ابراهيم محمود
الصديق الكاتب صبري رسول يكتب عن ”
شماتة العرب بالكرد “! ذلك ما يُعدُّ من ” عوائد ” التاريخ السياسي
للأمم والجماعات البشرية، ذلك ما يمكن اعتباره ” حالة ” سائدة هنا
وهناك، تعبيراً عن توتر جانبي، عداء قائم، خصومة فاعلة ومتفشية، ومجابهة بينية..،
إنما ماذا عن شماتة الكرد بالكرد؟ وهي، وإن كانت تحمل بعضاً من نسَب الأولى، لكنها
لا تكون إفصاحاً عن ” عوائد ” الذين ينشدون تحرراً من عدو مشترك، ويصبُون
إلى استقلال مشترك، إلا في وضع الكرد الذين يأبون إلا أن يكونوا استثناء الشعوب
جميعاً، وتكون شماتتهم ببعضهم بعضاً – أحياناً- أشدّ وطأة من شماتة ألد أعلائهم
بهم، كما هو جار ٍ الآن وبامتياز.
ذلك ما ينبغي التعرض له، وهم أعلم ببعضهم بعضاً” شماتياً “، وهو ما يسهل تعقّب جذوره، وفروعه، وتشعباته في عشرات مواقع الكرد في فرَقهم ومللهم ونِحلهم، وفي المواقع الشخصية، إلى جانب أوبئة ” الفيسبوكات ” الأكثر ” إثراء ” بفيروس الشماتات الكردية أباً عن جد.
ذلك ما ينبغي توقيفنا، ولو إلى حين، وفي وضع يبرِز المشهد الكردي في أكثر مستوياته تضعضعاً وتفجعاً وتربعاً في الخلخلة السياسية قبل كل شيء، والتوقف عن إدامة النظر وتثبيته على الأعداء: من يكونون، وأين هم، وكيف يكونون في ازمان والمكان، ونوعية الثقافة، والمؤهل العلمي…الخ، وصرف النظر هذا إلى داخلنا وقد استحال أكثر إرعاباً لذوي النظر من الخارج، إذ لا أسهل أن نجد العدو، وهو مرئي بكامل تعابير وجهه، ومسموع بكامل نبرات صوته، ويتحدث بالكردية في الكم الهائل من لغاتها ذات الدلالة، أي ما هو دال على انفصال الكردي عن الكردي، لنكون إزاء أكثر من ” المناطق المتنازع عليها ” أكثر من ” كركوك منتهكة “، أكثر من صيغة داعشية وحشدية وما بينهما، في أشخاص كرد يتباهون بما حققوه، وينجزونه كردياً، وربما نلتقيهم في الشارع، وفي المؤسسة، وأثناء ” تحية العلم ؟ “.
ذلك ما يستدعي توقفنا، إن توفرت فينا جرعة من فضيلة الاعتراف ليس بالذنوب، أو الجنايات الكردية- الكردية، إنما ما هو مرتكَب في وضح النهار بالصوت والصورة الكرديين، عبر هذا الكم الفولكلوري اللافت من خدر الشعارات، ومن وهم تسمية العدو خارجاً، ومن التغاضي عن الانهيارات القيمية في الداخل، ومن نزيف ديموغرافي لشبابنا وشاباتنا بالآلاف إلى خارج لا داخل بعده احتجاجاً مقدراً على الجاري الكردي، ومن يسوس الكردي، كما لو أنه رهينته، وهو يكمّه أو يلجمه، ويزيّن له كردستان ” جنة الله ” والذين آثروا القيامة فيها وقد تقاسموها فيما بينهم، وجحيم الكرد بما أنهم لم يهتدوا بعد إلى صنائعهم في بعضهم بعضاً، أو أسلسوا لها القياد، وهم يتنافسون بعزيمة كردية لا تُرَد، في ضروب الشماتات المتبادلة الملهِمة لأعدائهم ” اللدودين ” والنافعة لهم لإحكام قبضتهم عليهم أكثر،. شماتات يكون الكرد استثناء داخلها في ابتكار أفعالها وأسمائها، وصورها، ولقطاتها، ونبراتها وما لا ينتهي منها في متنامياتها.
بعض من الكرامة في البقاء، لمن يحسن تدبير نفسه في عالم نقد الذات ونقد قريبه وهو مبلبل في داخله، من الكرامة في إمكان البقاء، أن نسمّي شماتتنا ببعضنا بعضاً، لنكون على بيّنة منها، ولنعلم ولو قليلاً، أن الذي يبقي الأعداء أسياداً علينا، وكثير منهم أمعيون لسواهم، حيث هذا” القليل ” ربما يعرّفنا بالكثير مما يبقينا ما دون الـ” نحن “، لنعلم أننا ربما بالطريقة هذه، نؤجّل موتنا الزؤام، ولو إلى حين، وهو صنعتنا، صنعة من ينبغي عدم التردد في تسميتهم داخلاً بـ” أبناء الحرام ” هنا وهناك .
دهوك، في 16-11/ 2017