الأزمة السورية.. والتحالفات غير المستقرة

الدكتور: عبدالحكيم بشار
إن الأزمة السورية أوجدت العديد من التحالفات، بعضها قوي، والآخر هش، والبعض الآخر وقتي، ومنها التحالف الروسي الإيراني الذي بدا قوياً ومتماسكاً في مسيرة السنوات الثماني من عمر الأزمة السورية، ولكن الأحداث الأخيرة في سوريا تؤكد خلاف ذلك، فرغم أن كل التحالفات تبنى على المصالح، وكذا تحالف روسيا مع إيران الذي اقتضى مصلحتهما المشتركة في الأزمة السورية أن يكونا في خندق واحد إلى جانب النظام وفِي مواجهة الثورة السورية وحلفائها من المجتمع الدولي إلا أن الأهداف النهائية لمخرجات الأزمة السورية لكل منهما تختلف إلى حد بعيد بل قد يكون هناك تناقض فيما بينها.
فالمشروع الروسي ينطلق من استراتيجية ترتكز على نقطتين:
١- الاحتفاظ بقاعدة عسكرية قوية لها تحقق مصالحها الحيوية في سوريا.
٢- الاحتفاظ بقاعدة عسكرية على السواحل السورية يمكنها من خلالها الإطلال على سواحل البحر الأبيض المتوسط حيث يشكل الساحل السوري المنفذ الوحيد لها، وللتحكم بطرق إمداد الغاز القادم من إيران وقطر عبر السواحل السورية.
وهذه الأهداف الروسية قابلة للتحقيق سواء بوجود الأسد أو حتى رحيله، وذلك من خلال توافقه مع القوى المؤثرة في الملف السوري، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية والغرب والتي لا بد ان تعطي أهمية للمصالح الروسية في سوريا. 
أما إيران فإن مصالحها تتجسد فيما يلي:
١- البقاء على نظام الحكم في سوريا بكل تفاصيله.
٢- تصدير الثورة الإيرانية إلى سوريا والتحكُّم في مستقبل النظام السوري ومؤسساته كما حصل في لبنان.
٣- الحصول على ممر آمن يوصلها بلبنان، وهذا الممر ممكن من خلال السواحل السورية أو من خلال نشر التشييع والقواعد العسكرية على مساحات واسعة من أراضي سوريا تبدأ من حدود العراق إلى حدود لبنان مروراً بالعديد من المدن السورية.
لذلك فإن المعارك الجوية التي خاضتها روسيا ضد المعارضة السورية، ونجحت في انتزاع الأراضي منها، لم تسيطر عليها القوات الروسية بل سيطرت عليها إما قوات النظام وفي الكثير من الأحيان القوات الإيرانية والمليشيات التابعة لها مما عزز من دور إيران على الأرض والتي حصدت ثمار الدور العسكري الروسي في سوريا أكثر من روسيا ذاتها، وباتت تلك المليشيات موجودة في كل مكان من الأرض السورية التي تقع تحت سيطرة النظام بعكس التواجد الروسي المحدود جغرافياً.
ويأتي القرار الأمريكي بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران والعمل على تحجيم دورها في سوريا وكذلك القرار الإسرائيلي بطرد أو تحجيم دور إيران والمليشيات التابعة له في سوريا من خلال ضربات جوية متتالية ومؤثرة على مواقع إيرانية وسكوت روسيا على تلك الضربات إشارة واضحة على أن التحالف الروسي الإيراني في سوريا يقترب من نهايته وسط توقعات بحصول روسيا على ضمانات بحماية مصالحها في روسيا وتخليها عن دعم إيران في سوريا 
والتي ستبقى وحيدة في مواجهة الكثير من التحديات منها إسرائيل وأمريكا وغيرها ولن تقوى على مواجهتها لذلك قد تشهد الأسابيع القادمة تصعيدا عسكريا ضد إيران على الأرض السورية وسط صمت حليفه الروسي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…