في انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الايراني !

اكرم حسين 
كعادته فاجأ ترامب الجميع بإعلان موقفه وانسحابه بشكل منفرد من الاتفاق النووي الايراني الذي عقد بين ايران ومجموعة 5+1 عام 2015 واعادة العمل بالعقوبات على ايران ، قبل اربعة ايام من الموعد المحدد  ، وهوما عكس تغيراً في النهج الأميركي إزاء إيران ، وتفعيل الدور الإسرائيلي في الصراع السوري من خلال مواجهة النفوذ الايراني في سورية، ومن المؤكد سيكون لهذا النهج  تبعات دولية وتداعيات اقليمية  ، وتباينت ردود الفعل بين مؤيد ومعارض فإسرائيل وصفت قرار الانسحاب «بالشجاع » وايدته السعودية بينما ابدى الاتحاد الاوربي اسفه وتعهد بمواصلة تطبيق الاتفاق وهو ما قد يعرض العلاقة الامريكية – الأوربية لبعض الاهتزازات. 
وصف ترامب الاتفاق “بالكارثي « لأنه لا يقيّد نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار، بما فيها دعم الإرهاب» منبهاً على ان استمرار الاتفاق سيؤدي الى «سباق تسلّح نووي في الشرق الأوسط». فيما خففت ايران من لهجتها المهددة بالتخصيب  قبل الانسحاب واعتبر التلفزيون الايراني قرار ترامب بأنه غير قانوني وغير شرعي ويقوض الاتفاقات الدولية .
عادة لا يأبه ترامب كثيراً لنصائح مستشاريه وحتى حلفائه الاوربيين- وهو الذي اعطى حلفائه الاوربيين مهلة ستة اشهر لتعديل الاتفاق – بل يقوم بتنفيذ ما هو مقتنع به . فهو رجل المفاجآت والمواقف الحاسمة ، وتقوم سياسته على اساس مصالح امريكا القومية كما جاء في حملته الانتخابية « امريكا اولاً » فقد انسحب من اتفاقية التغير المناخي ايضاً ومن الاتفاق التجاري في المحيط الهادئ رغم كل النصائح التي اسديت له من قبل فريقه .
هذه السياسة قائمة على حب الاختلاف؟ وعلى شخصية تتميز بالتفرد والمفاجآت وتريد ان تحقق في الوقت نفسه شيئاً ما لأمريكا وللعالم كما يقول . فقد اعلن عن عدم رفض التوافق والحوار مجددا مع ايران  لأن ما يطمح اليه هو عقد اتفاقات شاملة ومفتوحة ، لذلك أكد على أنه يريد اتفاقا اكبر واوسع يشمل الصواريخ الباليستية والتموضع الايراني في المنطقة وتحديدا في سوريا التي تمد حزب الله بالمال والسلاح ويعرض امن اسرائيل للخطر فهو اذا ً من حيث المبدأ مع اتفاق جديد لكن بصيغة مختلفة وبضمانات اوسع رغم كل التناقض القائم بين الولايات المتحدة وايران .
ترامب يعلن بانه امريكي قومي لا يؤمن بدور عالمي الا على اساس المصالح الامريكية العليا وهو ما قد يجعل الصراعات مفتوحة في كل اتجاهاتها ، ولذلك لا يتعامل مع حلفائه الاوربيين فقط ! بل حتى مع خصومه التقليديين ! وهذا قد يؤدي الى تراجع في الموقع الامريكي ويعزز دور روسيا والصين ونوعا ما الأوروبيين ايضاً. 
تداعيات الغاء الاتفاق واعبائه ستكون موزعة على الصين وتركيا ومكلفة جداً على ايران والاقتصاد الايراني عموماً نتيجة التدهور الاقتصادي وبالتالي فإنها ستزيد من تفاقم الازمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية القائمة في ايران منذ فترة.
ما يهمنا كسوريين في هذه الحالة هو كيفية انعكاس الغاء الاتفاق على وضع الشعب السوري ومستقبله وكيف سيساعد في تحجيم الدور الايراني وتقليم اظافره؟ وهل سيخفف من معاناة السوريين ويوقف المجازر والدمار الذي لم يبقي على اية منطقة سورية وادى الى تهجير اهلها وابتعادهم عن قراهم ومدنهم  ام انه سيزيد من هذه المعاناة والحرب ! وهل ستحصل مواجهة بين ايران واسرائيل وامريكا في هذا الوقت وعلى الاراضي السورية ؟ وهل يأتي على السوريين يوم افظع مما هم عليه الان من حروب وخراب ؟ وهل هناك حروب اقليمية قادمة ام هي مجرد سيناريوهات لإثارة المخاوف والرعب ورسم خرائط شرق أوسطية جديدة ؟
اسئلة نترك الاجابة عنها لتطورات الاحداث في المستقبل !
_____________________
نشرت في صحيفة كوردستان العد 584 تاريخ 15/5/2018

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…