د. ولات ح محمد
خلال كلمة في حفل إفطار جماعي اليوم الأحد 1/4/2018 ضمّ أكثر من ألف شخصية تركية قال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس سابقاً: “النصر في عفرين كان نموذجاً للإرادة التركية، وإن شاء الله سنسجل ملاحم بطولية لنصرة أمتنا”. وتابع: “الله لم يتخل عن تركيا في ليلة الانقلاب الفاشل عام 2016، والشعب التركي والرئيس أردوغان حطموا كل المؤامرات التي حيكت ضدهم”.
خالد مشعل العربي الإسلامي المنتمي إلى المحور المقاوم للاحتلال يبارك لدولة أجنبية (تركيا) احتلالها لأراضي دولة عربية (سورية) ويعتبره نموذجاً لإرادة تلك الدولة ومقدمة لانتصارات قادمة. علماً أن الأراضي السورية التي يبارك مشعل احتلالها (عفرين وغيرها) تتجاوز مساحة قطاع غزة بأكثر من عشرين ضعفاً.
فهل يقصد مشعل بالنموذج التركي والملاحم البطولية القادمة احتلال معلمه لكل سوريا؟. أما لماذا يبارك المقاوم العربي الإسلامي ذلك؟ فلأنه يعلم أن انتصار أردوغان وتوسع نفوذه في أي مكان هو تقوية له ولحركته المدعومة أردوغانياً، ولا يهمه أن يكون ذلك على حساب احتلال جزء من أراضي دولة عربية يتغنى بعروبتها ويتباكى عليها إذا كانت المناسبة غير أردوغانية.
المضحك في كلام مشعل أنه يرى أن الله قد ساعد أردوغان في إفشال الانقلاب الذي حدث في صيف 2016، وينسى أنه هو نفسه قام بانقلاب 2006 على أشقائه الفلسطينيين وتسبب في انقسام الإدارة الفلسطينية إلى إدارتين وحكومتين، ولكن يبدو أن الله لم يساعد الفلسطينيين كما ساعد الأتراك على إحباط “المؤامرة”. إن من يرفض الانقلاب على حكومة دولة أجنبية ويمدح رئيسها وشعبها على إحباط ما يسميها “مؤامرة” كان الأولى به ألا يقوم هو بانقلابه “مؤامرته” على أشقائه ويتسبب في مقتل العشرات منهم وانقسامهم إلى فئتين وإفقارهم وموتهم.
أما فصل النفاق والشوبشة في كلام مشعل فيتمثل في إشادته بفترة الحكم العثماني التي رأى أن أمته عاشت فيها مرفوعة الرأس، وقال: “أحببنا تركيا من الكتب والتاريخ، ومن أفواه آبائنا وأجدادنا، وقدر الله أن نزورها”. فهل يا ترى سمع مشعل من آبائه وأجداده أيضاً أن العثمانيين علقوا مشانق المئات من أشقائه الذين أرادوا أن يستقلوا ببلدانهم عن احتلال تلك الدولة كما يريد هو اليوم أن يستقل عن دولة الاحتلال؟. أم أن الشنق على يد أحبائه وأولياء نعمته له طعم مختلف؟.
بلغ مشعل المقاومة قمة الشوبشة عندما قال: “قدر الله أن نلتقي الأستاذ نجم الدين أربكان، تلك القامة العملاقة، ورأينا حبه لفلسطين، وكنا نأتي إليه نشاوره في شأن القدس وفلسطين وحماس، وتتلمذنا في السياسة على يديه عندما كان نجماً ساطعاً في سماء تركيا”. وتابع: “اليوم نحن نسعد بفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، هذا الزعيم الذي رفع رأس تركيا عالياً، ورفع معها أمة الإسلام”.
يشعر القارئ أن مشعل قال كل ما سبق لكي يصل إلى هذه الجملة الأخير. هذا الكلام الذي يذكّر بالمشابش وما كان يفعله في أعراس أيام زمان، إذ كان يقوم هذا الشخص (وهو مختص في ذلك) بحركات سريعة وخفيفة في ساحة الحفل ويصيح بصوت عال ذاكراً اسم أحد الحاضرين في الحفل (ويكون شخصية معروفة) ويقول: “شاباش فلان.. شاباش أبو فلان”، ويعيدها مرات ومرات مادحاً بعض خصاله، فيمد الرجل يده إلى جيبه ويناول المشابش مبلغاً من المال مكافأة له على إطرائه. جملة مشعل الأخيرة بحق أردوغان ومناقبه وانتصاراته هي نوع من الشاباشية أو الشوبشة (وهي شكل محترم من أشكال التسول ممزوجاً بكثير من الكذب والنفاق، لأن ما يهم المشابِش هو الحصول على مراده من المال بغض النظر عما إذا كان الشخص المشابَش له يستحق تلك الإشادة أم لا).
عندما يبارك المقاوم شخصاً على احتلال أرضٍ شقيقة يعتبرها أرضه ويمدح المحتل ذاكراً خصاله ضمن حفل بهيج فإنه حتماً يتحول إلى مشابش: شابااااش.. شاباش أردوغان شاباااااش.. شاباش أبو بلال شاباااااااش.