في ايران… الشعب يريد اسقاط النظام ! نظرة مختصرة لتحرك الشعب الإيراني الأخير

عبدالرحمن مهابادي*
ما بدأ منذ الأيام الأخيرة لعام 2017 في ايران و بشكل سريع شمل جميع مناطق ايران و هو ثمرة البذرة التي زرعت خلال السنوات الماضية و هي تنمو الآن لتؤتي ثمارها. بعبارة أخرى هذه الثورة لم تقم بذاتها دون مسبب و قد أيقظت غضب و احتقان الشعب الإيراني بعد سنوات من الظلم و القهر الذي فرض عليه.
غضب الشعب من النظام المستبد المذهبي الذي يحكم ايران، و الآن بسبب الفقر و التضخم الاقتصادي أوجد أرضية مناسبة بالإضافة لعوامل أخرى لظهوره و حتما سوف يثمر. و إلا لما كانت الاحتجاجات بهذه السرعة و لكان للشعب الثائر شعارات و مطالب أخرى.
لكن الحقيقة هي أن تغيير هذا النظام هو المطلب الأساسي و الرئيسي لهذا الشعب و لهذا السبب بدأت المظاهرات بالاحتجاج على غلاء الأسعار ثم و بسرعة و في ساعاتها الأولى امتزجت بشعارات الموت لخامنئي و الموت لروحاني و الموت للديكتاتور.
من أسباب ظهور هذا الغضب و عدم الرضا الشعبي يمكن إيجازها بما يلي: 
عدم تحقيق المطالب في المؤسسات المالية الخاسرة 
عدم اهتمام النظام بإيصال مساعدات للمتضررين من الزلزال 
عدم ثقة الشعب بوعود روحاني في الانتخابات 
ارتفاع اسعار الخبز و البنزين و اللحم و البيض و…
و معرفة الناس بتخصيص ميزانية للملالي
و خاصة زيادة ميزانية اجهزة و مؤسسات النظام و التي يتم صرفها على الإرهاب و الأصولية و المحافظة على بقاء هذا النظام.
الرسالة الأولى لهذا الحراك الجماهيري و الشامل هي أنه لا مجال للمصالحة بين الشعب الإيراني و النظام بسبب عدائه للإنسانية و الشعب و صحيفته السوداء في دوره في مشكلات الشعب و خاصة موضوع الحريات لذلك كان المطلب الرئيسي اسقاط هذا النظام لكن سياسة الغرب المتماشية مع هذا النظام الأصولي أطالت عمره الى يومنا هذا.
بعبارة أخرى لو لم يوجد داعمين مخفيين(!) مثل باراك أوباما الرئيس السابق كنموذج عنهم لكان الشعب الأيراني قبر هذا النظام و رمى به الى مزابل التاريخ. لأن هذا النظام فاقد للشرعية و عملت سياسات الدول الغربية على بقاء هذا النظام و اضافة الى ذلك بدل من الديمقراطية المتغيرة تم تقييد الشعب الإيراني بهذا النظام الإرهابي.
عدم وجود هذا النظام في المستقبل أحد الرسائل الواضحة لهذه الثورة كما دعت إليه المقاومة خلال السنوات الماضية حيث لو أن النظام لا يلجأ الى التضييق و الاعتقال و التعذيب و الاعدام ليوم واحد فقط يوم واحد من الحرية و الديمقراطية بمعناها الحقيقي لكان الشعب الايراني كنس هذا النظام بسرعة.
و تسارع أحداث الحراك الأخير يشير الى ذلك بشكل جيد لذلك يجب القول أن عمر هذا النظام قد انتهى ولا مجال للجلوس من أجل الاعتدال و الوسطية الوهميتين و مثل هذا التصرف هو خطوة لصالح النظام و في ضرر الشعب.
أيضا هذا الحراك يظهر حقيقة أن الشعب لا يريد هذا النظام كليا و الانقسامات الداخلية في هذا النظام هي حرب على السلطة بين الذئاب الحاكمة و كل فئات هذا النظام بنظر الشعب فاشلة ولا مجال لاختبارهم و الحرب بين هؤلاء الذئاب لا علاقة لها بالشعب لأنهم جميعهم فاسدون و يجب إسقاطهم جميعا.
اما الرسالة الأهم لهذا الحراك فهي موجهة للعالم.الآن الجميع و خاصة الدول العظمى ترى بعينها ثورة الشعب هذه لذلك يجب أن تقطع جميع علاقاتها بهذا النظام و خاصة على الصعيد الاقتصادي و يتخذوا قرارا بإسنادها بشكل رسمي الى المقاومة الايرانية التي تمثلها السيدة مريم رجوي و هذه فرصة تاريخية للدول التي هي حتى الآن مقصرة بحق الشعب الايراني و لتعويض ما ألحقت من خسائر بحق الشعب و المقاومة. الديمقراطية البديلة و المنظمة لإيجاد تغيير أساسي في ايران و متوفرة حاليا. البديل الذي يمثل رسالة السلام و الأمان و الاستقرار في المنطقة و المبشر بعلاقات صداقة و تعايش سلمي و تعاون دولي و احترام لقوانين الأمم المتحدة.
*کاتب و محلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
Abdorrahman.m@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم ويوم على سقوط الأسد، لكن الواقع الذي يعيشه السوريون اليوم يتجاوز بكثير الساعات التي مضت. هذه الأشهر الماضية التي تنوف عن الثلاثة كانت مليئة بالتحولات السياسية غير المنتظرة، إلا أن الواقع الأمني والمعيشي للمواطن السوري لم يتحسن بل ازداد تدهورًا. إذ من المفترض أن يكون تأمين الحياة للمواطن السوري هو أولى الأولويات بعد السقوط،…

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…