لا مرجعية ولا هم يحزنون

 دلشاد خليل

إن الظروف السياسية والاجتماعية التي تمر بها الحركة الكردية في سوريا وكذلك النخب الوطنية المثقفة من التشرذم السياسي والثقافي وتفشي حالة من الجدلية السفسطائية العقيمة بين صفوفها وعدم تركيز الجهود لتحديد سقف المطالب والأهداف كل هذا يشكل عاملا هاما خطيرا في إبقاء الحركة متواجدة في غرفة العمليات المشددة وفي الرمق الأخير
فأوصالها مفككة وشرايينها تنزف بدون توقف وجيلها الجديد الذي يدعي التنور والحرية في اتخاذ القرار والثورية والمعقودة عليه آمالا كثيرة في التغيير الثقافي والسياسي والتنظيمي يبدو عليه أنه مغلف بالأنانية الانتهازية التي طالما رافقت الشخصيات الأكاديمية ولا تمتلك أدنى درجات النضال الحزبي والوطني ومهرولة وراء الكم لا النوع .
أما بالنسبة للمرجعية التي ينادون بها في هذه الفترة فما هي إلا وسيلة لإيهام الجماهير بجدية وفعالية هذه الحركة وتغطية لحالة التشرذم القائمة وتضييع للوقت والجهد، ففريق يريد أن تكون أسس هذه المرجعية منسجمة مع إعلان دمشق وذلك بعدم التطرق في تحديد ماهية هذا الحل الديمقراطي لهذه القضية أي أن تبقى في إطار العموميات دون الخوض في التفاصيل وترك هذا الحل للقادمات من الأيام وذلك لتبريرهم أن هذا الحل سيتفاعل تبعا للأحداث والظروف المستقبلية وسيكون ايجابيا إذا كانت الظروف ايجابية وبالتالي يبقى الحل غامضا.


والفريق الثاني يريد أن تكون هذه الأسس موصلة إلى الحلم الوردي المسيطر على فكر ووجدان كل كردي، وهذا بالطبع ليس حبا بموسى ولكن كرها لفرعون، فبين جذب وطرد وبين مد وجزر يسبح عقل هذا الكردي البسيط في بحر من الحيرة والريبة والغموض وقصر في الرؤية الموضوعية للأحداث.
وبالطبع ستكون النتيجة كارثية لأنه سيحدث هناك اتساع في الهوة اجتماعيا وثقافيا وسياسيا وتباعدا بين الحركة التي ترى في نفسها ممثلة لهذا الشعب والشعب نفسه الذي بات يدرك أن حركته تلك لا تلعب سوى دورا منفعلا قاصرا ومتفرجا على الأحداث الجارية في الشرق الأوسط دون خوض غمار معركة التفاعل مع هذه الأحداث أسوة بنظيرتها كردستان العراق.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي* لم تکن ممارسة عملية الحکم من قبل النظام الإيراني سهلة وهينة لأنه ومنذ البداية واجه رفضا داخليا قويا مثلما کانت هناك عزلة دولية تفاقمت عاما بعد عام، وحاول النظام جاهدا مواجهة الحالتين وحتى التعايش معهما ولاسيما وهو من النوع الذي لا يمکن له التخلي عن نهجه لأن في ذلك زواله، ولهذا السبب فقد مارس اسلوب الهروب…

نارين عمر ألا يحقّ لنا أن نطالب قيادات وأولي أمر جميع أحزاب الحركة الكردية في غربي كردستان، وقوى ومنظّمات المجتمع المدني والحركات الثّقافية والأدبية الكردية بتعريف شعوب وأنظمة الدول المقتسمة لكردستان والرّأي العام الاقليمي والعالمي بحقيقة وجود شعبنا في غربي كردستان على أنّ بعضنا قد قدم من شمالي كردستاننا إلى غربها؟ حيث كانت كردستان موحدة بشمالها وغربها، ونتيجة بطش…

إبراهيم اليوسف منذ اللحظة الأولى لتشكل ما سُمِّي بـ”السلطة البديلة” في دمشق، لم يكن الأمر سوى إعادة إنتاج لسلطة استبدادية بشكل جديد، تلبس ثياب الثورة، وتتحدث باسم المقهورين، بينما تعمل على تكريس منظومة قهر جديدة، لا تختلف عن سابقتها إلا في الرموز والخطاب، أما الجوهر فكان هو نفسه: السيطرة، تهميش الإنسان، وتكريس العصبية. لقد بدأت تلك السلطة المزيفة ـ منذ…

شادي حاجي سوريا لا تبنى بالخوف والعنف والتهديد ولا بالقهر، بل بالشراكة الحقيقية والعدالة التي تحفظ لكل مكون حقوقه وخصوصيته القومية والدينية والطائفية دون استثناء. سوريا بحاجة اليوم إلى حوارات ومفاوضات مفتوحة وصريحة بين جميع مكوناتها وإلى مؤتمر وطني حقيقي وشامل . وفي ظل الأحداث المؤسفة التي تمر بها سوريا والهستيريا الطائفية التي أشعلت لدى المتطرفين بارتكابها الجرائم الخطيرة التي…