أزمة السياسي الشرقي «بشار الجعفري» مثالا

الأمازيغي: يوسف بويحيى
على حد قول “نتشه” “عندما يغيب العقل أنذاك لا حدود لغباء الإنسان” ،من المخجل أن تسقط المعرفة في عصر العقل و الفكر و التنوير و الإنفتاح عكس حركة العالم و المستقبل.
تفسير “برنارد شو” الساخر لمعنى السياسة أنها العلم الذي يقنعك أن هذا الشيء ليس شأنك ،هذا ما يبرر به السياسي الشرقي مواقفه و أخطاءه للشعب ،مع العلم أن كل ما يدبر سياسيا يمارس بشراكة مع الشعب ،لكن ليس على يد كل الأنظمة و الشعوب يحدث معها ذلك ،بل مقولتي “نتشه” و “برنارد شو” تنصب بشكل واضح على انظمة الشرق الأوسط و الخليج و ٱفريقيا و ٱفريقيا و أمريكا اللاتينية….
تعتبر تصريحات السياسيين الأروبيين الداخلية تصريحات مسؤولة مهما كانت الغاية منها ،حيث لا تتناقض أبدا مع كل ماهو أكاديمي علمي ،مما يزيد الثقة بين الشعب و السياسيين من أجل بناء وطن و مستقبل أفضل ،لهذا نجد ان السياسي الغربي يتلقى تكوينا سياسيا علميا بعدها يزاول مهنة السياسة وفق مبادئ لضبط المنطق و المعقولية و العمل في إطار نقاط محددة لا يمكن أبدا ان يتمادى عليها.
لم نسمع أبدا سياسيا اروبيا يضرب في الحقائق الوطنية خصوصا التاريخية و الأبحاث و الإنجازات الأكاديمية التي اجمع عليها العلماء كالمفكرين و المؤرخين….هذا مالم نلمسه ابدا في السياسي الشرقي بٱستثناء القلة القليلة جدا كالزعيم “مسعود بارزاني” ،حيث كثيرا ما يغرد الخطاب السياسي الشرقي بعيدا عن الحقائق الأكاديمية التي تؤثر سلبا على واقع الشعب السياسي و الإجتماعي و الثقافي.
تصريح “بشار الجعفري” بأن لا توجد هنالك مناطق كوردية نفهم من خلالها ان الخطاب كان خطابا عنصريا تجاه المكون الكوردي ،حيث لا يمكن مطلقا إدراج الأمر سياسيا نتيجة ٱفتقاره إلى العديد من المقومات العلمية المنطقية و تعارضه مع التاريخ الأكاديمي لسوريا ،الشيء الذي لن يجد له السيد “بشار الجعفري” أي مبرر مقبول ،إما أن يعترف بجهله لتاريخ بلاده سوريا؟؟ ،لكن هذا لا يشرفه أبدا كونه شخصية قيادية للبلد كقدوة ،أو ينصف نفسه بالإعتراف بخطئه في حق الكورد من اجل بناء سوريا ديموقراطية كما يدعي ،لكن هذا الإعتذار لن يحدث أبدا نتيجة تكوينه و تعليمه و تنشئته العنصرية و المتطرفة.
إن الكورد بدورهم تواقون إلى قيام سوريا ديموقراطية مع رفضهم لأي قرار أحادي الجانب بٱعتباره مرفوض حسب ما ينص عليه الدستور الشامل لكل الأطراف السياسية و المكونات السورية ،لكن هل من تفسير عقلاني لمفهوم سوريا ديموقراطية مع إنكار وجود مناطق كوردية حسب تصريح “بشار الجعفري” ،علما أن خطاب قادة النظام الشكلي يتطرق دائما إلى ذكر جميع المناطق بأسمائها و نسبة لمكوناتها بٱستثناء المناطق الكوردية ،هذا ما يمكن تفسيره يقينا أنه عنصرية و سياسية شوڤينية إقصائية في حق الإنسان الكوردي.
رفض تسمية المناطق الكوردية و تعويضها بٱسم مناطق سورية و حذف ٱسم “روجافا” و تسميتها مصطلح شمال سوريا هي رسالة و مؤشر لا يتطلب الشك أبدا في نية إنكار النظام للمكون الكوردي ،إذ ماذا يمكن إنتظاره من سوريا الديموقراطية بعد إنكار وجود كوردستان؟؟ بكل سهولة تعني لا وجود للكورد.
إقرار “بشار الجعفري” تسمية مكونات الشعب السوري حسب إطار سوري عربي و سوري أشوري و سوري كوردي…ظن من خلاله أن الشعب الكوردي نسي ماضيه مع النظام السوري الفاشي ،مما يجعلني ٱستنادا على واقع سوريا الملموس تاريخيا و سياسيا أن أثبت بوجود مكون كوردي لاسوري في سوريا!! ،أي بماذا سيفسر السيد “بشار الجعفري” كورد محافظ “الحسكة” و غيرها من المناطق الكوردية لٱفتقارهم لأبسط وثيقة تثبت هويتهم الوطنية لا يحملون أية جنسية زيادة إقصاؤهم مؤسساتيا و سياسيا و ٱقتصاديا و حكوميا و تعليميا…مع العلم بٱعتبارهم في الدستور “أجانب” ،هذا الأمر الذي ناقشه الدكتور “مشعل تمو” و ناضل عليه و قتل من أجل رفع الحظر على الكورد ،إلا أن وصيته من بعده تلقت خذلانا لن يغتفر أبدا ،إلى هنا ماذا يمكن ان نسمي أهل “الحسكة” بعد أن تم إقصاؤهم و تجريدهم من كل ما يثبت سوريتهم؟؟ ،إن لم نسميهم روجاڨيين أو كورد روجاڨا نسبة إلى الدولة الكوردية المستقبلية “روجاڤا” التي قبلت بهم و أوتهم كما هم.
السيد “بشار الجعفري” مثال السياسي الشرقي الفارغ مثله مثل “حيدر العبادي” و “نوري المالكي”….و اللائحة طويلة جدا لا تعد و لا تحصى ،سياسي يعتمد لغة الجهل و القوة لٱفتقار ٱفكاره للعلمية و المنطق و تعارضها مع الحقائق الأكاديمية التي لا غبار عليها ،علما لو كان “بشار الجعفري” سياسيا أروبيا و نطق بما تفضل في ٱنكار تاريخ أو جزء من التاريخ الأكاديمي لوطنه فإن الشعب الأروبي لن يرحم له أبدا جريمته السياسية التي تجاوزت تخصصه السياسي ،مثالا على ما حدث مع “دونالد ترامب” قبل توليه الرئاسة كون أجداده مهاجرين ألمان إلى أمريكا  قائلا :”أنا افتخر بأصل اجدادي الألمان لكني أحب أمريكا أكثر” ،عبارة كافية ليقول الشعب الألماني كلمة واحدة ردا عليه: “لا تنقصنا العقول فلدينا “أنجيلا ميركل” ،فما بال السياسي الأروبي إن خرج و تحدث بجهل عن حقائق إنسانية تاريخية؟؟.
كل هذه التصريحات و التسميات لأبواق انظمة العار و الذل و القمع مرآة واضحة لمناهج سياساتهم الإحتوائية في حق الشعب الكوردي المتمثلة في سياسة التعريب و الإقصاء و العنصرية و الإحتقار و الإباذة و القتل و السجن و الإختطاف و الإبتلاع.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…