خروج امريكا من الاتفاق النووي، خطوة طويلة في مسير الاستراتيجية الصحيحة!

عبدالرحمن مهابادي* 
“مستقبل إيران يتعلق بشعبها” 
دونالد ترامب 
أربعة أيام قبل وقت نهاية الموعد النهائي في ١٢ مايو / ٢٠١٨ الامر الذي لا يمكن فصله عن التصميم الذي تم عقده على السياسة والاستراتيجية المعلنة قبله، الرئيس ترامب اعلن خروج امريكا من الاتفاق النووي وافتتح صفحة جديدة في المعادلات الدولية ضد النظام الديكتاتوري الحاكم في إيران. على الرغم من أن هذا القرار كان متوقعا مقدما ولكن الان قد اتخذ جانبا رسميا حتى يتخذ في الخطوة القادمة عملياته التنفيذية في جدول أعماله. من الواضح ان هذا الاجراء الامريكي خلافا لادعائات النظام ولوبياته لا يعني بداية لحرب جديدة في المنطقة واذا تم اتخاذ قرار الحرب فمن الواضح مقدما أن النظام الإيراني هو من كان المسبب فيها ولا احد غيره يريد هذه الحرب. 
دونالد ترامب خلال خطابه أعلن أن: “النظام الإيراني هو النظام الاساسي الداعم للارهاب “هذا النظام الذي سعى عن طريق نهب ثروات الشعب الإيراني ودعم المجموعات الارهابية في المنطقة للحصول على السلاح النووي واخذ العالم والمجتمع الدولي كرهينة. الرئيس الامريكي وصف بشكل جيد أن هذا الاتفاق النووي الموقع مع النظام الإيراني على انه مساعدة لبقاء واستمرار النظام الإيراني. ولان هذا الاتفاق لم يعيد فقط مليارات الدولارات للملالي الحاكمين في إيران ليصرفوها على مشاريعهم النووية والصاروخية بل سمح لهم باعادة تخصيب اليورانيوم من جديد بعد فترة قصيرة. ومن هنا اعتبر ترامب دائما أن هذا الاتفاق أمر مخيف وخطير للغاية وكارثي لايجب الاستمرار به أو الامضاء عليه. حيث قال في حديثه فيما يتعلق بهذا الموضوع: “هذا الاتفاق بالنسبة لي كمواطن أمريكي وصمة عار كبيرة ومخجلة “. 
وفي الاتجاه الصحيح تنتهي مواقف الرئيس الامريكي هناك حيث في القسم الاخير من خطابه يضع الولايات المتحدة بجانب الشعب الإيراني وقال: “قرابة ال ٤٠ عام قام هذا الدكتاتور المتلسط بجلب الحروب والويلات وقام مفتخرا باخذ الامة الإيرانية كرهينة “.  من معظم 80 مليون شخص في إيران ، للأسف ، لم نر إيرانيا نجح في التعايش بسلام مع جيرانهم أو حظي ذلك بالاعجاب والاشادة الدولية وذلك بسبب افعال نظام ولاية الفقيه العدائية تجاه الدول المجاورة لكن مستقبل إيران يخص شعبها. هم الورثة الحقيقيون للثقافة الغنية والأرض التاريخية القديمة. إنهم يستحقون دولة تتحقق فيها احلامهم بالعدالة والمساواة يفتخرون فيها بتاريخهم العريق ويمجدون فيها الله “
الحقيقة التي يجب أن لا نبتعد عنها هي أن التغييرات والتحولات في الاعوام الماضية فيما يخص إيران هي نتاج استراتيجية دقيقة وصحيحية تم دفع اثمان باهظة وثقيلة في سبيل تحقيقها حتى اليوم.  المقاومة الإيرانية على مدى حكم نظام الملالي كانت في خضم معركة شاملة ومفتوحة مع نظام الملالي الديكتاتوري. فاذا اردنا النظر بشكل صحيح الى قضية إيران واردنا الوصول فيها الى تحليل صحيح لا يمكننا غض البصر عن الدور والتاثير الفريد للمقاومة الإيرانية في هذا التحول الكبير.  المقاومة الإيرانية وحدها كانت أول من حمل راية الحرية ضد اصولية الملالي الاسلامية وكانت أول سد منيع وقف في وجه سياسات الملالي في نشر الحروب والتدخلات في شؤون العراق ودول المنطقة وكانت أول جهة قامت بفضح ارهاب ومشاريع الملالي النووية ، تلك هي المقاومة الإيرانية التي يشكل فيها مجاهدو خلق القوة المحورية والاساسية. 
بعبارة اخرى لولا وجود هكذا قوة مؤثرة في ساحات النضال ضد نظام الملالي لايمكن لاي شخص التصور الى ماذا سيؤول اليه المجتمع الدولي والى أي نقطة خطيرة ومؤلمة سيصل. وكما يمكن رؤية الوجه الاخر لهذه الحقيقة من خلال انتفاضة الشعب الإيراني الاخيرة من اجل تغيير النظام في إيران . ليس من دون سبب أن نرى مسؤولي ورؤوس نظام الملالي بسبب خوفهم من اقتراب سقوط نظامهم قد استعملوا لوبياتهم وجميع امكاناتهم من أجل اطفاء محرك الانتفاضة أي المقاومة الإيرانية. الشعب والمقاومة الإيرانية معا يشكلون وحدة ضرورية غير قابلة للتجزئة والفصل من اجل تحقيق التغيير والتحول الاساسي في إيران الحالية. 
هذه المقاومة التي تميزها من وجه السيدة مريم رجوي الصبوح شمس المقاومة الإيرانية والتي تحتوي في طياتها على بديل ديمقراطي وشعبي ومن أجل حرية إيران وإيران الحرة غدا بينت وحددت مشاريعها وبرامجها المعلنة والتي تتمتع بدعم قوي سواءا على مستوى الداخل الإيراني أو على المستوى الدولي. “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” هو هيكلها وهيئتها التنفيذية ، في نهاية الشهر السادس بعد الإطاحة بنظام الملالي ، سيتم استبداله عن طريق انتخابات حرة ونزيهة بالجمعية التأسيسية والناس المنتخبين فعليًا من أجل رسم مسار إيران المستقبلي بكل جوانبه. 
في مثل هكذا مسير ومع هكذا استثمار رحبت المقاومة الإيرانية بمواقف رئيس الولايات المتحدة الامريكية الاخيرة وفي اطار تكريم هذه المواقف دعت المجتمع الدولي لاتخاذ الاجراءات الضرورية واللازمة الاخرى. 
السيدة مريم رجوي من جانب المقاومة الإيرانية التي كانت أول جهة قامت بكشف وفضح برنامج ومشاريع النظام النووية السرية وكانت اول حامل لراية إيران الغير نووية قالت: الخلاص من الخطر النووي والارهابي لهذا النظام يتلخص في الخلاص من هذا النظام باكمله. لاوجود لنظام ولاية الفقيه بدون وجود الارهاب والقمع واسلحة الدمار الشامل. 
واضافت السيدة مريم رجوي: كما أن الانتفاضة الوطنية العارمة في شهر يناير الماضي قد أظهرت مطلب عموم وغالبية الشعب الإيراني في الحرية والخلاص من الظلم والاستبداد الديني. التغيير والتحول الديمقراطي في إيران أمر لا مفر منه وإيران الحرية سوف نراها في المنظور القريب. نهاية الدكتاتورية والفاشية الدنية أمر مرتبط ارتباطا وثيقا باحلال السلام والديمقراطية والامن والاستقرار في المنطقة. هذا هو الطريق الوحيد لانهاء الحروب والازمات في المنطقة ومنع حدوث حرب أكبر في المنطقة. 
وبناء على هذا فبعد خروج امريكا من الاتفاق النووي يبقى من الضروري والمهم جدا الاعتراف رسميا بالمقاومة الإيرانية تحت عنوان الممثل الحقيقي والصحيح للشعب الإيراني .وذلك لان تغيير نظام الملالي الدموي واستبداله بنظام وحكومة شعبية ووطنية ممكن وميسر فقط من خلال هذا الطريق. 
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
Abdorrahman.m@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…

عبد الجابر حبيب ـ ذاكرة التهميش ومسار التغيير بعد عقدين من اندلاع الأزمة السورية، وتحوّلها من انتفاضة مطلبية إلى صراع إقليمي ودولي، ما زال السوريون يتأرجحون بين الحلم بوطن حر تعددي عادل، وبين واقع تمزقه الانقسامات، وتثقله التدخلات الأجنبية والمصالح المتضاربة. سوريا اليوم لم تعد كما كانت، لكن السؤال يبقى: إلى أين تسير؟ وهل ثمة أمل في التحول نحو…

حوران حم في زوايا الحديث السوري اليومي، في المنشورات السريعة على مواقع التواصل، في تصريحات بعض “القيادات” ومواقف فصائل تدّعي تمثيل الثورة أو الدولة، يتسلل الخطاب الطائفي كسمّ بطيء، يتغلغل في الروح قبل أن يظهر في العلن. لم تعد العبارات الجارحة التي تطال الطوائف والأقليات، والمناطق، والمذاهب، تُقال همساً أو تُلقى في لحظة غضب، بل باتت تُصرّح جهاراً، وتُرفع على…

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…