصقيل كل ذلك بالايديولوجية الثورية القادمة من تحت الركام (حسب الديباجة المعتمدة) تبقى الخسائر دائماً دون اهمية تذكر، وتبقى الاهداف معلقة برأس عصا أمام الجمهور الغافل. تبقى السياسة فن الممكن، ولكن، ما يمكن أن يتمناه الكوردي الغربي في هذه المرحلة هي أن تستفيد الاوراق الكوردية في سوريا وتحديداً في سوريا من الجوكر الكوردي قبل أن تنتهي اللعبة. فالجوكر قدم خدمات جليلة للمصدر المُنشأ، وفي النهاية ورقة الجوكر تصبح دون أهمية إن لم تندمج مع أوراق تُكمل هدف اللعبة.