الإدانة العالمية الرابعة والستون ضد النظام الإيراني .. ضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولي من قبل الأمم المتحدة

بقلم: المحامي عبد المجيد محمد 
Abl.majeed.m@gmail.com
أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء 19 ديسمبر القرار الرابع والستين ضد انتهاكات حقوق الإنسان في إيران. 
سبق وأن قدمت المقرّرة الأممية الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إيران السيدة عاصمة جهانغير تقريرها إلى اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة بتاريخ 25 اكتوبر قالت فيه: 
«إنني حريصة على أن أقترح أن ننظر إلى الوراء، وفي هذا المجال هناك عدد لافت من المظالم والاتصالات والوثائق فيما يخص التقارير المتعلقة بالإعدامات المثيرة التي طالت آلاف السجناء السياسيين رجالا ونساء وأحداثا في العام 1988. فهذه القضية تنم عن ألم عميق يجب النظر فيها وأن أعمال القتل هذه تم تأكيدها من قبل بعض كبار المسؤولين في النظام الإيراني. وإنني أتلقى يكاد يكون يوميا رسائل عميقة وحميمة من أفراد عوائل اولئك الذين قتلوا وهم يطالبون بالمسائلة ولهم الحق في تلقي التعويض والاطلاع على حقائق بخصوص مصير ذويهم دون خطر الرد والانتقام. لذلك إنني أشدد على دعوتي لكي نضمن إجراء تحقيق شامل ومستقل بخصوص هذه الأحداث». 
وكان تقرير السيدة جهانغير قد تم تقديمه مع مذكرة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة آنطونيو غوتيريز يوم الثاني من سبتمبر2017 وتزامنا مع الذكرى التاسعة والعشرين من مجزرة 30 ألف سجين سياسي إلى اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة ، والتي صادقت عليها في نهاية المطاف. 
والآن تم تبني قرار اللجنة الثالثة في الجمعية العامة للأمم المتحدة أيضا. وأعرب قرار الجمعية العامة «عن بالغ قلقه إزاء ارتفاع حالات عقوبة الإعدام وتنفيذها… بما في ذلك فرض عقوبة الإعدام على المراهقين واولئك الذين ارتكبوا الجريمة دون سن الثامنة عشرة، والإعدامات المنفّذة على الجرائم التي لا ترتقي إلى جرائم خطيرة جدا وتعتمد أساسا على الاعترافات القسرية»، داعيا النظام الإيراني إلى «الغاء الإعدام علنا سواء في القانون او في الممارسة». 
ودعا قرار الجمعية العامة إلى انهاء حالات عديدة أخرى من مصاديق الانتهاكات لحقوق الإنسان من قبل النظام الإيراني. 
تنفيذ عقوبة الإعدام من قبل النظام الإيراني لا يتناسب الجرائم الخطيرة التي ترتقي إلى عقوبة الإعدام، وانما آلة لخلق الرعب والخوف، ويأتي للحؤول دون ابداء المعارضة والاحتجاج والاعتصام والاضراب. الواقع أن نظام الملالي الحاكم في إيران يواجه أزمة متنامية داخليا ولهذا السبب لن يتخلى عن القمع أبدا. كون تخليه عن أعمال التعذيب والحبس والإعدام، سيجلب له تنامي الانتفاضات الشعبية ضد النظام الفاسد الحاكم. في عهد رئاسة الملا حسن روحاني فقط نفذت أكثر من 3200 حالة إعدام. بينما تجري بعض حالات الإعدام سرا ولا تتسرب معلومات عنها إلى العلن من قبل نظام الارهاب الحاكم باسم الدين في إيران. 
ورحبّت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية بصدور القرار، وقالت: أمام نظام لم يول أدنى اهتمام لحد الآن بعشرات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ضد الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في إيران، ويفتخر كبار مسؤوليه في المنابر العلنية بارتكاب مجزرة السجناء السياسيين، فعلى المجتمع الدولي أن يقوم باتخاذ التدابير الالزامية لوقف جرائم هذا النظام. وأن يشترط علاقاته الدبلوماسية والتجارية مع نظام الإرهاب الحاكم باسم الدين – الذي تماما في خدمة قوات الحرس التابعة لولاية الفقيه – بوقف التعذيب والإعدام في إيران وإنهاء تدخلات هذا النظام في المنطقة.  في غياب سياسة قاطعة ، فان الانتهاك الهمجي لحقوق الإنسان وتصدير الإرهاب والتطرف واثارة الحروب في المنطقة والعالم يبقى مستمرا. 
أهم انتهاكات حقوق الإنسان في إيران هي مجزرة السجناء السياسيين في العام 1988 حيث شاركت فيها قادة النظام وبالتحديد خامنئي والسلطة القضائية وأعلى المسؤولين في الجهازين الأمني والاستخباري… ويدافعون عنها وبقوا حتى الآن في حصانة من تحمل أي عقوبة. فان دراسة هذه الجريمة الكبرى ضد الإنسانية ومحاكمة مسؤوليها تمثل محك اختبار أمام المجتمع الدولي. 
من الضروري جدا تشكيل لجنة تحقيق من قبل الأمم المتحدة بشأن مجزرة عام 1988 وهذا يعد أول خطوة لانهاء الحصانة للمجرمين الذين يحكمون إيران منذ 38 عاما. 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…