هل للخيانة سوى وجه واحد؟!

دارا محمد حصري
الازدواجية الشخصية، والتي هي حالة مرضية نفسية، تؤثر في سلوك وشخصية الفرد، ولكن ما نلاحظه اليوم أن هذه الحالة من الاضطراب النفسي أصبح كإنما سمة من سمات الشخصية الطبيعية!! 
حيث لم يعد حالة اضطراب نفسي متميز المظاهر والأبعاد، بل أصبح شيئاً طبيعياً يمارسه الفرد في حياته اليومية بشكل طبيعي، أي بمعنى آخر أننا نلاحظ أنه حتى الشخص السليم نفسياً أو كما نطلق عليه علمياً في تخصّصنا (السوي)، نلاحظ أن هذا السويّ يمارس وعي تام أو من غير وعي ازدواج الشخصية!!
مما لا شك فيه أننا في القضايا المصيرية التي تتعلق بالوطن والطعن به أو الخيانة لا نملك خيارات عديدة، أو حلول جاهزة للتعامل المستقبلي، ومن هذا المنطلق تبدأ أولى مفاهيم الوطنية وأبسطها، بل بكل عفوية يمكننا التفريق بينها جميعاً.
هل يمكن لأحد أن يقول عن حرّاس القرى في شمالي كوردستان أنهم أصحاب وجهة نظر، وهم يؤيّدون الدولة وحزبها القمعي الذي لم ولن يوفّر وسيلة ليجهض القضية الكوردية في القسم الملحق به أو غيره كما شاهدنا ردود أفعالهم الأخيرة على استفتاء جنوبي كوردستان؟ وأيضاً يقبضون ثمن ذلك من الدولة، ويحصلون على ميزات وقتية، ولا يتوانون عن القتال في خدمة سيدهم الأمني. 
كما لا يمكننا القول عن المؤيّدين للنظام الإيراني، ذلك وهم يحملون السلاح لمقاتلة البیشمركة أيضاً، ولا أولئك الذين يرفعون شعارات بشار الأسد الطاغية، ويدعونه بالرئيس وحامي الحمى، بالرغم من ارتكابه جرائم ضد الكورد وضد شعبه كاملاً، إذاً المذكورون هم خونة لكوردستان وقتلة طموحات شعبنا الشرعية في كيان خاص بنا كباقي الأمم. 
في المطلق يكون ما فعلته زمرة المنسحبين من كركوك ومسلّمي المدينة وأقضيتها بنفس الخانة، وبل الأسوأ، فما حصل ليلة 15 – 16 أكتوبر كانت محاولة للقضاء على التجربة الكوردستانية، كما توضح الأمر بعد أيام، خلال حزمة من التصريحات والإجراءات التي قامت بها حكومة العراق.
فعلى مَن لم يحسم موقفه لليوم أو يقول عن عملية الاستفتاء بأنها كانت خطوة غير مدروسة أو يشكّكون بقرار الغالبية العظمى من الشعب الذي ذهب للإدلاء بصوته أن يقفوا وقفة مع ذواتهم، وأن يبينوا موقفاً واضحاً لمفهوم الخيانة والعمالة وغيرها من العداء للمشروع الكوردستاني، وهنا أخصّ بالذات المؤيدين وأعضاء حزب العمال الكوردستاني ومشتقاته، وجماعات أخرى يقولون بأنهم على الحياد أن يحدّدوا موقفهم، وأن يبينوا وجهاً واحداً لا عدة وجوه، وفي كل مرة يتكلمون بشكل مختلف، فإما أن يكونوا بصفّ مَن ذكرناهم، وإما بصفّ مَن ينادي بكوردستان، كوطن حقّ لنا نحن الكورد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…