عبدالغني علي يحيى
يعد نوري المالكي من اشد دعاة حكومة الغالبية في العراق وهناك اخرون من القادة الشيعة يفكرون على منواله مفضلين مثله الغالبية على التوافق. ومن اشد المنادين بالتوافق هم الكرد والى حد ما السنة ايضاً. وعندي ان نظام التوافق شئنا أم أبينا فشل في العراق جراء انتهاك الدستور من قبل المسؤولين وفي مقدمتهم القادة الشيعة من الحكام، الذين افرغوا التوافق من محتواه، غير ان هذا لا يعني ان مناداتهم بالغالبية صحيحة واذا اصروا على ذلك فانهم والحالة هذه لا يعالجون الخطأ (التوافق) الا بخطأ اكبر (الغالبية)، واذا كان التوافق في حكم الفشل، فمتى تكون الغالبية صحيحة وملائمة؟.
الجواب على ذلك، ان حكم الغالبية ويجب ان يكون سياسياً وحزبياً يكون صحيح داخل المكون الاجتماعي الواحد، ولا يغيب عن البال ان في العراق الان الان 3 غالبيات: شيعي في الجنوب وسني في الوسط وكردي في كردستان، لذا ليس صحيحاً البتة ان تحكم أي من الغالبيات الثلاث الغالبيتين الاخريتين. وفي جميع البلدان ذات التعددية القومية والدينية فان الغالبية الحزبية السياسية الفائزة بالانتخابات هي التي تحكم، وليس الغالبية الاجتماعية وبمعنى اخر يحق للحزب الذي يفوز بغالبية الاصوات داخل الغالبية الكردية أو السنية أو الشيعية ان يحكم، أما أن تحكم الغالبية الاجتماعية الغالبيات الاجتماعية الاخرى، فأمر غير مقبول اطلاقاً. ومتى ماقسم العراق الى ثلاث دول. شيعية وكردية وسنية فان للغالبية السياسية أو الحزبية كما البلدان الديمقراطية المتقدمة ان تحكم مكونها. واذا اصر بعضهم من القادة الشيعة على نظام حكم الغالبية، فبامكانهم تحقيق ذلك داخل مكونهم الاجتماعي لاغير، ويتركوا الحكم في المنطقتين الكردية والسنية للحزب الذي يحصل على الغالبية في الانتخابات وعندي ان من الممكن العمل بهذا النظام حتى في اطار الوحدة العراقية. عليه أرى انه لاجل تلافي الخطأين: الغالبية و التوافقية فان الحل الثالث يكمن في تولي الغالبية الحزبية أو السياسية وعبر الانتخابات وصناديق الاقتراع الحكم داخل المكون الاجتماعي الواحد وفي الرقعة التي يتواجد فيه مع الابقاء على مبدأ التدوال السلمي للسلطة في كل مكون اجتماعي وضمن رقعته الجغرافية وعلى حده. لهذا أجد من الضروري مراجعة النظامين: التوافق والغالبية ونبذهما واحلال حكم الغالبية السياسية أو الحزبية داخل المكون الاجتماعي الواحد مع اعطاء الاولوية لقرارات البرلمانات الاقليمية واحترام ارادتها وليس البرلمان العراقي، الذي لم يأبه بارادة البرلمان الكردستاني المعبر عن ارادة الشعب الكردي اكثر من تعبير البرلمان العراقي لها، ولقد رأينا كيف ان البرلمان العراقي تجاوز على ارادة البرلمان الكردستاني في العديد من الامور مثل تخفيض ميزانية الاقليم البالغة 17% الى 12% والغاء نتائج الاستفتاء على الاستقلال لكردستان وامور اخرى غيرهما كل هذا حصل في ظل نظام التوافق، وسيكون الامر ادهى وامر في حال تطبيق حكم الغالبية الذي من شأنه ان يعيد الدكتاتورية الى العراق ويرسخ من الظلم اكثر فأكثر في العراق، وتتضرر منه المكونات: الكردية والسنية والتركمانية والمسيحية كافة.
29-5-2018