صورة الكردي في خطاب السيد الرئيس بشار الأسد

  إبراهيم اليوسف

طبعاً ، لأول مرة منذ عقود ، في تاريخ سوريا ، يورد اسم الكرد السوريين ـ في  الخطاب الرئاسي ، بعد أن كان يتمّ تجاهل ذكرهم طويلاً ، ويكادون لايذكرون إلا على نحو عرضيّ ، كما ما تم ذات مرة ، و في وقت متأخر جداً ، عبر إشارة سريعة، من قبل  وزير الداخلية – آنذاك- محمد حربا في 1994 ، عقب حرق سجن الحسكة المركزي
أجل ، لقد كانت هي  المرّة الأولى، في الحقيقة ، التي يورد فيها اسم الكرد ، رسمياً ، عقب الثاني  عشر من آذار، وفي سياق تناول مشكلة حقيقية ، بعد أن  حيكت مؤامرة كبرى على الكرد في سوريا ، وتمّ تأليب غير الكرد عل الكرد ، من قبل بعض الجهات التي لا تريد الخير للكرد ،ولسوريا ، عندما تمّ قلب الأمور ، رأساً على عقب ، ليقدّم الكردي على إنه متآمر ، مستقو بسواه ، حيث تحولت الضحية إلى جلاد ، والجلاد إلى ضحية ،و كانت سوريا ، فعلاً على أبواب فتنة أكبر ، حيث تمّ- آنئذ- اعتقال مئات الشباب الكردي ، وملاحقة غيرهم ، واستشهاد كوكبة منهم ، برصاص السلطة المحلية ، بعد أن أمر محافظ الحسكة د.

سليم كبول  بإطلاق النار عليهم ، لتكتمل بذلك خيوط مؤامرة ضد الكرد…!
هنا تحديداً ، جاء الحوار الذي أجرته فضائية الجزيرة مع السيد الرئيس د.

بشار الأسد ،قي 1- أيار2004 حيث أجاب خلاله السيد الرئيس  على أحد أسئلة محاوره غسان بن جدو ، مبيناً أن الكرد جزء رئيس من النسيج السوري ، نافياً أن يكون مواطنوه الكرد متورطين في مؤامرة خارجية ، حيث جاء كلامه صفعة على وجوه من أراد الإساءة إلى الكردي ، وتصفيته ، ضمن مخطط تآمري ، بدءاً من الملعب البلدي في 12آذار 20004، ليتنفس مواطنوه الكرد الصّعداء ، بعد توضيحه المهم ، وذلك بعد طوال قلق واضطراب، من قبل الكردي السوري ، ولاسيّما أن كل ذلك جاء بعد تحقيقات مطوّلة ، لمعرفة دوافع ، وحقيقة ما تم، توصل السيد الرئيس إلى خلاصتها…….!
 أجل ،هذا الموقف من السيد الرئيس ، آنذاك ، أعاد الطمأنينة- إلى حين – إلى نفوس الكرد السوريين ،وهو ما يستشهد به الكردي دوما ً ،إزاء أية مواجهة تريد النيل من وطنيته ، منطلقاً من أن هذه الشهادة جاءت ممن هو على رأس السلطة السياسية في البلاد ، وكان يمكن أنّ تتم متابعة هذا الموقف ، وتطويره ، في وجه من رأى أن الكردي ضيف على  بيته وبلده سوريا ، وغريب عن هذا التراب ، وذلك بتأمين كل ما ينبغي له من مستلزمات هذا الموقف ، من حقوق سياسية، وثقافية، واجتماعية ، ضمن الإطار الوطني ، على انه ينتمي إلى مكون سوري رئيس ……..!
كذلك ، فقد  ردّ السيد الرئيس ، أثناء أحد الحوارات معه ،على أحد الأسئلة من قبل  أحد صحفيي أحد المنابر الأجنبية ، بأنّ عدم حلّ مشكلة الإحصاء ، إنما  تعود لأسباب تقنية ، كي يتحدّث – بالتفصيل – عن الموقف السوريّ من قضية الإحصاء في خطاب القسم ، ويؤكّد ضرورة حلّ مشكلة الإحصاء ، في المدى القريب ، بعد تجاوز هذه المشكلة  التقنية، وسواها – وهي عموماً من الممكن حلها في أربع وعشرين ساعة فحسب  ولا تتحمل كل هذه السنين الطويلة- مبيناً أنّ هناك- في المقابل-  مكتومين من الكرد ، لن يتمّ حل مشكلتهم – كما يبدو – لأنهم قدموا من دول الجوار: العراق، أو تركيا، بسبب أوضاع خاصة بهم ، وينبغي إسدال الستارة ، بعد الحل الذي ستضعه الدولة لهم ، على الملفّ بكامله ، وإن من سيتحدث عن مشكلة الإحصاء، بعد ذلك، فهو بذلك  سيهزّ أمن واستقرار البلاد ….!
 طبعاً ، إن من يأتي في العام 20007 – مثلاً – أو قبل ذلك، بسنين طويلة ، سواء من تركيا ، أو العراق ، فهو تركي، أو عراقي الجنسية ، رغم إنه في – الأصل- كردستانيّ ،  وهو ليس من يتمّ الحديث عنه ، بأنه قد حرم من الجنسية السورية ، لأنّ الفرز إلى  : مكتوم – وأجنبي ، بموجب إحصاء  1962 ، لا يحلّ المشكلة ، لأن ّ هناك من هو ابن كرديين، أحدهما أجنبي، والآخر مواطن ، فيكون مكتوم القيد ، وأترك تفاصيل ذلك للمختصين الحقوقيين، ممّن عليهم خوض غمار الكتابة في هذا المجال ، من منطلق الغيرة الوطنية ، وضرورة إعطاء صورة حقيقية ، عن إشكالية الإحصاء ، بكاملها ، كجزء من قضية عامة ، لتناقش ، ضمن البيت الوطنيّ السوريّ، وهو ما أشار إليه السيد الرئيس، لأنّه إذ كان الحل الحقيقي في دمشق،كما تؤكد ذلك كافة الأحزاب الكردية ، ممثلة الشعب الكردي في سوريا، وهذا ما يرتب على السلطة تناول القضية من منظور أوسع، انطلاقاً من الضرورات الوطنية الموجبة،لأن تراخيها – أي السلطة-عن أداء مهمتها الوطنية هو السبب في  أي تناول أوربي لها  ،هذا التناول الذي يثير امتعاض السلطة ، وهو ما أشار إليه السيد الرئيس نفسه، فلماذا لا تحل هذه المشكلة، وغيرها، وطنيا،ً إذا ، أم أن  هناك من يريد دفع الكردي إلى مسارات أخرى ،ويدفعه إلى امتحانات لا ضرورة لها ، لأن وطنيته لايستوردها من أحد البتة…………!
طبعاً ، إن  من يمضي له على أراضي الجمهورية السورية خمسة أعوام ، فإن من حقّه التمتّع بالجنسية ، فكيف الحال ونحن إزاء مكتومين هم سوريون ، أباً عن جد…!
ومن هنا، فإنّ من سيطالب بمنح الجنسية لهؤلاء المكتومين ، فهو بالتالي ينطلق من تقوية موقف بلده ، وتحصينه ،لا سوى ذلك ، ناهيك عن أن حقّ الكرديّ السوريّ،  في أن يتعلّم طفله بلغته الأم في المدرسة ، و لاسيّما أنّ له لغةًً مهددة ً بالامّحاء ، وتعرضت لمحاولات التذويب ،طويلاً، وهاهو السيد الرئيس –نفسه- يوصي في خطاب القسم على ضرورة الاهتمام بلغته الأم: العربية ، فهو من حقه ، وهي اللغة التي تعلمناها جميعاً ، وعلى حساب لغتنا الكردية الأمّ ، ناهيك عن إن الاعتراف الرسميّ ، بوجود هذا المكوّن السوريّ ، وسوى ذلك من حقوقه القومية المشروعة  ،هو أيضاً ضروريّ ، وإنّه لمن المؤلم جداً ، أن نعيش في الألفية الثالثة، والكردي في سوريا، المسهم في صنع خريطة بلده : لا صحيفة له ، لا تلفزيون ،في أقل تقدير، و لا ممثل رسميّ في محافظة ، أو وزارة ، بل ولا محافظ كردي على طوال البلاد، وعرضها …!

كلّ هذه القضايا الحسّاسة ، وسواها من حقوق المواطن الكردي ، نضعها بين يدي السيد الرئيس ، لتناولها ، في القريب العاجل ، إن شاء الله ، لأنّ بإنصاف المواطن الكردي السوري ، سوف يتم السعي- في الوقت نفسه- من أجل سوريا ، قوية ، منيعة ، حصينة ، في وجه أي تآمر حقيقي يستهدفها ، وأعتقد أنه قد آن الأوان ، للبدء بإحقاق كلّ حقوق إنساننا الكردي الذي عانى طويلاً……….

طويلاً ، ضد سياسات التمييز بحقه، ولما يزل………..!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…