نيركز إبراهيم
حزمت كليزار أمرها، وقررت البقاء في عفرين ، حيث كانت أرتال القوات التي ملأت الدنيا بصيتها تندس بين المدنيين ، منسحبة باتجاه نبل ، عبر طريق باسوطة كيمار .
في يوم 17 /3/2018 تتلقى كليزار هاتفا ، يحذرها بأن الحي كله مفخخ وأن عليها النجاة بجلدها ، لا بل إن عفرين مفخخة بالكامل .
تعود المرأة بذاكرتها قليلاً إلى الوراء ، فتتذكر أن” الهفالات” أو”الهفالين” نبشوا بكل الأقبية ، وكم كانت غبية عندما اعتقدت أنهم يخزنون ما لا علاقة لها به .
دب الذعر في كيانها ، خوفاً على سلامة العائلة، وفي دقائق معدودة ، كانت قد قررت ونفذت القرار الهام ، وهو مغادرة عفرين ، ولكن باتجاه” جنديرس” وليس” نبل” .
سلكوا اتوتستراد الفيلات نزولاً ، مع بعض الجيران ، وقطعوا طريق جنديرس نحو مقبرة كارسان والتفوا نحو كفرزيت ، كان الموكب يسير بسرعة ، والجميع يقبض على قلبه، خشية قذيفة هاون ، او لغم غادر ، أو طلقة قناص .
وبمقدار قصر المسافة بين كارسان وقرية كفرزيت ، كانت الساعة واقفة ولا يمر الزمن .
في هذه المسافة جاءت الطلقة أخيرا من الخلف ، لتجرح السائق في خاصرته ، صرخ الرجل قائلاً : لا تخافوا ، إنها في اللحم أحس بها ، ليسد أحدكم الجرح وانا أتابع القيادة .
ارتخى الرجل تدريجيا وهو يقود السيارة لينقذ باقي الركاب ، و يتمتم الطلقة من عند الهفال .
في الطرف الآخر للقرية كانت العائلة قد قطعت الجبهة وأصبحت في أمان نسبي، وكان السائق قد أغمي عليه تماماً.
بعد أربعة أيام أستقيظ الرجل من الغيبوبة ، لتخبره كليزار ، أن من هاتفتها كانت صادقة ، فقد حدثت ثلاثة انفجارات كبرى حول المركز الثقافي ناتجة عن تلغيم مستودعات أسلحة بتاريخ 18/3/2018 ، أحدها في فيلا رحمانو الشهيرة ، والآخر بالقرب حديقة جميل هورو ، والآخر خلف فيلا جميل .
مات العشرات ، طارت الأبواب والنوافذ في الحي ، ليصفر فيها الهواء ، وربما تبخر أناس كثيرون .
قال لها : كولي ربما لم ولن نعرف كم عفرينياً صعد نحو السماء .