شوارع الكرامة و أوطان المذلة

الأمازيغي: يوسف بويحيى
إني أنا الأمازيغي الذي أومن بعدالة القضية الكوردية كقضية شعب مضطهد شأنه شأن شعبي الأمازيغي الأبي ،قضية تاريخية و جغرافية و إجتماعية و ثقافية و إقتصادية و سياسية ،قضية حقة مرهونة بالوجود الكوردي على مدار كوردستان العظمى شرقا و غربا و جنوبا و شمالا.
أمازيغي أنا بعيد بجسدي لكن بروحي قريب ،بل كوردي بها إلى النخاع ،قومي المبدأ ،معتدل الفكر و النهج ،كل هذا من خلفيات التهميش و القمع الذي ذاقته ذاتي الأمازيغية من سموم السياسة المستعمرة ،وعي إنبثق من صميم الروح نتيجة الإحساس بألم الإحتقار و التقزيم على يد من يتبنى العنصرية و الشوڤينية ثقافة.
إني أرى نفسي وحيدا مع من يشبهني من الكورد بين شعبينا لأسباب تكمن في آفة المدرسة و سياسة التعريب و التتريك و التفريس و الأسلمة و التشيع و الشيوعية ،المدرسة حولت الإختلاف إلى خلاف ،كما أطاحت بالقاعدة الجوهرية و لب الذات و الأخد بقشور ذوات الغير ،عوض أن نقرأ الكتاب بعقلنا على ما نحن عليه أصبح الكتاب يقرؤنا كما يريد.
سلكنا طريقا من خلاله تغيرت سلوكياتنا تجاه انفسنا و غيرنا ،إنتقاد الفكرة اصبح جريمة ،البحث عن الحقيقة خطورة حتى لو كانت هذه الحقيقة حقيقة ذاتك ،قول أنا كوردي أو امازيغي أو يهودي أو قبطي…خيانة و عمالة للشيطان.
تحولنا من إنسان عاقل إلى كائن مبرمج لا يختلف كثيرا عن وسيلة مصطنعة ،كثيرا ما نؤمن بفكرة أو افكار نجد أنفسنا عكسها فنصمت و نقول هذا ما تعلمناه في المدرسة أو هذا ما قاله معلمنا ،أرواحنا لم تتخلص من عذوبتها بتقديس الرموز حتى لو كانت كاذبة ،وقفنا للمعلم وفيناه التبجيل ،رددنا جميعا مدرستي الحلوة ،صدقنا أن كل ما نراه في التلفاز يمثلنا ،دون أن نتساءل لماذا لا نجد أنفسنا في اللوحة المرسومة بريشة من حديد و لون الدم الداكن ،برهة صمت تليها فكرة تمسح من عقلنا كل ذلك التناقض بعبارة سمعناها من أمهاتنا كالتالي :”إياك يا بني ان تقول ذلك في الشارع”.
كل الخوف من الشارع ،حتى الحقيقة تخشى الشارع ،زيادة إلى الإعتراف بالأمازيغية و الكوردياتية تهاب من الشارع ،خوفا من الشارع الذي لم نكن نعلم حقيقته ،حينا كانت كل تصوراتنا على الشارع فقط مجرد أزقة و طرقات و حدائق و ملاعب كرة قدم…!!.
لم نكن نعي معنى الشارع لأسباب عدة أغلبها براءتنا و نظرتنا المثالية للواقع و العالم ،نظرة نرى من خلالها كل شيء على أنه يشبه ما بداخل منزلنا البسيط الجميل ،كنا أقل وعيا إلى الآن من وعي تلك الأم الأمازيغية (أمي) التي لم تلج فصل المدرسة قط في حياتها ،نعم تستحق أن أقبل رأسها على تلك النظرة العميقة القابعة في روحها الذكية.
للتو فهمت و أخي الكوردي أن الوطن الذي كنا نراه مأوا لنا في الحقيقة شارع كالذي حدثتني أمي عنه ،شارع بكل تفاصيل أزقته الضيقة و طرقاته الطويلة الشاقة ،شارع بأرضه العارية و سمائه المظلمة ،لا يشبه ما كنا نشاهده في التلفاز ،و لا حتى ما تعلمناه في المدرسة بأنه وطن ،بل كانت تلك اللوحة فقط لشارع مزركش بألوان الحياة و الحب ،سلبت عقلنا بجمالها و بمهارة رسامها المخاذع ،هنا تذكرت مغزى العظيمة الأمازيغية من معنى الشارع بجملتها المبهمة الملفوفة بٱحساس الرحمة و الحنان و الخوف الأمومي.
الآن و للتو أدركنا أن ما كنا نعتقده وطنا كان شارعا كباقي الشوارع ،مع العلم أن أغلبية الشوارع أرحم من تلك الأوطان ،إلى درجة أننا تذوقنا الإستقلالية و الحرية لأول مرة في التشرذ و الإضطهاد و السجن ،لدى فما أجمل قسوة الحرية من بلاط الركوع لغير الله ،لا نملك إلا العقل و به ستصير كوردستان و تمازغا مستقلة يوما ما ،أقسم لكم بذلك.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…