الشرعة الدولية والتهديدات ضد شعب كردستان

شادي حاجي
المتابعين للشأن السياسي في العراق عامة وكردستان خاصة يعلمون ماتعرض له شعب كردستان وعلى مدى قرن من الزمن منذ أن إلحق جزء من كردستان بموجب اتفاقية سايكس بيكو وماتلتها من اتفاقيات ترسيم الحدود الى دولة العراق التي  لم تكن لها قائمة قبل ذلك من حروب واجراءات وممارسات تعجز الكلمات عن وصفها والتي جاءت على لسان القيادات السياسية في كردستان وعلى أرفع المستويات خلال المؤتمرات الصحفية التي جرت اليوم وخلال الأيام الماضية مع شرح الأسباب التي دفعت القيادة السياسية وشعب كردستان الى اتخاذ القرار للتوجه لاجراء استفتاء شعبي عام على الاستقلال لأن الاستفتاء حق طبيعي مشروع واسلوب ديمقراطي سلمي ليعبر شعب كردستان عن رأيه حول تقرير مصيره في الحرية والاستقلال وإقامة دولته والذي قوبل من بغداد وطهران وأنقرة بالتهديد والوعيد واستخدام القوة وبحصار كردستان واغلاق الحدود والمعابر وفرض العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية وقطع العلاقات ومحاولة ارضاخ وكسر ارادة شعب كردستان من خلال تجويعه والتضييق عليه 
هذه التهديدات في حال تنفيذها تناقض مبادىء وقواعد القانون الدولي ومقاصد الأمم المتحدة ولائحة حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها أولآ .
إلى جانب خرق مبادىء وقواعد القانون الدولي الإنساني ثانياً .
 وسيؤثر كل ذلك على مصداقية  المجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة وتعريض مكانتها ودورها المطلوب والضروري في حماية الشعوب وتحقيق العدل في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين للخطر ثالثاً.
فمعلوم أن الشرعية الدولية لها بعد حضاري يتطلب في مثل هذه الحالة التأكيد عليه والتمسك به وهو كامن في جوهر الشرعية بكونها الضامن لحقوق الدول والشعوب بغض النظر عن حجم إقليمها وعدد سكانها وقدراتها الإقتصادية ومعلوم أيضآ أن الحضارة الانسانية ليست ملك شعب واحد لأنها ليست من صنع شعب واحد إنما هي سبيكة من صنع كل شعوب الأرض وسوف تنمو وتزدهر بمساهمة جميع الشعوب لذا لابد ان تجسد الشرعية الدولية المبادئ التي تحافظ على حقوق ومصالح كافة الشعوب دون تمييز وهذا المعنى نجده بشكل واضح في ديباجة ميثاق هيئة الأمم التي ولدت من أجل تنظيم العلاقات الدولية وحماية الشعوب وحقوقها وقد نطقت الديباجة باسم الشعوب كافة ولم تنطق بأسم الحكومات ولم تكن من مسؤوليتها حماية الحكومات حيث تقول ( نحن شعوب الأمم المتحدة… وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب التي في خلال جيل واحد جلبت للإنسانية مرتين أحزانآ يعجز عنها الوصف وأن نؤكد من جديد ايماننا بالحقوق الاساسية للانسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والامم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية، مرات بين الاحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة في المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي، وان نرفع بالرقي الاجتماعي قدماً، وان نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية ) فهذا النص كما هو كامل نص الميثاق يحمل المعنى الحقيقي للشرعية في حين نجد المعنى الفعلي على سبيل المثال في هذا الجانب يتجلي في محاولات بغداد وطهران وأنقرة بإختزال الشرعية في حدود مصالحها القومية التوسعية العنصرية الضيقة  وتتعاون فيما بينهاعلى أساس تلك المصالح بعيداً عن مصالح كردستان وشعب كردستان وإرادته وحقه في تقرير مصيره وبالرغم من ذلك نجد هناك صمت من قبل المجتمع الدولي وهذا مايحز في نفس وقلب كل كردي وكل انسان حر في العالم وهو يمارس أكثر الأساليب ديمقراطية وحضارية وسلمية وهي الاستفتاء على حقه في تقرير مصيره في الحرية والاستقلال .
لذلك وجدنا الضرورة تدعونا للمساهمة بشكل متواضع في الكشف عن مفهوم الشرعية الدولية  وتلبية الحاجة لمعرفة هذا المفهوم وإدراكه والعمل بموجبه والدفاع عنه أمام المحاولات المحمومة لفرض المفهوم الفعلي القائم على القوة والمصالح الضيقة وغير المتكافئة خصوصاً في هذه الظروف التي يسعى من خلاله شعب كردستان بشكل ديمقراطي سلمي حضاري أخذ زمام أموره بنفسه في ضوء المواثيق والعهود الدولية التي تحمل المفهوم الحقيقي للشرعية الدولية .
شادي حاجي ألمانيا في 25/9/2017

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…