الحركة الكردية في سوريا بين الانفعال الحزبي وفاعليته

شيار أحمد
 

إن ما تعانيه الحركة الكردية في سوريا من انعدام الأفكار السياسية والإيديولوجية المتقدمة وانطوائها وحفاظهاعلى الأفكار المنسوخة من عقول رجال الستينيات من القرن الماضي, واقتصار جل تفكير رجالات أحزابها على الأمور الإدارية والتنظيمية بحيث تعمل على غسل دماغ قواعدها بأجندة سياسية بدائية بعيدة عن كل تفكير حقيقي ورؤية مستقبلية تحليلية للأحداث الجارية حولها.
وربما تكون هذه الأجندة مفروضة عليها كنتيجة لعملية مهادنة سياسية بين بعض قياديها المتنفذين في الحزب والسلطة الحاكمة والتي تسعى جاهدة بدورها في تقليص العمل النضالي للتنظيم .
إن هذه الانفعالية التي تتميز بها الأحزاب الكردية في سوريا ستفرز الكثير من التخبطات السياسية والتنظيمية في عملها الحزبي, ولعل بعض من هذه التخبطات قد حدثت بالفعل في السنوات الأخيرة وقد ظهر ذلك جليا في حدوث الانشقاقات الحزبية، وكذلك في ردود الأفعال المتناقضة والمتباعدة من قبل بعض السياسيين في مواقفهم حول أحداث القامشلي عام 2004 وما رافقتها من ذيول وتبعات.
إن الارتقاء بالعمل الحزبي وتفعيله يتطلب الدخول في المعادلات السياسية الجارية في الشرق الأوسط والاستفادة الفعلية من التجارب النضالية سواء أكانت على الصعيد الكردي أوالاقليمي .
وللحصول على تلك الفاعلية المميزة للتحرك الحزبي لا بد من :
1 ـ تأهيل العضو الحزبي سياسيا لكي يكون قادرا على إبداء التحليل السياسي للأحداث, على الأقل الأكاديميين منهم.
2ـ أن تكون القرارات المصيرية الصادرة عن هذا الحزب أو ذاك متخذة بشكل جماعي, وعدم الاعتماد على رأي فرد واحد .
3ـ وجود رادع تنظيمي يمنع من حدوث تكتلات في الحزب الواحد، ولا بأس من وجود آراء مختلفة يتم النقاش حولها واتخاذ القرار المناسب بالحوار.
4ـ الدخول في معركة التفاعل مع الأحداث الإقليمية الجارية حولنا وبالتالي لعب دور المؤثر في ماهيتها ونتيجتها.
وبالطبع الدخول في معمعة الأحداث والتفاعل معها سيولد بالتأكيد وجود لوبي كردي قوي يمكن الاعتماد عليه في انحياز الأطراف الدولية الكبرى لمساندة الشعب الكردي الذي لا يزال يعاني من الظلم والاضطهاد من الدول المجاورة دون أن تقف في وجهها وتلجم ظلمها أي طرف دولي .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي في مشهد الصراع السوري، تُستدعى رموز التاريخ الإسلامي بشكل متكرر من قبل الفصائل المختلفة، كلٌّ بحسب توجهه وهويته. ومن بين تلك الرموز، يبرز اسم الدولة الأموية / بني أمية / الأمويين بقوة في خطاب بعض الجماعات والفصائل ذات الطابع السنّي، خصوصاً تلك التي ترى نفسها امتداداً لـ”أمجاد الماضي”. لكن استحضار بني أمية اليوم، في سياق شبه حرب أهلية…

د. محمود عباس   بعد مجريات الأحداث المتسارعة في سوريا، وتحوّل ما يُسمّى بالحكومة الانتقالية إلى واجهة مفرغة من الوطنية، خاضعة بالكامل لهيمنة هيئة تحرير الشام، ومُلتحقة بالإملاءات التركية، لم يعد أمام الحراك الكوردي خيار سوى الإعلان، وبشكل صريح وحاسم، أن المنطقة الكوردية ستدار بشكل مستقل عن المركز، إلى أن تتضح ملامح سلطة سورية بديلة، مدنية، لا مركزية، تؤمن بالنظام…

ابوبکر کاروانی. من خلال عقد مؤتمر للوحدة والموقف الكردي الموحّد في روج آفا، دخلت القضية الكوردية في ذلك الجزء من كوردستان مرحلة جديدة ومهمة. وتتمثل في توحيد القوى الكوردستانية في روج آفا على أساس تمثيل الذات كناطق باسم شعب كوردستان في هذا الجزء من كردستان، ولحلّ قضية عادلة لم تُحل بعد. هذه الخطوة هي ثمرة جهود للقادة، وضغوط ومساندة الأصدقاء،…

نظام مير محمدي* لطالما كان الملف النووي الإيراني أحد التحديات الأساسية على الساحة الدولية. فمنذ الأيام الأولى لنشاط مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران، سعى النظام الحاكم جاهداً، عبر خلق العقبات وتقديم معلومات منقوصة، إلى إخفاء الطبيعة الحقيقية لبرنامجه النووي. هذا النهج المخادع، الذي أكدت عليه مراراً وتكراراً السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مطالبةً برقابة…