الحزام الاستيطاني رقم 2وأسئلة إلى ضمير المثقف

إبراهيم اليوسف

ها نحن جميعا ً, مثقفين، وساسةً، وحركةً كرديةً، ووطنيةً في سوريا , أمام امتحان جديد, وجهاً لوجه , بعد قرار القيادة القطرية الأخير, كما يروّج له, و الرّامي إلى استقدام أسر عربيّة, من خارج المناطق الكردية، ومنحها أخصب الأراضي في هذه المناطق, استمراراً لمخطّط تعريب المنطقة, والتلاعب بديمغرافيا هذه البقعة التي تعرّضت قبل ثلاثة وثلاثين عاماً من الآن،  لمخطّط مماثل, لم تفلح تلك الأوساط الشوفينية في السلطة في إقناع عامة أبناء الجزيرة, بمخطّطها, هذا, رغم ما قامت به -آنذاك – من تنكيل, وقمع، من أجل فرض ذلك المخطط الشوفيني الذي كان نابعا ً من سياسات التمييز المذمومة ضدّ الكرد
هذه السياسات التي جاء “الحزام” كما أضعه – دوماً ين قوسين للتناصّ مع مفهوم الحزام الشائع الآن – لينسف أسّ أيّة وحدة وطنية حقيقية ،كان يمكن إشادتها, نتيجة عدم  توافرصدق نوايا الطّرف الراعي لهذه الوحدة, كما ينبغي, وهو: السلطة السياسية، من خلال رجحان كفة أوساط حاقدة على الكرد من بينه، وهو ما يستمرّ حتى الآن، بكلّ أسف…!.
وحقيقةً, إنّه رغم النداءات المتتالية من المنظمات الحقوقية والمدنية والسياسية الكردية في سوريا, الموجّهة إلى الضمير الوطنيّ الحقيقيّ ، بغرض التدخل، والضغط على الأوساط  التي تخطط لتنفيذ المرحلة رقم (2) ممّا يسمّى بالحزام العربي الذي يتهيأ – كرة أخرى – لإشعال فتيل فتنة حقيقية، بين أكبر مكونين وطنيين في سوريا، هما: العرب والكرد، وهو  ما سيترك آثاره  السلبية – بالتالي- على كل المكونات الوطنية الأخرى……….!
ولقد كان حرياً بالسلطة السياسية، بعيد مؤامرة الثاني عشر من آذار، وما تلتها من هبة آذارية، أن تستدرك جملة أخطاءها “العامة” ,وطنيا ً، وما يتعلّق منها بالمواطن الكردي في سوريا, خاصةً, وتجيب عن السؤال الكرديّ, المدوّي، بالقدر الكافي من الغيرة الوطنية, إلا إنّها للأسف, راحت تواصل سياساتها في الاتّجاه المعاكس, تماماً, للاستمرار في المحاولات (العبثية) لإمحاء الخصوصية الكردية، والتي أثبتت لا جد واها, و لاسيّما إذا وضعت بعين الاعتبار الظروف العامة، والخاصة، التي تمرّ بها سوريا في هذه المرحلة, وهي غير خافية على أحد، البتّة……!.
 ومن هنا, فإن “بعض” النخب التي لم تلعب دورها, كما ينبغي، لأسباب خاصة بها، مختلفة، في امتحان آذار, وراح بعض أصحاب الضمائرالحية من بينها يعيش – عقدة – سكوته إزاء الفظائع التي كانت تتمّ أمام أعين الجميع, مقابل آخرين أدركوا متأخرين ما كان ينبغي القيام به، وراح “بعضهم” الآخر يتخبّط من أجل موازنة معادلاته الشخصية, والاجتماعية, والوطنية, والقومية,  بل الإنسانية, مفكّراً بأكباش فداء, وأضحيات, لإنقاذ نفسه, ومسح ما لحق به, إثر ذلك ، وهو ما كانت الأجهزة السلطوية تحاول تغذيته, لاستمرار- فعل الفتنة – لإشعال أتون المعارك في الساحة الكردية، بشكل خاص، والوطنية، بشكل عام، من خلال اللّجوء إلى تأجيح اللّغة الخاصة لكلّ ساحة على حده, في هذا المجال , لتأخذ – في ما بعد –  موقف المتفرّج، الرّابح على كل صعيد، من خلال حساباته، بعيدا ً أو غير بعيد، عمّا يتم ّ، للإمعان في عزلة الكردي وضعضته، وتطويقه، بحسب مخططها، أجل، إن هذه النخب، وسواها، لهي مدعوة، الآن ،تحديدا ً، إزاء مايخطط من حولها ،ضد وجودها أصلاً، أن تتخذ الموقف التاريخي الصائب، إلى جوار من انخرط في اللّجة (وأشير بإعجاب كبير-هنا – إلى دور حركة شباب الكرد tevgera ciwanen kurd) التي بات تتبادر و تلتف حول التوجه العام -والمبشر- للحركة السياسية الكردية، من خلال تسليط الضوء على حقيقة ما يتم من سياسات تمييزية، بحق أبناء الشعب الكردي في سوريا، ومن خلال منظور وطني، لفضح أبعاد المخطط الذي يراد له أن يتم…….!
ولعلّ القراءة لأبعاد هذا المخطط ، هي في حقيقتها واضحة للعيان، ولاسيّما أن الجهات المعنية، بعد الفشل الذريع الذي منيت به، في محطّات سابقة، لتوسيع دائرة الفتنة القذرة، للإيقاع بين  المكوّنات الوطنية، و نقل، وحصر المواجهة التي تتم، بين مجرّد عرب وكرد، لا أدوات سلطوية، و وطنيين كرد، وسواهم، حيث لم يستجب لذلك إلا بعض الأدوات المتهرئة المعزولة وطنياً واجتماعيا ً، ونظراً إلى أن القبائل المستقدمة إلى منطقة الجزيرة في المرحلة رقم “1” ممّا يسمّى بالحزام العربيّ، كانت محكومة بعزلتها، وهو ما تنبّهت له هاتيك الأوساط المغرضة (وهي في مواقع متقدّمة من السلطة) فراحت تشرع من أجل استقدام أسر لها حضور وتداخل قبلي جزريّ ، وهو ما يتطلّب منّا جميعا التحرّك الفوري، لشرح خطورة ما يخطّط له، على كافة الأصعدة، بدءا ً بضرورة الالتقاء بالأوساط العربية في المنطقة، وانتهاء بالرأي العام المحلي والوطني، على حدّ سواء، لأنّنا جميعاً، أمام محك جديد، تدل مؤشرات كثيرة، على أن الأوساط التي تقف وراء هذا المخطط ، لا يمكن لها النجاح، في ما مواصلة ماهي مقدمة عليه، نتيجة التبني الواسع من قبل الحركة الكردية، لرفض مايتمّ بطرق سلمية، متكئة في الوقت نفسه على القوى الوطنية الشريفة التي باتت تحسّ بعمق المؤامرة الخطيرة على جميع المكونات الوطنية في البلاد…..!
لذلك كله، فإنناً – جميعاً-  لمدعوون، وعلى اختلاف المواقع، والمشارب، لنبذ خلافاتنا، كحركة سياسية وكمثقفين، وكوطنيين، لتبيان ما يتمّ، من مشروع عنصريّ، هو في جوهره ضدّ الحزام الوطنيّ، وأمن سوريا، من خلال اللجوء إلى أحزمة ممسوخة، مشبوهة، من شأنها إضعاف الصفّ الداخلي – بحسب لغة السلطة نفسها – في أخطر مرحلة تمرّ بها سوريا على الإطلاق، كما تمت الإشارة إليه من قبل………..!

قامشلي
12-7-2007

                                وللحديث صلة……!

www.alyosef.org
dylynet@hotmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…