المؤكد من غزو المحتل التركي لـ عفرين

علي جعفر
بات من شبه المؤكد أن غزو المحتل  التركي و مرتزقته السوريين على منطقة عفرين في غرب كوردستان جاء بعد ابرام صفقة باتت تفاصيلها كاشفة ما بين تركيا و روسيا. و كذلك بعد تصريحات مسؤولي الادارة الأمريكية من أن عفرين ” خارجة مجالها عملياتها العسكرية في سوريا “. إذاً ببساطة عالم اليوم هو عالم الصفقات و المصالح الاقتصادية والسياسية ما بين اللاعبين الكبار. أما مقولة حقوق الإنسان و الشعوب والديمقراطية والعدالة والمساواة هي مفردات براقة تخضع البسطاء من الناس.    
المؤكد أيضاً أن هدف العدوان التركي و مرتزقته من داعش وجبهة النصرة ومثيلاتها تحت مسمّى ” الجيس السوري الحر ”  ليس محاربة حزب أو فئة كوردية بعينها، بل كسر ارادة الشعب الكوردي الذي ناضل ويناضل منذ مئات السنين لنيل حقوقه القومية الديمقراطية، ونسف كل انجاز ومكتسب يحققه الكورد بفضل تضحيات أبنائه البررة . ولنتذكر تصريحات الطورانيين الترك في الأمس القريب عندما قالوا: حتى ان حاول الكورد اقامة خيمة لهم على المريخ أو في أفريقيا، فإننا سنحاول إزالة تلك الخيمة من الوجود. ودعونا نتذكر أيضاً تصريحات القادة الإيرانيين و آخرهم الرئيس الإيراني حسن روحاني في الأمس عندما قال: ” أنهم أفشلوا محاولة الاستقلال في شمال العراق وأنهم سيفشلون تلك المحاولات في شمال سوريا أيضاً “. 
وفي مسعى فضح و تعرية أهداف الغزو التركي ومراميه للرأي العام الالماني والأوروبي والعالمي تقوم الجالية الكوردية منذ اليوم الأول من العدوان التركي و بشكل شبه يومي بمظاهرات وتجمعات في أغلب المدن والعواصم الأوروبية. 
في هذا السياق و بمبادرة من بعض أبناء الجالية الكوردية في مدينة ( فريدن – Vreden ) الألمانية وبالتنسيق مع منظمة حزب الخضر الألماني في المدينة أقيمت ندوة للألمان و الكورد، حاضر فيها الشخصية الألمانية المعروفة، وصديق الشعب الكوردي (  زكي مارتش –  Siggi Martch ) المنتمي لهذا الحزب، و ذلك للفت نظر الرأي العام الرسمي والشعبى الألماني للعدوان التركي.
في البداية، و نيابة عن الجالية الكوردية رحب أحد كورد المدينة، بالمشاركين وشكرهم على حضورهم، ثم قدم المحاضر الذي استهل محاضرته بسرد تاريخي عن الشعب الكوردي ونضاله في سبيل نيل حقوقه القومية العادلة، و محاولات أعداء الكورد في منع أية محاولة كوردية تهدف لبناء دولته الوطنية المستقلة، وذكر كمثال عملية الاستفتاء التي جرت في العام الماضي في جنوب كوردستان، وإقدام النظام الإيراني والمليشيات العراقية المرتبطة بها في الهجوم على كركوك والمناطق الكوردستانية المتنازع عليها واحتلالها. 
        بعد الانتهاء من محاضرته، تقدم بعض الحضور من الألمان والكورد ببعض الأسئلة و المداخلات، كانت  منها مداخلة من كاتب هذه السطور، الذي قال: ” في الوقت الذي نقدر فيه مواقف الأحزاب الألمانية التي طالبت بوقف العدوان التركي على عفرين و…… ، لكن هذا الموقف لا يكفي؛ إذا أن الأسلحة التي يقتل ويستشهد بها المئات من المدنيين الأبرياء، والمقاتلين والمقاتلات الكورد هي أسلحة ألمانية، ولذا على الدولة الألمانية ليس تجميد امداد تركيا بهذه الأسلحة فحسب بل وقف الإمداد بشكل كامل، و سبق لألمانيا أن مدت نظام صدام حسين المقبور بالسلاح الكيماوي الذي استعمله ضد الكورد في حلبجة عام 1988. وأنا ككردي حامل الجنسية الألمانية أشعر بالعار و… عندما أعرف ذلك…. “. كما تقدمت بسؤال للمحاضر: ماذا يمكنهم أن يعملوا لأكثر من مليون إنسان من كورد المنطقة ومئات آلاف السوريين الذين هربوا من نار الحرب السورية إلى عفرين، حيث يحتاجون للمأوى و الملبس والأدوية والمأكل وغيرها.  
من جهته، و في سياق الرد على أسئلتنا وأسئلة غيرنا، قال مارتش: إن مواقف الأحزاب الألمانية من العدوان التركي على عفرين ليس بالمستوى المطلوب، و أخص بالذكر موقف الحزب الذي أنتمي إليه، إذ بإمكان حزبنا أن يفعل أكثر من هذا. لكنني كشخص وكصديق للشعب الكوردي أقول؛ رغم أن أحد عينيّ لا ترى كثيراً لكن بعيني الأخرى، وإن  بقيت على صحتي فإنني سأدافع عن الكورد و كوردستان، وسأنقل معاناتهم وآلامهم وقضيتهم المحقة للرأي العام الألماني والعالمي أينما كنت وذهبت. 
13/2/2018

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…

د. محمود عباس صرخة في وجه التكفير والخراب والإرهاب. من يهاجم المكون الدرزي في السويداء؟ من يحاصر مدنها، ويهدد شيوخها، ويحرّض على أبنائها بذريعة كلمة قيلت أو لم تُقَل؟ من نصب نفسه حاميًا للرسول الكريم وكأن الإسلام ملكيته الخاصة، وكأن نبي الرحمة جاء لقوم دون قوم، ولدين دون آخر، متناسين أن محمدًا عليه السلام نبي الإنسانية كلها، لا نبي التنظيمات…

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…