الإستفتاء ( الزلزال الكبير)

مروان سليمان*
إنتهى الإستفتاء بخير و سلام وقال الشعب الكردي كلمته التاريخية و بكل حرية و بدون الضغوطات من أحد – نعم للإستفتاء و نعم للإستقلال- و هذا ما يدخلنا لمرحلة جديدة من التاريخ يبدأ رسمه إعتباراً من الخامس و العشرون من أيلول في نسج العلاقة بين أقليم كردستان و بين دولة بغداد و التي جاءت بها نتائج الإستفتاء بعد مرور أكثر من ثلاثة عشر عاماً من كتابة الدستور العراقي الذي بقي حبراً على ورق لم تلتزم به جميع الحكومات المتعاقبة في بغداد و الأهم من ذلك هو محاولة تجريد الوزراء الكرد و البرلمانيين من مناصبهم(زيباري مثالاً) بالإضافة إلى الفساد و سرقات المالكي و صناعة داعش و إنهيار الجيش العراقي أمام داعش و شكل الحكومة الطائفية المقيتة و التكتم على المادة 140 من الدستور و قطع ميزانية الأقليم  كل هذه الأسباب دعت الأقليم و شعبه إلى إختيار طريق الإستفتاء و هو نفسه ليس ملزماُ لحكومة أقليم كردستان.
إذاً الإستفتاء قد حصل و أصبح من المستحيل التراجع عنه أو تغاضي النظر عن نتائجه التي صوت لها الجماهير الكردية و التي تعتبر حقاُ مشروعاً من حقوق الشعب الكردي في إختيار حق تقرير مصيره بنفسه ما دامت الحكومة المركزية لا تحترم تعهدتها و مواثيقها و مهما حاول الكرد التقارب مع بغداد و تهدئة الأوضاع معهم إلا أن الحكومة المركزية تتحين الفرص من أجل التخلص من داعش لكي تلقي بميليشياتها الغير الشرعية نحو أقليم كردستان مثل قطعان الجيش الشعبي و منظمة غدر و جميع القوى التي تنتظر الفرصة من أجل القضاء على الحلم الكردي.
اليوم أصبح الإستفتاء خلفنا و لا يمكن الرجوع إلى ما قبل الخامس و العشرين من أيلول و حكومة الأقليم أصبحت بيدها أوراق تفاوضية قوية بعد أن فوضتها الجماهير الكردية و سوف تعمل على تحسين تطبيق الأليات الدستورية و حل النزاعات مع بغداد و أبدى الجانب الكردي رغبته في الحوار مع الجانب العراقي و لم يدخلوا في ردات الفعل مع الجانب الطائفي في بغداد و لكن بقى الكورد ذو خطاب عقلاني و هم بحاجة إلى أصوات معتدلة تخرج من بغداد من أجل حسم الأمور و الخلافات و بنوايا صادقة و هنا على بغداد أن تدرك أن أمامها خياران لا ثالث لهما: الطريق الأول يكمن في المصالحة مع الكورد و رفع الظلم الذي لحق بهم طيلة الأعوام السابقة و القبول بهم كشركاء حقيقييين في الوطن و ليسوا من أجل الكومبارس و التشريفات و أخذ الصور التذكارية، و يجب على العراقيين و أقصد الحكومة أن لا تعول على طهران و أنقرة في حل خلافاتها مع الأقليم لأن الإثنين لديهم مصالح في العراق و الحصار الذي يفرضه الطغاة على أقليم كردستان يعتبر قرار غير عادل على شعب يستحق التكريم ، أما الطريق الثاني فهو الوصول إلى إتفاق أخوي بين الجانب الكردي و حكومة بغداد من أجل رسم خريطة جديدة في المنطقة و إعلان ولادة دولة جديدة اسمها كردستان، و التخلي عن التهديدات و قرقعة السلاح و التجييش الطائفي لأن ذلك لن يأتي إلا بالدمار و الخراب.
*مدرس في المدارس المهنية – المانيا
01.10.2017
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…