دهام حسن
لا يخفي على كلّ متابع، على كلّ ذي بصر وبصيرة من أن الحركة السياسية الكردية في سوريا عاجزة عن قراءة الواقع ومواكبة الأحداث، والعلة الأولى تكمن في القيادات المسؤولة، في الطاقم العاجز عن مجاراة الزمن وبالتالي إدارة دفة القيادة، جرّاء اتكالها المطلق وموالاتها للجهة الممّولة ماليا لا سياسيا، فمن المعلوم أن القيادات المصطنعة لا تفقه من موجبات المرحلة، ومقتضيات النضال سوى لغة الولاء، ولاشيء غير الولاء، فهم كالدّمى بانتظار من يحرّكهم ذات اليمين وذات الشمال، أجل هم معتادون على لغة الامتثال فإن وجد فيهم من تجرّأ على ملامسة الواقع والحق، تحوّلت جراءته إلى جعارة ممجوجة غير محبذّة لا يأخذ بها أحد..
لا أصدقاء لهم سوى ما تتصدّق عليهم جهة ما، استطاب لهم التحلل من مستلزماتهم تجاه أحزابهم ورفاقهم علما أن الجهة المموّلة لا تحبّذ منهم هذا الصمت القبوري، ولا هذا التقاعس والتشتت، وكأني بواحدهم يقول للجهة الممولة ما قاله أبو فراس الحمداني لابن عمه سيف الدولة
: (فليت الذي بيني وبينك عامرٌ…..وبيني وبين العالمين خرابُ)
هل استأنس هؤلاء القادة الأفذاذ بآراء ممن يتعاطف معهم في الخطوط العريضة.؟ أقول هنا من يختار طريق النضال، وطاب له أن يكون مسؤولا لا يذهب فارّا إلى خارج البلاد إلا في حالات نادرة، معظم هؤلاء أوّل ما يفكرون فيه هو مصلحتهم، ولا يأبهون بمآل التنظيم أشرقا سار أم غربا. وأبعد شيء عندهم هو تلاقي بين فصيلين أو أكثر بغية الوحدة (ففي التنافر السلامة وفي التوّحد الندامة).. هل احتفى هؤلاء القادة الأقزام بمناضليهم الكرام، الذين أصبحوا في أرذل العمر، منهم على سبيل المثال لا الحصر (هلالو….عزيز آومري… رستم ملا شعمو..إلخ..) لكنّهم كما يقول فيورباخ (في القصور يفكرون غير ما يفكرون في الأكواخ.) بينهم من امتلأ ضغينة لا يرى إلا نفسه… أتمنى أن التقي بكادر مثقف يخالطهم الجلسات الثقافية إذا استثنينا الانتهازي، حقّا أنهم وبالٌ على شعبهم المبتلي بهم…. إن غاية المعرفة هي المنفعة بتعبير (فرانسيس بيكون) فلماذا هذا التنافر من المثقفين، فمن المعلوم أنّه لن تتحقق الديمقراطية في أيّ بلد ولن يسود الدستور إلا من خلال الاعتراف بأهمية الأفكار حتى الصراعات كما يرى أحدهم عادة ما تحسم من خلال الأفكار، أما المخاتلة والركض على ما يدرّه المنصب ليس لها سوى نهاية سيئة.. إننا ينبغي أن نكون سياسيين، نقرا الواقع بعيوننا ونسمع بآذاننا ثمّ نتصرف في ضوء ذلك.. لكن في الواقع والحقيقة أن هؤلاء القادة الكرام غدوا وبالا على شعبهم وأنهم في طريقهم إلى الانزياح، ليفسحوا الطريق أمام الجيل التالي فعلّهم يفلحون..!
هؤلاء هم ساسة قومي يا سيّدتي فأعينيني …
وابكي معي وعليّ ..وتخيّلي كيف تدارشؤوني