قراءة في بيان حكومة الإقليم (وجهة نظر)

د. ولات ح محمد
حكومة الإقليم طرحت في بيان لها مبادرة من ثلاث نقاط: وقف فوري لإطلاق النار، وتجميد لنتائج الاستفتاء، والبدء بحوار مفتوح مع بغداد.
ماذا يمكننا أن نقرأ في هذا البيان؟ ما دوافعه؟ وما إيجابياته؟
1- مقترح تجميد نتائج الاستفتاء والبدء بحوار ليس جديداً، بل طرحته هولير بعد إجراء الاستفتاء بأيام قليلة، ولكن بغداد لم تقبل بالمقترح وأصرت على إلغاء نتائج الاستفتاء وكل ما يتعلق به، وجعلت ذلك شرطاً لقبول الحوار. وهذا ما دفع هولير للمطالبة بحوار بدون شروط وكررت ذلك كثيراً.
2- بناء على البند السابق لم تطرح هولير شيئاً جديداً بل أعادت ما طرحته سابقاً.
3- من يبدأ الحرب ويطالب بإيقافها يمكن اعتباره منسحباً أو متراجعاً عن قراره. أما هولير فلم تبدأ الحرب، بل تم الاعتداء عليها، وهي طالبت سابقاً وتطالب الآن بإيقاف هذا الاعتداء حرصاً على أرواح الناس والسلم الاجتماعي.
4- هذا الطرح في هذا التوقيت جاء أولاً لكي تبرئ هولير ذمتها أمام المنطقة والعالم وتقول إنها لا تريد القتال والتأزيم ولكن بغداد هي التي تسعى إلى ذلك بدفع من طهران. وثانياً لكي تضع العالم أمام مسؤولياته لاتخاذ خطوات جادة للضغط على بغداد لكي تقبل الحوار مع هولير بدون شروط (إلغاء نتائج الاستفتاء).
5- ربما تكون لزيارة تيلرسون وزير خارجية أمريكا لبغداد علاقة بهذه المبادرة. وربما يكون قد طالب الطرفين بغداد وهولير بالبدء بالحوار.
6- قبل المبادرة بوقت قصير تسرب خبر يقول إن أمريكا أعلمت بغداد بأنها إذا لم تقبل بالحوار فإنهم سيعترفون بنتائج الاستفتاء. إذا صح هذا الخبر فإنه تهديد واضح لبغداد وضغط عليها لقبول الحوار، وهو يؤكد البند رقم 5. أما إذا كانت الرسالة للرئيس البارزاني فربما هذا الضمان من وزير الخارجية هو الذي دفع البارزاني إلى إطلاق هذه المبادرة لتحقيق الأهداف السابقة واللاحقة أيضاً.
7- إذا كان تيلرسون قد مارس ضغطاً على بغداد لبدء حوار مع هولير فربما سيخبر العبادي الأتراك في زيارته لأنقرة بأنه (بالتنسيق معهم) سيقبل بهذا الحوار نتيجة لتلك الضغوط، أو على الأقل لأن واشنطن تريد ذلك. لأن الطرفين (بغداد وأنقرة) مع طهران قد وقعوا اتفاقات بهذا الخصوص في الشهور والأسابيع الماضية، ولا بد لبغداد من التنسيق معهما في أي خطوة قادمة.
8- إذا قبلت بغداد بالحوار مع احتفاظ هولير بنتائج الاستفتاء (في الدرج أو على الرف) فإن ذلك انتصار كبير جداً للكورد، لأن بإمكانهم استخدام هذه النتائج في أي وقت. ولهذا كانت بغداد تصر على إلغائها وليس تجميدها.
9- هذه الخطوة سواء جاءت بطلب أمريكي أم بمبادرة من قيادة الإقليم هي خطوة استراتيجية مهمة ستضع بغداد أمام العراقيين وأمام العالم في مواجهة أحد احتمالين: أن ترفض وتكون هي المسؤولة والمدانة بخصوص كل ما سيحصل لاحقاً. أو تقبل بالحوار ويربح الكورد استفتاءهم ويفشل المخطط الإيراني بدفع العراقيين إلى حرب أهلية كوردية – كوردية أو كوردية – عربية.
10- إذا قبلت بغداد بالمبادرة والحوار فإن مكاسب الكورد ستكون كبيرة في تلك الحوارات مع احتفاظهم بنتائج الاستفتاء. أما إذا رفضت الحوار وأصرت على مواصلة التصعيد والحرب فإنها ستكون محل إدانة المجتمع الدولي الذي سيجد نفسه مضطراً للتدخل والفصل بين الطرفين وحماية سكان الإقليم وجلب الطرفين إلى طاولة الحوار. وبذلك سيحصل الكورد على حقوقهم بضمانات دولية أممية…
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=506546413071412&id=100011481726888

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس   يعوّل الشعب الكوردي على المؤتمر الوطني الكوردي في غربي كوردستان بوصفه لحظة مفصلية، لا لمجرد جمع الفاعلين الكورد في قاعة واحدة، بل لتأسيس إرادة سياسية حقيقية تمثّل صوت الأمة الكوردية وتعبّر عن تطلعاتها، لا كفصيل بين فصائل، بل كشعبٍ أصيلٍ في جغرافيا ما تزال حتى اللحظة تُدار من فوق، وتُختزل في الولاءات لا في الحقوق. إننا…

ماهين شيخاني في عالم تُرسم فيه الخرائط بدم الشعوب، لا تأتي التحوّلات العسكرية منفصلة عن الثمن الإنساني والسياسي. انسحاب نصف القوات الأمريكية من شرق الفرات ليس مجرد خطوة تكتيكية ضمن سياسة إعادة التموضع، بل مؤشر على مرحلة غامضة، قد تكون أكثر خطراً مما تبدو عليه. القرار الأميركي، الذي لم يُعلن بوضوح بل تسرب بهدوء كأنّه أمر واقع، يفتح الباب أمام…

لم يعد الثاني والعشرون من نيسان مجرّد يومٍ اعتيادي في الروزنامة الكوردستانية، بل غدا محطةً مفصلية في الذاكرة الجماعية لشعبنا الكردي، حيث يستحضر في هذا اليوم ميلاد أول صحيفة كردية، صحيفة «كردستان»، التي أبصرت النور في مثل هذا اليوم من عام 1898 في المنفى، على يد الرائد المقدام مقداد مدحت بدرخان باشا. تمرّ اليوم الذكرى السابعة والعشرون بعد المئة…

د. محمود عباس قُتل محمد سعيد رمضان البوطي لأنه لم ينتمِ إلى أحد، ولأن عقله كان عصيًا على الاصطفاف، ولأن كلمته كانت أعمق من أن تُحتمل. ولذلك، فإنني لا أستعيد البوطي اليوم بوصفه شيخًا أو عالمًا فقط، بل شاهدًا شهيدًا، ضميرًا نادرًا قُطع صوته في لحظة كانت البلاد أحوج ما تكون إلى صوت عقلٍ يعلو فوق الضجيج، مع…