إدريس بيران
إن مفهوم الكوردايتي يتجسد فيه المفاهيم القومية والهوية والخصوصية الكوردية والإخاء الكوردي والإنساني, وهو ليس نتاج نظرية قومية سياسية فحسب بل هو امتداد لعصور غابرة تجسد وترسخ في الثقافة الشعبية للأمة الكوردية وهو نتاج طبيعي عاطفي وفطري وإنساني تزامن وترسخ في الوعي الشعبي للأمة الكوردية منذ فجر تاريخها الموغل في القدم.
ويذكر التاريخ الكوردي كيف اتحدت القبائل والعشائر الكوردية الميدية في منتصفيات الألف الأول قبل الميلاد للتحرر من بطش وسيطرة الدولة الأشورية آنذاك وإقامة الدولة الميدية الكوردية.
ويذكر المؤرخون بأنها كانت بمثابة اتحاد فيدرالي بين القبائل والعشائر الكوردية الميدية.
أي إنها كانت اتحادا كونفدراليا مجتمعيا طبيعيا يجمعها اللغة والرقعة الجغرافية الواحدة والثقافة الشعبية والدينية السائدة آنذاك بالإضافة إلى المصالح القبلية….؟.
ولازال ملامح تلك الثقافة الشعبية والدينية الموروثة تتوافر في الديانة الايزيدية الكوردية الحالية, وبالإضافة إلى توافرها في المجتمع الكوردي عموما, والتي تتجسد ممارسة وتقليدا فيه دون أن يدرك انتماءها الديني والثقافي في الوسط الكوردي العام, وتدرك كتقليد كلاسيكي فحسب إلا إنها تنتمي إلى تلك الثقافة الشعبية الموروثة بدءا من الثقافة الدينية الايزيدية القديمة ومرورا بالزرداشتية التي استمدت سيرورتها من الايزيدية القديمة , بالإضافة إلى العقيدة الزروانية والميثرائية والثقافة الشرقية عموما في مزوبوتاميا والتي تستمد فلسفتها وقاعدتها البنيوية من الفلسفة الايزيدية الأكثر قدما والتي تطورت عبر المراحل التاريخية المتعاقبة وحسب الحقبة الزمنية وسيطرة الأقوى من شعوب المنطقة وإمبراطورياتها التي أحدثت تغيرا وتطويرا في شكل الفلسفة الكوردية الأكثر قدما واستمدت من جوهرها , وأدت إلى تمازج ثقافي شرقي بطابع مزوبوتامي خاص بسبب سيطرة الإمبراطوريات المتجاورة والمتصارعة على التوسع بدءا بالآشوريين ومرورا بالفرس واليونان , ومن ثم ظهور الفجر المسيحي وبالتالي الإسلامي .
ومع هذا كله حافظ الكورد على هويتهم وخصوصيتهم ورقعتهم الجغرافية وثقافتهم التي سادت في المنطقة منذ عصور موغلة في القدم التاريخي , كما كان للكورد دولهم ذات الطابع القومي والثقافي في الرقعة الجغرافية ذاتها منذ الألف الثالث قبل الميلاد كالدولة الهورية (الحوريين) والميتانيين والكاسيين…… ومرورا بالدولة المروانية والدوستكية والإمارات الكوردية كإمارة بوطان البدرخانية وغيرها بالإضافة إلى الوحدات القبلية والعشائرية…..
في العصر الإسلامي العربي والأيوبي الكوردي والعثماني التركي؟.
(للملاحظة ومن تلك الثقافة الشعبية الموروثة الأنفة الذكر كقصة جسر الصراط – جسر الصلاة pira selatê – وقصة ملك زان وبعض الأدعية الأخرى والعادات والتقاليد التي لازالت في الثقافة الجمعية للشعب الكوردي الذي لازال يحتضن تلك الرقعة الجغرافية ذاتها قديما وحديثا , وبالإضافة إلى ثقافة الاتحادات والاندماجات العشائرية حتى بعد انهيار الدولة العثمانية).
والغاية من هذا السرد التاريخي هو مدى تجزر الكوردايتي أي مدى تجزر الخصوصية القومية للشعب الكوردي الذي يعيش على أرضه التاريخية المتجسدة في كوردستان المقسمة والمغتصبة في عصرنا الراهن …..الخ.
والسؤال البديهي لماذا لم يتمكن الشعب الكوردي وحركته التحررية في عصرنا الراهن أي في القرن العشرين من إقامة الكيان الكوردي المستقل مثل باقي شعوب المنطقة المجاورة للشعب الكوردي وحتى انه لم يتمكن من تحقيق أية حقوق قومية ضمن الدول المغتصبة لكوردستان, باستثناء كوردستان العراق في هذا العقد الأخير.
والسبب في ذلك إن كوردستان باتت مستعمرة دولية بعد انهيار الدولة العثمانية ومن ثم تجسد التقسيم بعد اتفاقية سايكس بيكو ( 1916) م والتي تحولت كوردستان على إثرها إلى أربعة أجزاء الحقت بالكيانات المستحدثة سياسيا المجاورة , فضلا عن أنها كانت مقسمة قبل ذلك بين الدولة العثمانية والإيرانية .
ولم تلتقي مصالح الاستعمار الأوروبي مع طموحات الشعب الكوردي في إقامة كيانه المستقل ولم يتمكن الكورد من جذب المصالح الأوروبية نحوهم على غرار الشعوب المجاورة لهم والتي كانت تحت سيطرة الدولة الإسلامية العثمانية قبل سقوطها من قبل الاستعمار الغربي الاوروبي , والأسباب كثيرة ومتعددة ومن ضمنها الطابع الثقافي والديني الإسلامي وفلسفة الأمة الإسلامية والإخاء الإسلامي للشعب الكوردي .؟ ,وهذه الفترة معلومة بكل تبعاتها في التاريخ السياسي الحديث للكورد…..؟.
وفي ظل سياسة القطبين في العالم والتي كانت متجسدة في المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي وبعبارة أخرى (الليبرالي) لم تلتقي مصالح الطرفين مع طموحات الشعب الكوردي ..؟ , بل فعلت فعلها في استنزاف طاقات الشعب الكوردي ونضاله من اجل الحرية….
والان يعيش العالم سياسة القطب الواحد بشكله العام إلى جانب قوى أخرى تبدو منسجمة في ظل النظام العالمي الجديد وبلورة المفاهيم الديمقراطية… تحت ظل الديمقراطية الحرة والمتجسدة في المفاهيم الاقتصادية الليبرالية, (التي تلغي الطبقية بمفهوم المصالح المشتركة وحرية الفرد ….الخ.).
وقد استفاد الجزء الجنوبي من كوردستان (كوردستان العراق) من الحرية في ظل النظام العالمي الجديد الذي افرز مفاهيم الحرية والديمقراطية في المنطقة ونتج على إثرها العراق الفيدرالي الموحد .
إن الحرية والمفاهيم الديمقراطية التي تشرعن للشعوب والمجتمعات والأفراد حقهم في تقرير المصير ورعاية حقوقهم ومصالحهم أدت إلى إنتاج أشكال أكثر تطورا للعيش المشترك والمتمثل باتحادات فيدرالية وكونفيدرالية وعصرنة المفاهيم الوطنية ….الخ .
في ظل هذه الظروف والمفاهيم العالمية الجديدة تبقى الخصوصية القومية أكثر سموا وبإمكانها الاتحاد مع القوميات والشعوب الأخرى والأقليات القومية وشتى المذاهب والمشارب , بناءا على المصالح المشتركة والمساواة والعيش المشترك واحترام الخصوصية الثقافية والاثنية وحريتها .
ويقول تعالى في كتابه العزيز والذي تتجلى فيه الحرية للبشرية جمعاء ,((وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم)).
فالقومية ليست عقيدة كلاسيكية تقليدية وليس محض نظرية ولا فكرة رجعية, ولا يمكن تقيد القومية بأفكار وقوانين نظرية, لان القومية هي عقد اجتماعي متوارث طبيعيا في الثقافة الشعبية العامة منذ فجر التاريخ , بل حالة إنسانية أكثر سموا ورقيا فالقومية أو الأمة تعني مجموعة أفراد يسكنون جغرافية محددة تربطهم بعضهم البعض لغة واحدة وثقافة مشتركة وعادات وتقاليد وبشكلها الطبيعي ومن دون دواعي نظرية وهي حالة حسية وفطرية إنسانية.
ويقول الرئيس السوري الراحل المرحوم حافظ الأسد في سياق القومية والأمة ((إن وحدة الأمة ليست نظرية أو اجتهادا جاءت به الأمة بل هي قانون طبيعي وجدته الأمم أمامها, أحست به عفوا, ورسخته عقلا وأصبح على امتداد الحياة الإنسانية الناظم البديهي للعلاقات بين أبناء الأمة الواحدة وان عملت ظروف شاذة طارئة عكس اتجاهه.
ومن هنا لا نجد امة في العالم جزئت إلا وناضلت, أو تناضل من اجل تطبيع ذاتها بتحقيق وحدتها …..الخ)).
ومن السياق الطبيعي للخصوصية القومية التي هي من المسلمات في مفهوم الكوردايتي, التأكيد على الرابطة القومية الكوردية وتكثيف الشعور بالهوية القومية وخصوصيتها وعراقتها التاريخية والمتجسدة أصلا في الثقافة الشعبية الكوردية التي هي بمثابة عقد اجتماعي قومي وتلاحم كوردي متين في كافة أجزاء كوردستان رغم تقسيم وطنهم بين أربع دول ورغم معاناتهم وتشويه ثقافتهم وتراثهم القومي …ورغم إن وطنهم لم يكن مستعمرة إقليمية فحسب بل كانت مستعمرة دولية حسب توازنات الدول العظمى ومن ثم سياسة القطبين……الخ.
إذ إن مفهوم الكوردايتي هي ثقافة إنسانية وحس قومي بخصوصيته الكوردية , ويتميز الكورد بسيرورة الأمة والعراقة التاريخية منذ فجر التاريخ والى الآن , ولم ينقطع روح الكوردايتي في أي فترة من فترات التاريخ الكوردي وتوالت عبر كل الأزمنة قدرتها على التواصل وعلى التجديد في أنماط وإشكال الوعي القومي والاجتماعي الإنساني وواكبت جميع مراحل التاريخ قديما وحديثا .
إذ لم ينقطع النضال القومي الكوردي لتحقيق الذات الكوردية , رغم إدراك الكورد للواقع الجيوسياسي الكوردي المرير والمجزأ وطرحت باستمرار مشروع الخلاص والتحرر والتقدم الحضاري الإنساني .
وبات روح الكوردايتي أكثر قوة وتعزيزا وتمتينا للأواصر القومية الكوردية , ومثال ذلك لم يبخل الشعب الكوردي في أي جزء من كوردستان اتجاه الجزء الكوردي الأخر بأرواحهم وأموالهم ودعمهم للثورات الكوردية المختلفة في كافة أجزاء كوردستان , ولم يكن يوما تقسيم كوردستان إضعافا للشعور القومي الكوردي العام في سياقه الطبيعي والسياسي.
وأضحى روح الكوردايتي الدافع الأقوى للنهوض والوقوف إلى جانب حركة وثورة أي جزء من كوردستان , ويتكاثف إحساس الكوردايتي ويتعاظم بوحدة الوجود القومي الكوردي وعلى الرقعة الجغرافية الطبيعية للشعب الكوردي, ووحدة المصير وضرورة وحدة النضال من اجل الخلاص والتحرر في أي جزء من كوردستان المقسمة.
إن الكوردايتي هي بنية الوجدان القومي الكوردي ,ويهدف إلى التعاون والنهضة القومية والتماسك الاجتماعي القومي والإنساني ,ويهدف إلى تحويل الثقافة الشعبية الكوردية وهويتها وخصوصيتها القومية وحركتها السياسية ونضال المجتمع الكوردي عموما , إلى عامل الخلاص للأمة الكوردية بغية تحررها من الظلم والاستبداد …الخ.
أي إن الكوردايتي تسعى إلى جعل الإحساس القومي الفطري والعاطفي , أي الوعي بالذات القومية إلى وعي للذات القومية وترسيخه عبر المفاهيم الحداثية والإنسانية والعقلانية العلمية من خلال حركته التحررية عموما , بغض النظر عن المتفاوتات السياسية داخل المجتمع الكوردي , بل يهدف الكوردايتي إلى وحدة النضال القومي الكوردي لأنها الماهية الحقيقية والعامل الأساسي للتحرر الكوردي سياسيا واجتماعيا واقتصاديا .
ويذكر المؤرخون بأنها كانت بمثابة اتحاد فيدرالي بين القبائل والعشائر الكوردية الميدية.
أي إنها كانت اتحادا كونفدراليا مجتمعيا طبيعيا يجمعها اللغة والرقعة الجغرافية الواحدة والثقافة الشعبية والدينية السائدة آنذاك بالإضافة إلى المصالح القبلية….؟.
ولازال ملامح تلك الثقافة الشعبية والدينية الموروثة تتوافر في الديانة الايزيدية الكوردية الحالية, وبالإضافة إلى توافرها في المجتمع الكوردي عموما, والتي تتجسد ممارسة وتقليدا فيه دون أن يدرك انتماءها الديني والثقافي في الوسط الكوردي العام, وتدرك كتقليد كلاسيكي فحسب إلا إنها تنتمي إلى تلك الثقافة الشعبية الموروثة بدءا من الثقافة الدينية الايزيدية القديمة ومرورا بالزرداشتية التي استمدت سيرورتها من الايزيدية القديمة , بالإضافة إلى العقيدة الزروانية والميثرائية والثقافة الشرقية عموما في مزوبوتاميا والتي تستمد فلسفتها وقاعدتها البنيوية من الفلسفة الايزيدية الأكثر قدما والتي تطورت عبر المراحل التاريخية المتعاقبة وحسب الحقبة الزمنية وسيطرة الأقوى من شعوب المنطقة وإمبراطورياتها التي أحدثت تغيرا وتطويرا في شكل الفلسفة الكوردية الأكثر قدما واستمدت من جوهرها , وأدت إلى تمازج ثقافي شرقي بطابع مزوبوتامي خاص بسبب سيطرة الإمبراطوريات المتجاورة والمتصارعة على التوسع بدءا بالآشوريين ومرورا بالفرس واليونان , ومن ثم ظهور الفجر المسيحي وبالتالي الإسلامي .
ومع هذا كله حافظ الكورد على هويتهم وخصوصيتهم ورقعتهم الجغرافية وثقافتهم التي سادت في المنطقة منذ عصور موغلة في القدم التاريخي , كما كان للكورد دولهم ذات الطابع القومي والثقافي في الرقعة الجغرافية ذاتها منذ الألف الثالث قبل الميلاد كالدولة الهورية (الحوريين) والميتانيين والكاسيين…… ومرورا بالدولة المروانية والدوستكية والإمارات الكوردية كإمارة بوطان البدرخانية وغيرها بالإضافة إلى الوحدات القبلية والعشائرية…..
في العصر الإسلامي العربي والأيوبي الكوردي والعثماني التركي؟.
(للملاحظة ومن تلك الثقافة الشعبية الموروثة الأنفة الذكر كقصة جسر الصراط – جسر الصلاة pira selatê – وقصة ملك زان وبعض الأدعية الأخرى والعادات والتقاليد التي لازالت في الثقافة الجمعية للشعب الكوردي الذي لازال يحتضن تلك الرقعة الجغرافية ذاتها قديما وحديثا , وبالإضافة إلى ثقافة الاتحادات والاندماجات العشائرية حتى بعد انهيار الدولة العثمانية).
والغاية من هذا السرد التاريخي هو مدى تجزر الكوردايتي أي مدى تجزر الخصوصية القومية للشعب الكوردي الذي يعيش على أرضه التاريخية المتجسدة في كوردستان المقسمة والمغتصبة في عصرنا الراهن …..الخ.
والسؤال البديهي لماذا لم يتمكن الشعب الكوردي وحركته التحررية في عصرنا الراهن أي في القرن العشرين من إقامة الكيان الكوردي المستقل مثل باقي شعوب المنطقة المجاورة للشعب الكوردي وحتى انه لم يتمكن من تحقيق أية حقوق قومية ضمن الدول المغتصبة لكوردستان, باستثناء كوردستان العراق في هذا العقد الأخير.
والسبب في ذلك إن كوردستان باتت مستعمرة دولية بعد انهيار الدولة العثمانية ومن ثم تجسد التقسيم بعد اتفاقية سايكس بيكو ( 1916) م والتي تحولت كوردستان على إثرها إلى أربعة أجزاء الحقت بالكيانات المستحدثة سياسيا المجاورة , فضلا عن أنها كانت مقسمة قبل ذلك بين الدولة العثمانية والإيرانية .
ولم تلتقي مصالح الاستعمار الأوروبي مع طموحات الشعب الكوردي في إقامة كيانه المستقل ولم يتمكن الكورد من جذب المصالح الأوروبية نحوهم على غرار الشعوب المجاورة لهم والتي كانت تحت سيطرة الدولة الإسلامية العثمانية قبل سقوطها من قبل الاستعمار الغربي الاوروبي , والأسباب كثيرة ومتعددة ومن ضمنها الطابع الثقافي والديني الإسلامي وفلسفة الأمة الإسلامية والإخاء الإسلامي للشعب الكوردي .؟ ,وهذه الفترة معلومة بكل تبعاتها في التاريخ السياسي الحديث للكورد…..؟.
وفي ظل سياسة القطبين في العالم والتي كانت متجسدة في المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي وبعبارة أخرى (الليبرالي) لم تلتقي مصالح الطرفين مع طموحات الشعب الكوردي ..؟ , بل فعلت فعلها في استنزاف طاقات الشعب الكوردي ونضاله من اجل الحرية….
والان يعيش العالم سياسة القطب الواحد بشكله العام إلى جانب قوى أخرى تبدو منسجمة في ظل النظام العالمي الجديد وبلورة المفاهيم الديمقراطية… تحت ظل الديمقراطية الحرة والمتجسدة في المفاهيم الاقتصادية الليبرالية, (التي تلغي الطبقية بمفهوم المصالح المشتركة وحرية الفرد ….الخ.).
وقد استفاد الجزء الجنوبي من كوردستان (كوردستان العراق) من الحرية في ظل النظام العالمي الجديد الذي افرز مفاهيم الحرية والديمقراطية في المنطقة ونتج على إثرها العراق الفيدرالي الموحد .
إن الحرية والمفاهيم الديمقراطية التي تشرعن للشعوب والمجتمعات والأفراد حقهم في تقرير المصير ورعاية حقوقهم ومصالحهم أدت إلى إنتاج أشكال أكثر تطورا للعيش المشترك والمتمثل باتحادات فيدرالية وكونفيدرالية وعصرنة المفاهيم الوطنية ….الخ .
في ظل هذه الظروف والمفاهيم العالمية الجديدة تبقى الخصوصية القومية أكثر سموا وبإمكانها الاتحاد مع القوميات والشعوب الأخرى والأقليات القومية وشتى المذاهب والمشارب , بناءا على المصالح المشتركة والمساواة والعيش المشترك واحترام الخصوصية الثقافية والاثنية وحريتها .
ويقول تعالى في كتابه العزيز والذي تتجلى فيه الحرية للبشرية جمعاء ,((وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم)).
فالقومية ليست عقيدة كلاسيكية تقليدية وليس محض نظرية ولا فكرة رجعية, ولا يمكن تقيد القومية بأفكار وقوانين نظرية, لان القومية هي عقد اجتماعي متوارث طبيعيا في الثقافة الشعبية العامة منذ فجر التاريخ , بل حالة إنسانية أكثر سموا ورقيا فالقومية أو الأمة تعني مجموعة أفراد يسكنون جغرافية محددة تربطهم بعضهم البعض لغة واحدة وثقافة مشتركة وعادات وتقاليد وبشكلها الطبيعي ومن دون دواعي نظرية وهي حالة حسية وفطرية إنسانية.
ويقول الرئيس السوري الراحل المرحوم حافظ الأسد في سياق القومية والأمة ((إن وحدة الأمة ليست نظرية أو اجتهادا جاءت به الأمة بل هي قانون طبيعي وجدته الأمم أمامها, أحست به عفوا, ورسخته عقلا وأصبح على امتداد الحياة الإنسانية الناظم البديهي للعلاقات بين أبناء الأمة الواحدة وان عملت ظروف شاذة طارئة عكس اتجاهه.
ومن هنا لا نجد امة في العالم جزئت إلا وناضلت, أو تناضل من اجل تطبيع ذاتها بتحقيق وحدتها …..الخ)).
ومن السياق الطبيعي للخصوصية القومية التي هي من المسلمات في مفهوم الكوردايتي, التأكيد على الرابطة القومية الكوردية وتكثيف الشعور بالهوية القومية وخصوصيتها وعراقتها التاريخية والمتجسدة أصلا في الثقافة الشعبية الكوردية التي هي بمثابة عقد اجتماعي قومي وتلاحم كوردي متين في كافة أجزاء كوردستان رغم تقسيم وطنهم بين أربع دول ورغم معاناتهم وتشويه ثقافتهم وتراثهم القومي …ورغم إن وطنهم لم يكن مستعمرة إقليمية فحسب بل كانت مستعمرة دولية حسب توازنات الدول العظمى ومن ثم سياسة القطبين……الخ.
إذ إن مفهوم الكوردايتي هي ثقافة إنسانية وحس قومي بخصوصيته الكوردية , ويتميز الكورد بسيرورة الأمة والعراقة التاريخية منذ فجر التاريخ والى الآن , ولم ينقطع روح الكوردايتي في أي فترة من فترات التاريخ الكوردي وتوالت عبر كل الأزمنة قدرتها على التواصل وعلى التجديد في أنماط وإشكال الوعي القومي والاجتماعي الإنساني وواكبت جميع مراحل التاريخ قديما وحديثا .
إذ لم ينقطع النضال القومي الكوردي لتحقيق الذات الكوردية , رغم إدراك الكورد للواقع الجيوسياسي الكوردي المرير والمجزأ وطرحت باستمرار مشروع الخلاص والتحرر والتقدم الحضاري الإنساني .
وبات روح الكوردايتي أكثر قوة وتعزيزا وتمتينا للأواصر القومية الكوردية , ومثال ذلك لم يبخل الشعب الكوردي في أي جزء من كوردستان اتجاه الجزء الكوردي الأخر بأرواحهم وأموالهم ودعمهم للثورات الكوردية المختلفة في كافة أجزاء كوردستان , ولم يكن يوما تقسيم كوردستان إضعافا للشعور القومي الكوردي العام في سياقه الطبيعي والسياسي.
وأضحى روح الكوردايتي الدافع الأقوى للنهوض والوقوف إلى جانب حركة وثورة أي جزء من كوردستان , ويتكاثف إحساس الكوردايتي ويتعاظم بوحدة الوجود القومي الكوردي وعلى الرقعة الجغرافية الطبيعية للشعب الكوردي, ووحدة المصير وضرورة وحدة النضال من اجل الخلاص والتحرر في أي جزء من كوردستان المقسمة.
إن الكوردايتي هي بنية الوجدان القومي الكوردي ,ويهدف إلى التعاون والنهضة القومية والتماسك الاجتماعي القومي والإنساني ,ويهدف إلى تحويل الثقافة الشعبية الكوردية وهويتها وخصوصيتها القومية وحركتها السياسية ونضال المجتمع الكوردي عموما , إلى عامل الخلاص للأمة الكوردية بغية تحررها من الظلم والاستبداد …الخ.
أي إن الكوردايتي تسعى إلى جعل الإحساس القومي الفطري والعاطفي , أي الوعي بالذات القومية إلى وعي للذات القومية وترسيخه عبر المفاهيم الحداثية والإنسانية والعقلانية العلمية من خلال حركته التحررية عموما , بغض النظر عن المتفاوتات السياسية داخل المجتمع الكوردي , بل يهدف الكوردايتي إلى وحدة النضال القومي الكوردي لأنها الماهية الحقيقية والعامل الأساسي للتحرر الكوردي سياسيا واجتماعيا واقتصاديا .
ويتحقق ذلك عبر بلورة روح الديمقراطية داخل المجتمع الكوردي وحركته السياسية , ووحدة النضال القومي والسياسي الكوردي هي الضمانة بان تمارس الأمة الكوردية وجودها الإنساني الكامل , وبها التحقيق للذات القومية والتحرر, وهي القانون الطبيعي والبديهي لصناعة قوة الوجود القومي الإنساني وهي الكتلة الأساسية لتحقيق الذات القومية وهي الإستراتيجية القومية للإنسانية جمعاء .
(( مطالعات عامة)) .
(( مطالعات عامة)) .