ابراهيم محمود
أمي الكردية سينم في قرية حمامى جندريس، وأنت تهزّين يدك وسط الهواء الذاهل على أرض ذاهلة، وبقايا بقايا أسنانك الشاهدة على أوزار الزمن الكردي الذاهل، وتردّدين: لا أحد لي سوى الله، وحتى اللحظة، لا علم لي ما إذا كان هذا الله نفسه يسمع صوتك جرّاء ثقل حديد أئمة الله وعصائبه عالياً وسافلاً. إن إطلالتك المهيبة والمنقَّحة بالجلال، تعرّي سوأة جل الذين ما زالوا يخنعون في ظل أردوغان وغيّ أردوغان، وطغيان أردوغان، ومن مع أردوغان. أنت شاهدتي الكبرى على الذين يرون في جرائم أردوغان بعضاً من حلول تترى لعقدهم السياسية.
تجاعيد وجهك هي حدود كردستان المرسومة والمحفورة قهراً، أسنانك المتبقية شهود عيان على قصف الأعداء لمعالم كردستان، لباسك المهلهل أحوال كردستان، صوتك الراجف الواجف الراعف الزاحف نقاوة الصورة الأخيرة لكردي في محكمة الجنايات العالمية وأضرابها، يداك البالغتا الهزال حطام وعي الكردايتي هنا وهناك، رائحة جلدك المتيبس تشرّف كل عطور ذوات الكرد الذين يقسِمون بكردستان أمام كاميرات التلفزة المختلفة، وفي آخر الليل يعهرون ويسكرون وينسون أنهم ممثّلو الكردايتي.
أمي الكردية سينم: أقبّل تجاعيد وجهك التي تحمل صورة عن خنادق المقاتلين الكرد ومن معهم في محيط عفرين، أقبّل جلد يديك المسترق، أقبّل حذاءك المهترىء الذي يشرّف كل مساوم على دماء الشعوب هنا وهناك. خجل أنا إذ أراك بصوتك وشخصك، تحتجين على خزي أهل الشعارات الكبرى، ولا حيلة لي إلا أن أكتب هذه الكلمات .
لو كان لي ما أريد، لأحلت التراب الذي يطأه حذاؤك المهترىء نقشاً لروحي لأهتدي إلى نفسي الكردي والإنسانية أكثر، لتتبعت خطاك يا أمّي الكردي الجليلة، وأنا بعيد عنك آلاف الأميال، وقرأت جبن الإنسانية، ونفاقها فيما سمَّته من وعود، وتبيَّن لي لكم نحن كردك في أغلبنا دون الحد الأدنى من صمودك أيتها العجوز عمراً، الإلهية التكوين والعظيمة بقاءً .
أمي الكردية سينم، أستميح كل شبر من تراب عفرين الكردي قلباً وقالباً عذراً، لأنني عاجز عن بلوغ حتى حفنة من التراب العالق بأسفل حذائك المقهور ، ليكون شاهدي على ما أقول، أستميح أنفاسك الوئيدة في جسمك الوئيد في قلبك الوئيد في عمرك الوئيد في نظرتك الوئيدة في صدمتك الكردية المضاعفة بما ترين في نهاية نهاية عمرك المثقَل بالطعان عذراً عن عجزي المبين.
عاري كبير، أمي الكردية سينم، لأن كمية الشرف الكردي الذي أملكه لا يكفي لأن أراك بأبعادك الثلاثة، لأن شرفي الكردي الذي أتنفسه هو الآخر مذرور على عتباك سدنة الكرد الذين تعرفينهم بعمق، ولهذا لم تسمّ في صوتك وفي هدر إنسانيتك إلا الله، أولئك الذين يتفقهون باسم الكردايتي، وكرمى تحزبياتهم يفضلون ” بوط ” الجندي الأردوغاني، والمرتزق الأردوغاني على جغرافية كردستانهم، حفاظاً على ” كرامتهم ” المؤدلجة المبقورة .
أمي العظيمة سينم، عاري كبير كبير كبير بما لا يقاس، وهو خلاصة ما أحكيه في منتهى الصراحة، علّي أكون أقل حمولة من الذنوب، وأنا أشعر العصب الكردي الذي يصل ما بين قهري أنا الآخر وهدر روحك، وأنت في شرِك برد إلهي ومتبَّل بميتات أردوغان وخذلان ” أخوة ” الكرد الكرد ممن يرون أنفسهم أكبر من كردستانهم عينها.
أمي الرصينة سينم، رحماك يا أمي التي لم تلمس حنانها روحها أبداً، إنما أعيش قهرها بقهر مضاعف، حسبي هنا أن أسمّيك، لعلّ أحدهم بعد عقود وعقود من الزمن يقرأ ما يخصك بين أوراق كردي مهدور هو الآخر، والمصدوم بكرد المبادىء والشعارات الخفاقة، وهو أضعف الإيمان، وليس سواه، وهو ملهم هذا الضعف الذي تسطَّر ها هنا أمااااه !
دهوك- في 27-1/2018