أمريكا و حقيقة التهديدات

الأمازيغي: يوسف بويحيى
هنا أود أن أذكر الجميع ببعض كتاباتي الماضية أي قبل تهديدات “ترامب” للنظام السوري بشهور خلت ،كان مضمونها أني أكدت على أن نهاية المشهد السوري سيعرف طرد إيران و النظام خارج المعادلة بٱعتبارهما فقط أدوات لمصالح القوى العظمى ،في حين كان الجميع يستغرب من كلامي إلى درجة السخرية ،لكن هذا ما يظهر الآن عمليا على الساحة السورية.
أكدت مسبقا إنطلاقا من بعض تسريبات تقارير أمريكية و روسية قبل شهرين بأن القطبين سيتخلصون من إيران و تركيا و أديالهم في آخر مطاف الوضع السوري ،حيث أن روسيا و امريكا و أروبا في توافق ضد اي توسع إيراني و تركي و عربي علما ان كل التمددات التي نراها فقط كانت بمعيار روسي و أمريكي و أروبي لا اقل و لا أكثر ،مع العلم أن إنتهاء دور إيران و النظام يستوجب إقتلاع وجودهم و قص أجنحتهم ،كما أن الدور سيأتي مستقبلا على تركيا كذلك.
إبقاء النظام كل هذه الأعوام منذ بداية الثورة إلى الآن كان الغرض منه إطالة الحرب و ترويج السلاح و نهب الثروات ،كما أن وجوده دريعة في عدم ترك أي فرصة لتوغل القوى المنافسة لأمريكا و أروبا كالصين و اليابان على وجه التحديد ،حيث أن كل هذه التلاعبات كانت بٱتفاق أمريكي_روسي سرا لكنها تتضح عمليا على الأرض.
تهديدات أمريكا للنظام السوري و الراجح أن الضربة العسكرية قادمة في حالة تعجرف إيران ،هي خطة ثنائية بين الروس و أمريكا و مخطئ من يظن عكس هذا ،حيث يظهر هذا بشكل واضح في تراوغ روسيا في الرد و التصعيد مع أمريكا ،زيادة إلى إنسحاب بعض القوى الروسية من دمشق و سفن روسية تفاديا للقصف ،بينما أن كل ما حدثت في مجلس الأمن كان فقط مسرحية بين القطبين العالميين ،ما يكشف ان روسيا سحبت البساط من تحت أقدام النظام و إيران كما فعلت في العراق و ليبيا و أفغانستان ،مؤشرات ألزمت إيران الصمت و تركيا في ترقب للمشهد و ٱنتظار دورها بخصوص جريمة حرب في “عفرين”.
الخطة الروسية و الأمريكية و الأروبية السير التنفيد حاليا بعيدة عن المصالح السياسة بل هي مخطط أكاديمي يستهدف إلى تقزيم و تحجيم العنصر القومي الإسلامي في المنطقة ،بمعنى آخر أن الأقطاب الثلاث فتحوا المجال لإيران في سوريا إلى أن أنهت المخطط من الجانب العسكري بعدها دخلت أمريكا و اروبا و غضت روسيا الطرف للتخلص من إيران و ديلها النظام ،كتذكير على أن روسيا و أروبا لم تنسى أبدا جرائم الإمبراطورية الفارسية و العثمانية و العربية في حقهم لهذا فالكل مازال يعمل للإنتقام من العرب و الترك و الفرس.
حسب تجارب الأقطاب الثلاث الروسي و الأمريكي و الأروبي في التسوية السياسية بخصوص المصالح الإقتصادية و مناطق النفود فإنهم يعتمدون على الحوار و التفاوض ،أما بخصوص الحرب فالضحية لا تكون إلا ضد طرف رابع ،علما أن مشروعهم كان محو سوريا من الخريطة ذلك بتقسيمها إلى مناطق نفود على شكل أقاليم ،مع إبعاد كل من العرب و الفرس و الترك سياسيا و الإعتماد عليهم فقط كجنود و رجال حماية.
تهديدات أمريكا بتحالف اروبا و بمواقفة روسيا ماهي إلا بداية للعب الكبار من أجل التخلص من الصغار كإيران و النظام و تركيا ،أضف إلى ذلك كذلك pyd و pkk لأسباب أهمها إرتباطهما بإيران و النظام السوري ،أثبتت التجارب التاريخية و الحالية أن الأمور ليست فقط نظرة مصالح و إقتصاد بل هي مسألة تاريخ أسود راسخ متمثل في الحقد الدفين بين القوميات الغاصبة لكوردستان و الغرب.
مسألة الضربة الأمريكية للنظام لقت دعما أروبيا و إسرائيليا و عربيا سنيا بقيادة السعودية من أجل إخراج إيران و ميلشياتها من سوريا ،مع العلم أنه إن لم تتم عسكريا فإنها ستتم سياسيا بتنازل إيران و النظام و موافقتهما على مطالب الغرب بدون أدنى شك
إلى هنا هل توصل الشعب السوري إلى أن سوريا لا وجود لها بعد الآن ،كما أن العراق بدوره ينتظره نفس اللاوجود مستقبلا ،وحبل الجرار على تركيا و إيران مع الوقت.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…