إلى الذي أراد أن يستفزني؟!

الأمازيغي: يوسف بويحيى
قد تكون مزيفة في نظر البعض حجة لتبرير رفضهم تقبل الحقيقة ،الأغلبية دائما ماتحتاج إلى مبرر وهمي كي لا تعكر صفوة تراكماتها المرضية ،لكن هناك بعض عقلاني عملي سيقرأ الأحرف دون ان يلتفث إلى الصورة.
المشكلة لا تكمن في صحة الصورة أو لا ،بل لأنها تجسد واقعا ملموسا كان و مازال حيا إلى يومنا هذا ،لهذا فتجار الحروب لا يستثنون شيئا من غنائم الأرض الظاهرية و الباطنية ،كل شيء يتحول إلى بضاعة ذات قيمة محددة سواء روحا أو جسدا أو معدنا كانت.
الحرب ممارسة حتمية لابد منها ،غير مرغوب فيها على الأرجح ،لكن تبقى عقبة و منعطفا تسقط عنده كل الأقنعة المزيفة المخادعة ،لهذا فالأغلبية الواعية تنحدر من الشعوب التي دمرها الحرب و من خلالها كشفت حقيقة الغير و العالم.
عندما تبدأ الحرب الكل يتاجر بما يملك في يده ،رجال الدين يتاجرون بالنساء و الجنة ،السياسيون بالوطن و الشعب لأنهما غاليان ،المثقفون بالأفكار و الرؤى ،وحده الشعب البسيط من يسدد فواتير تلك الصفقات الضخمة ،العجيب ان الشعب من تحمل عناء بناء و تأسيس الوطن قبلا ،كذلك من يتحمل عبئه عندما يتهدم ،الساسة و القادة فقط يحكمونه في السلم و في الحرب يلقون بثقله على أجساد المساكين.
من الناحية الأخلاقية و الإنسانية في نظري ارى أن من تعطيه نفسه بيع و شراء إنسان يستطيع أن يبيع نفسه و أهله و وطنه ،فصورة المراة الكوردية لا تعبر فقط على حقيقة الإسلاميين و المتطرفين بل كذلك حقيقة من يسمح لنفسه أن يخوض الصفقات في مستنقعهم العفن ،لهذا فأغلبية الإسلاميين تكمن أزمتهم ذهنيا و اخلاقيا ،لم يرتقوا بعد إلى ما يسمى عتبة الإنسان العاقل.
صورة إمرأة كوردية في مزاد علني بعشر دولارات لها دلالات كثيرة عدة ،مؤشر يوضح مدى حقد الشعوب الإقليمية على الشعب الكوردي ،مدى دنوية قيمة الإنسان الكوردي في نظرهم ،مدى إحتقارهم و تصغيرهم للإنسان الكوردي ،مدى عدم تقبل و قبول الإنسان الكوردي مهما حصل ،مدى سواد نفس البائع و المشتري و الوسيط ،كل هذا يثبت حقارتهم و مستواهم و معدنهم و تاريخهم و ثقافتهم مع العلم أنهم من أرض كوردستان يأكلون و يشربون ،في حين لا يقلل هذا مطلقا من شأن و شرف الكورد نساءا و رجالا.
لست غبيا و ضعيفا كي تستفزني صورة كهذه ،لأني أعلم أن إلتقاط الصور بهذا الشكل مجرد ردة فعل و خيبة أمل الفاعل بعد أن إصطدم بعدم إستسلام الكورديات له ،صحيح أنها قاسية من الناحية الإنسانية ،لكنها فخر و قدوة لنا جميعا من الناحية الأخلاقية.
يريدون إسقاط كرامة الكورد في الوحل ،فأسقطوا وحلهم في كرامة الكورد ،لكن تبقى الكرامة كرامة و الوحل وحل ،لقد قرأت الصورة من ابعاد كثيرة ليس فقط من أفق ضيق كالذي قرأتموها منه ،كوني لا أملك عقلا سطحيا كعقلكم لأني أمازيغي ،علما أن الصورة لا تقرأ بالمظهر فقط ،بل تحتاج إلى نظرة عميقة تحليلية فكريا و نفسيا و أخلاقيا و ثقافيا و تاريخيا و إجتماعيا و سياسيا ،المشكلة أنكم لا تملكون عقلا كورديا او امازيغيا سليما لتفكروا به ،لهذا فمن قراءتي للصورة بشكل عام سقط تاريخكم و فكركم و أخلاقكم و ثقافتكم و سياستكم و مجتمعكم أمام فخامة صاحبة الصورة ،لتبقى هذه الصورة مرآة تكشف صداكم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…