عمر ملا
ما إن فجر رئيس إقليم كوردستان السيد مسعود البارزاني بعد الإتفاق مع غالبية أحزاب كوردستان و مكوناتها قرار إستفتاء إقليم كوردستان من أجل الإستقلال و التي عدت لحظة تاريخية فارقة وفاصلة في حياة شعب كوردستان و كل الشعوب الرازحة تحت وبال الاحتلال لتحرر روحه غير مكترث بصقيع وثلوج الجغرافيا أو لتاريخ اضطره إلى فقد هويته داخل أرضه..
ومهما حاولت أن أوصف تلك اللحظات فلن أستطيع وصف الحالة التي رأيت فيها أبناء شعبنا الكوردستاني الذي كان لسان حاله يقول نريد أن نسبح في أعماق نهر الإستقلال العذب والممتد في أعماق التاريخ والجغرافيا مهما كانت قوة الموانع والحواجز الرافضة لتغيير مسار مجراه الأصلي و رغم قسوة الظروف أراد إعادة صياغة ذاته وتشكيل هويته وصناعة تاريخيه وجغرافيته بطريقة مستقلة..
فالإنسان متغير كما يفترض و الإنسان على مر العصور هو من شكل الهوية وصنع التاريخ والجغرافيا والصانع هو الثابت وليس المصنوع كما يقال.. لقد اعتاد علماء التاريخ أن يطلقوا مسمى لحظات غيرت مجرى التاريخ في إشارة إلى أحداث عظيمة حدثت لشعوب وأعادت تشكيل حدودها الجغرافية والإنسانية و صنعت تاريخها بيدها.
التجربة الأوروبية الناضجة في مجال التكامل وصياغتها الحديثة للقوميات المتعايشة التي جعلت مجتمعاتها أمام خيرات مفتوحة مستوعبة كل ما ينتج عن هذه الخيارات ومعتمدة عليها على ضوء تطورها المستمر في إعادة تشكيل وبناء القومية بعيدا عن الحفر الراكدة والسيطرة والقمع والإقصاء وربما الاقتلاع..!
لذا كان إجراء إستفتاء إقليم كوردستان من أجل الإستقلال لحظة تاريخية فارقة لتحرر شعب كوردستان من أغلاله وتحديد مصيره الوجودي الذي تعرض و ما يزال للاقتلاع و بعيدا عن كل مخلفات الماضي والنظريات الكبرى التي سيدت التاريخ والجغرافيا والإيدلوجيا على رقاب شعب كوردستان وافترضت أن إقليم كوردستان هي أرض عربية عراقية دون مراعاة للهوية القومية الكوردية المتمايزة لشعبها ولو أدى ذلك إلى اقتلاعهم في حالة تعارض هويتهم الجديدة وتطلعاتها مع الهوية التي يصرون على صبغه بها.. فهنيئا لشعب كوردستان نتائج الإستفتاء الذي فتح بارقة أمل ليس في قلوبهم فحسب بل في قلوب كل الكورد في باقي الأجزاء الذين هم تحت وطأة الاحتلال والقهر لدفعها إلى السير بخطى ثابتة نحو التحرر والاستقلال مستقبلا.