الفتاة اليافعة وآفاق المستقبل

نارين عمر*


كيف لناأن نجعلَ من الفتاة اليافعة امرأة حقيقية ومربّية ناجحة؟ كيف نستطيعُ ترجمة أقوالنا إلى أفعالٍ تتحرّكُ على أرض الواقع بروحٍ شفافة وقلبٍ خالٍ من مورّثات الشّوائب؟
ما هو المطلوب من الأمّ المتعلّمة وما أكثر المتعلمات في مجتمعنا في الوقت الحاضر؟
الأجيالُ المتعاقبة كانت ترّددُ دوماً(فاقد الشّيء لا يعطيه)بمعنىأنّ أمهاتنا ومربياتنا كنّ جاهلات غير متعلمات لذلك نشأنا نحن النّساء حياة الجهل والخنوع.
لكنّ هذه الصّبايا كبرن وأصبحن أمّهاتٍ ومربيات فما عساهنّ فعله كي تخلقَ أحلامهنّ وأمانيهنّ   جيلاً كان مزركشاً في خلايا مخيّلتهنّ أو جيلاً مستنسخاً من بناتِ وأبناءِ أفكارهنّ.
إذاأرادت المرأةالآنية ألا تلحقها لعنة الجيل القادم من البنات والتي قد تكونُ ابنتهاأو أختها أو تربطها بها علاقة قرابة أوصداقة فعليها أن تجهدَ نفسها لتنيرَ لها دربَ الهداية والذي يؤسّسُ ممّا يُلاحَظُ على أرض الواقع.والأمرُ نفسه ينطبقُ على الابن أيضاً لأنّ كثيراً من الأمهات يميّزنَ بقصدٍ أومن غير قصد(وطبقاً للتربية التي تلقينها) يميزن في طريقة تربية أولادهنّ بين الابنة والابن ويساهمن في زرع بذور الفرقة والانقسام بينهما حتى يجعلن من مجمل الأمور جائزة للابن ومحرّّّّّّمة على الابنة ليكبر هذا الابن الذي هو رجل المستقبل وتكبر في ذهنه ونفسه تلك الأمور.
وإذ أركزُ على دور المرأة الأمّ في تربيةِ أولادها فلأنّها تعدّ العمود الفقري للأسرة لا يمكن العيش بدونه وهذالا يعني أنّ تربيتهم يجبُ أن تكون بمعزلٍ عن الرّجل الأبّ بل لا بدّ من التّعاون بينهما في شتّى مجالات الحياة وخاصة تلك المتعلّقة منها بالبيت والأطفال وتربيتهم.
وفي هذا السّياق لا بدّ من بوح همسةِ عتابٍ في سمعِ بعضٍ من نسائنا ورجالنا الكرد الذين أمضوا فترة شبابهم في العقودِ الأخيرة من القرن العشرين حيثُ كانت الحركة الثّقافية في أوجها والحركة الكردية في عمق معمعانها قدأهملوا حياتهم الشّخصية والاجتماعية لحدّ ما وصارواَ يعيشُون حالةً كانت تسمّى بالمراهقة السّياسية والثّقافية على حسابِ المراهقة العاطفية ونتيجةً لِمَا لمسوه من إحباطاتٍ لِمَا ذُكِرَ انعكسَ على إحباطهم الفكري والاجتماعي صاروا يتعاملون مع أبنائهم وبناتهم بطريقةٍ مغايرة ومخالفةٍ تماماً عن الحياة التي عاشوها فنجدهم إمّا متشدّدبن جدّاً معهم يرهقونهم بقيودِ الممنوعات والمحرّمات التي تسنّها قوانينهم الخاصة أومتحرّرين جدّاً.وهذا هو البؤسُ بعينه.لأنّ المتعارفَ عليه في أروقةِ علم النّفس والاجتماع أن يستفيدَ أحدنا من إحباطه فيحوّله إلى نسمةِ تفاؤلٍ وغَلبَة ينعمُ بعقبها أولاده أو من يسير على منواله.
فالواجب يلزمنا أن نضعَ خبراتنا وتجاربنا في خدمةِ هؤلاء الأبناء والبنات بعد أن نغربلها غربلة سليمة ونقيّة فننبذ ما كان شاذاً فيها أو غير صالح ونبقي على السّليم والمفيد وبذلك نعبّدُ لأولادنا سبلاً جديدة تساهم في تقويم خطواتهم وتصويبها نحو التّقدّم والأمام.
والأمرُ الهامّ الآخر يتلخّصُ في الدّور القيادي الذي يقوده بعضنا على أولادِ غيره وإهماله لقيادِ أولاده فيكونُ الواعظ والمربي الذي لا يضاهيه غيره.
لذلك على كلٍّ منّا أن ينطلقَ من ذاته يقوّمها ويصوبها ويرمّمَ ما عتقَ منها وعطب من بيته وأسرته وإذا تمكّن من ذلك فإنّ الإصلاح سيشمل كلّ شرائح المجتمع الذي هو كلٌّ مؤلفٌ منّا أفراداً وجماعات.

.
أمّا إذا شيّدَ أحدنا لنفسه برجاً عاجياً من خلاله يلقي المواعظ والنّصائح للآخرين تاركاً ذاته وعقله يغوصان في يمّ عميق من اللامبالاة والجهل يعيشُ هو في وادٍ وأهله في وادٍ آخر فإنّ المجتمعَ لن يراوحَ في مكانه فحسب بل سيتحوّلُ إلى حَلقَةٍ مفرغة يحومُ حولَ نفسه ثمّ تقذفُ به عمليةُ الدّوران إلى الوراء خطواتٍ وخطوات ضوئية لا محدودة.
علماً أنّ كلّ فردٍ منّا بحاجةٍ إلى تربية,إلى قيمٍ ثقافية اجتماعية,وفكرية متعدّدة الاتجاهات والمسارات والغايات.

* المقالة مهداة الى السيدة أم أفين, وأتمنى أن تجدَ فيها إجابة على ما طرحته علي ّسابقاً عن حال الفتاة الكردية اليوم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…