عفرين الورقة الرابحة للأتراك ..

د. محمد رشيد 
دخلت تركيا بقوة في بداية الثورة السورية  بشأن الحراك السوري ونصبت جماعة الاخوان المسلمين في واجهة المعارضة السياسية ولقيادة الصراع المسلح مجندة لفصائل اسلاموية متعددة وادخال المجاميع المسلحة من الشتات من كل حدب وصوب بالمال الخليج الحرام ، لم تكتسب تركيا سوى مال حرام من دول الاتحاد الاوربي – آخر دفعة ستة مليار دولار – لايقاف تدفق اللاجئين السورين عبر اراضيها واجواءها وبحارها الى اوربا، ورقتها الوحيدة في المشاركة بالمفاوضات هي مقايضة اللاجئين السوريين والذي فاق عددهم ثلاثة مليون ونصف لاجئ سوري ،وبالدخول في مسار المفاوضات التي جرت منذ ستة اعوام فانه لم يحصل أي تقدم في أي مسار حتى الان على الرغم من ان مشكلة اللاجئين كانت احد البنود الاساسية على طاولات المفاوضات بعد بند وقف اطلاق النار وفد تضاعف اللقاءات  الجنيفات (جنيف 8) واردف مثلها باسيتانات (اسيتانة) وفينات وغيرها من مفاوضات فلم يتم الحصول أي تقدم او ايجاد أي حل .
بحث الاتراك لانفسهم عن ورقة على الارض تمكنهم من الاستحواز على ماتم مع توزع الجغرافية السورية بين اللاعبين حيث ان الجيش الحر التابع له وهي التي اوجدته فقد أي سيطرة على منطقة معينة حسب الاصطفافات (روسيا بقاعدتين طرطوس وحميميم وقوات متحركة في جميع الاتجاهات داخل مربعات النظام ، النظام توسع سيطرته بعد فقده الاكثر من 70% من الماحة السورية ووصل الان الى اكثر من 60% بعدما تدنى الى اقل من 30% ،الفصائل الشيعية المسلحة سيطرة على مرتفعات الحدود اللبنانية وحمص وداخل المدن الكبيرة وخاصة العاصمة، الابوجية تم استحواذهم على جميع المناطق الكردية (في صفقة استلام وتسليم بينها وبين النظام ومن دون اطلاق رصاصة واحدة، سوى اشتباكات خلبية مصطنعة في بعض المناطق الكردية)، الامريكان تسلمت فيما بعد جميع اجواء شمال وشرق سوريا وقواعد صغيرة متفرقة، اما ماعرف .بداعش والتي ازحلت مؤخرا فان سيطرتها توسعت ووصلت باالاستحواز على اكثر من 40% ،ولم يتبقى لها الان سوى وحدات متنقلة في البادية السورية ومخيم اليرموك وجيوب متفرقة، جبهة النصرة تسلمت منطقة ادلب وشمال حماة وجبال القلمون ومناطق متفرقة في الغوطة والجنوب السوري وحلب مع جبهة التوحيد التبعة للإخوان المسلمين ، بالاضافة الى توزع فصائل اسلاموية تعدى تعدادها الى اكثر من الف جماعة …يمكن النظر الى الرابط عدد الجماعات المسلحة بحسب بي بي سي
https://www.sasapost.com/armed-groups-in-syria/  
منطقة النفوذ التركي – جرابلس ومن ثم توسعها الى اعزاز- لم يكن بذات الاهمية في التوازن الجغرافي السوري الموزع  والذي بموجبه تم الاتفاق عليه في سوتشي 1 ، فكان ان اطلق العنان لتركيا بالتدخل في المناطق الكردية وخاصة منطقة عفرين المحاطة بجهات ثلاثة من الاتراك (داخل فكي كماشة) ،..
من الناحية السياسية، اوجد في سوريا وضعا سياسيا مربكا من خلط الاوراق حيث سحبت دول الخليج اياديها _ بايجاد الازمة الخليجية القطرية، وفشل دول الخليج لحسم المشكلة اليمنية والتي تصاعدت بسيطرة الحوثيين على كامل المناطق الغير خاضعة للشرعية _ .
 وتسلمت روسيا  كامل الملف السوري فكان سوتشي1 ( بوتين اردوغان محتشمي)، على ان يكون الحل النهائي سوتشي 2 نهاية الشهر الحالي كانون الثاني .
ومع هذا وذاك فالحلقة الاضعف في المعادلة على الخارطة الجيوسياسية هم الابوجية، والحائزين على  قدر كبير من الجغرافية السورية، ومن دون أي جهد او قوة او امتياز سوى تحالفات هزيلة مع النظام (على المستوى الامني والاقتصادي مع دعم عسكري محدود ومالي وضبضة الحركة الكردية)، او وجود تحالف عسكري مع الامريكان ينتهي باتفاق ينتهي مفعوله  بازالة السبب (محاربة داعش) فقط في المنطقة الشرقية من سورية، ومن دون أي سند او دعم دولي او اقليمي او سوري او كردي …سوى الدعم الفيسبوكي .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…