الديمقراطية في الحزب الجماهيري

محمود برو

عندما نتكلم عن الديمقراطية في الحزب الجماهيري علينا أولاً ان نأخذها من الناحية الفكرية والحقوقية والقانونية وايضاً من ناحية الممارسة العملية. الديمقراطية تكاد تكون في أزمة خانقة في اوساطنا الجماهيرية وحياتنا السياسية وحتى في الحياة اليومية في العائلة والمجتمع برمته.
تأكيداً للفكرة اعلاه اعتقد ان الكثيرين من الساسة والاحزاب والمنظمات المختلفة، والتي تحتوي أسمائها وبرامجها وبخط عريض على كلمة الديمقراطية ومبادئها، يتعاملون مع الديمقراطية كموضة العصر ويستخدمونهاحين الطلب وحسب الرغبة الذاتية ولغاية محدودة. يعتبرونها كطقم يرتدونها في ليلة الزفاف او في حفلة ما ويشلحونهابعد منتصف الليل. اي انهم يتزينون بها للفت أنظار الآخرين اليهم، قد يكون احيانا حباً لذاتهم وأحياناً اخرى لإظهار الأناقة إيماناً منهم بان الفكر الأنيق في المظهر الأنيق. لكنهم حقيقة بعيدون كل البعد عن الأناقة والفكر الجميل،لاسيما في حياتهم الداخلية والعلاقة مع الآخرين.
حقيقة مازالت المناهج والانظمة الداخلية لغالبية احزابنا تستند الى معايير ستالينية صارمة واحكام متشددة لتساهم في ترك الباب  مفتوحاًعلى مصراعيه لازدهار البيروقراطية والإستبداد وغياب للديمقراطية وإعطاء الدور الرئيسي للفرد وتسميته بالبطل والحكيم والزعيم والعبقري والخبير والأمين العام ، يكادون ان يقولوا بانه يحيي العظام وهي رميم.
لقد تعلمنا من العلوم السياسية بأن الديمقراطية هي آلية وأسلوب للتنظيم والحكم والإدارة. انها تعني صيانة حق الأقلية وعدم الغائها وكذلك تعني احترام رأي الأكثرية وإعطاء الأولوية للتعددية.
اعتقد اننا بأمس الحاجة الى البدء بدراسة سياسية تحليلية ودقيقة لنتائج عدم فهم آلية تطوير الديمقراطية او أسباب التعنت في ديمومة االستالينية في أحزابنا كفكر وممارسة والتي أدت ومازال الى تشتت حركتنا السياسية وانشطارها الغير طبيعي حيث ان عدد أحزابنا لاتعد ولاتحصى إن صح التعبير. ان فكرة الآمر والناهي والكل بالكل وفلان ابن فيسان أصبحت مرفوضةً شكلا وقلباً ومضموناً، لاسيما وأنها لاتتناسب مع عصرنا الحالي، عصر العولمة والتقنيات والانترنيت والمساواة.
ان ذلك ستؤدي الى التصفيات الفكرية للكوادر الخيرة الفاعلة وإبطال حركتها تماماً كوضع العربة امام الحصان مع حفظ اللقب.
لذلك يجب ان يكون الإخلاص والكفائة قبل الولاء والمحسوبية، كذلك المبدأية والوفاء ونكران الذات قبل الانتهازية والمآرب الشخصية والعائلية الضيقة. 
الديمقراطية هي مشروع كامل ومكمل نصنعه نحن ولاتأتي كعلبة غذائية جاهزة للأكل او طقم يرتديه العريس او العروس في ليلة زفافهما. ولا يمكن للديمقراطية أْن تتحقق إلا بالعودة الى العلم السياسي وقبول الفكر الآخر بدلاً من معاداته ونفيه من جزوره وكذلك إعطاء الهامش الديمقراطي الحر للكوادر الحزبية المتقدمة لاسيما في مجال التفكير والإبداع في العمل السياسي  وتطوير آليات العمل التنظيمي والمشاركة في صنع القرارات لاسيما المصيرية ووضع حد نهائي للتفرد والمزاجية في اتخاز القرارات السياسية والتنظيمية. والعمل الجاد والفعلي في اتخاذ القرار السياسي والمصير ي الخاص بغربي كردستان بشكل مستقل ودون رقيب ومن ثم طلب يد العون والمساعدة من الأشقاء الكردستانيين ومن القائد الوطني الرئيس مسعود بارزاني وهذا هو مطلبه الذي طلبه منا في أكثر من محطة سياسية مرارا وتكرارا لكن لا حياة لمن تنادي حتى اليوم.
أوسلو ١٦/٤/٢٠١٨

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ادريس عمر الفرق بين اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية يكمن في الهدف والمجال الذي تُمارس فيهما، بالإضافة إلى طبيعة السلطات والصلاحيات التي تُمنح للأطراف المختلفة. لنعرف اللامركزية الإدارية: هو نظام إداري يتم فيه توزيع بعض سلطات الحكومة المركزية على هيئات أو جهات محلية أو إقليمية (مثل المحافظات أو البلديات) بهدف تحسين كفاءة الإدارة وتلبية احتياجات المواطنين على المستوى المحلي. والهدف منه…

حمدو يوسف مازالت الأمم المتحدة ترى تنفيذ القرار الأممي رقم 2254 ضروريا للتوصل إلى حل سياسي دائم وشامل للنزاع في سوريا. تم اعتماد القرار في عام 2015، وهو القرار الأممي الوحيد المتفق عليه دوليا حتى الآن، مما يعكس توافق المجتمع الدولي حول أهمية هذا المسار. القرار يضمن تحقيق السلام والاستقرار في البلاد، ويعد تعبيرا عن التزام المجتمع الدولي بحماية السلم…

شادي حاجي بعد أن تناولت في المقالتين السابقتين عدة مصطلحات وحاولت تسليط الضوء عليها كونها مصطلحات عامة ومبهمة عند الاكتفاء بتدوينها في الدستور دون التوضيح والتوسع في معانيها ومفاهيمها بمواد وبنود محددة لجهة حقوق الشعب الكردي وخصوصيته تبقى لا قيمة لها وهذه المرة سأتناول مصطلح الديمقراطية ،بالطبع أنا هنا لست في معرض سرد تاريخي وممل لمفهوم الديمقراطية وأشكالها فالكتب…

بناءً على دعوة كريمة من فخامة الرئيس مسعود بارزاني، عقد وفد من هيئة رئاسة المجلس الوطني الكردي في سوريا لقاءً مع فخامته ، حيث جرى في هذا اللقاء تبادل وجهات النظر حول المستجدات الإقليمية والدولية، وبشكل خاص الأوضاع في سوريا بعد سقوط النظام السابق. وتم خلال اللقاء التأكيد على أهمية مشاركة الشعب الكردي في رسم مستقبل البلاد ، وضرورة وحدة…