شنكَال الذي لم يسترِحْ

ابراهيم محمود
الكردي الإيزيدي، الإيزيدي دون الكردي، العراقي الإيزيدي، الإيزيدي دون العراقي، الإيزيدي- الإيزيدي…الخ، عن أي إيزيدي يمكن الكلام إذاً، في محنة شنكاله التي لا تهدأ؟ شنكاله نفسه المنقسم على نفسه، في أهله أو في إيزيديه. هل للإيزيدي أن يعرّف بما هو فيه وعليه: كردياً، أو قلها حتى: إيزيدياً محضاً، ولن يصمد أمام تحدّي التفكك، وفي حيازة العراقي، وتعجِزه مرارة القائم عن رؤية حقيقة أمره المرّة، وإيزيدياً كتكوين، دون أي منهما، ليجد في نفسه صوراً وأشباهاً تسمّي إيزيديته، ما عدا الإيزيدي الفاعل لا المعطّل فيه.
أي إيزيدي هو المطروح باسمه في الساحة سوق مساومات، أو ضمن عروض أسعار من جهات مفتوحة عليه وهو مرصود؟ فلا تعود تعرف إلى أي جهة تتلفت لتجد الإيزيدي الجوهر، الإيزيدي الذي يخلص لطاووس ملكه أو لالشه. لقد علّمته الوقائع ما يبقيه عاجزاً عن الاهتداء إلى الإيزيدي فيه، علمته غزوات الآخرين حتى من المتكلمين بلغة ” الدين الحنيف خاصة “، في القرب والبعد، أن يبقى نهب الآخرين لاسمه ونفسه وفكرع ولاشعوره الجمعي، في ماله وعرضه وحلمه وشنكاله المنكوب ولالشه المسفوك قهراً.
شنكال الذي لم يسترح مذ ” اكتشفه ” شذّاذ الآفاق ممن آفاقهم على هيئة رغبات قامعة، ناسفة، وأدركوا أن في أصل هذا الجبل المترامي، وبامتداد منكبيه أكثر من سوق لتفريغ أحقاد أو تأكيد بطولات مزيفة، لأن نسله الإيزيدي يعيش خلاف الآخرين، وفي أمة تعتبر نفسها أمة الأمم غالباً، وهي دونها إجمالاً، ترفض الاختلاف حقيقة مكوّن إنساني، فكيف بهذا الخلاف: الشّقاق البغيض، إلى درجة استعداء الإيزيدي ضد الإيزيدي تقليداً أو عرفاً يكافأ عليه، وليُعَد لفرمان في ضوء فرمان قائم، وآخر لما يزل سافكاً دماء وقوى وهدوءات في صلب الإيزيدي الفعلي وروحه .
وبين شنكال الذي لم يسترح، ويظهر أنه لن يستريح، وأن استراحته المرتجاة إلى أجل غير مسمَّى في ضوء المتاح والمستباح بأكثر من معنى، بين هذا الـ” شنكال ” وإيزيديه ثمة أكثر من ذاكرة متصدعة، تصدُّع لا يعود الإيزيدي نفسه بمدرك لأوجه تصدعها وتفجعها، ولا مصادر نزفها الكثيرة، ولا الأسباب المعتبَرة من لدن خصومه في القرب والبعد: وجيهة، جرّاء تتالي الطّعان فيه، إلى درجة أنه أحياناً بات في شك من أمر نفسه وما إذا كان هو هو، أو ما هو فيه هو آخر، وأن ما ليس هو يكون هو، وأنه ليس بهو الذي يعنيه، ولا هو آخر لا يعرف حقيقة أمره، بات في شك حتى من شنكاله الذي حماه واحتواه وارتضاه إزيدياً وعمَّده في روحه ولالشه إيزيدياً،على وقع هذه الإغارات والشّباك المنصوبة له.
الإيزيدي الواضح، الإيزيدي الغامض، الإيزيدي نصفه، الإيزيدي ربعه، الإيزيدي وهمه، الإيزيدي حقيقته، الإيزيدي المحافظ على رباطة جأشه المفلترة وهو في حضرة طاووس ملكه وملئه جراح وملئه سؤال عما يجري، وعجز عن وضع النقاط على حروف متعادية لتلك، أنّى له أن يستعيد ما كان عليه، أو ما يريد أن يكون عليه، وهو في هذا التشظي في داخلي، نصير روحه، والغريب عنه، والمتآمر عليها، والمقاوِم لكل ما يحول بينه وبين طموحه أن يكون المعرَّف به الإيزيدي وليس المضاف إلى غيره، إذ لم ما أكثر ما زاد طين الإضافة بلة.. والحبْل على الجرّار ..
دهوك، في 17- 10/ 2017 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…