نقطة كوردية على حرفٍ إسرائيلي

عنايت ديكو
– الى المُلَوَثِين وجهابذة الضباب والرماد الأيكولوجي، والذين لا يعلمون بمفاصل ودقائق الأمور هذه… والى الذين يريدون توزيع ورشّ الضباب الأسود شرقا وغرباً وعن قصد وتقصد، للتقليل من النجاحات الباهرة التي حققها مهرجان العصر في مدينة كولون الالمانية والذي جاء سنداً ودعماً للقرار التاريخي الكوردستاني في تشكيل دولة كوردستانية.
– هنا أريد أن أُوَضّح بعض النقاط للذين لا يدركون مفاصل الحرّيات وحدودها وأفاقها الفسيحة والواسعة في هذه الدول، ففي هذه البلدان الهادئة والديمقراطية، هناك قوانين وأنظمة معمولة بها وناظمة، تحكم وتُأطر كل الحركة والحراكات الفكرية والثقافية والسياسية والمجتمعية. 
وتكون هذه قوانين بمجملها شاملة ومنفتحة وجامعة وانسانية وغير ثأرية وتحافظ على كرامةِ وانسانية الانسان وآدميته، لتخرج هذه الأنظمة في الأخير بحالة مجتمعيةٍ منسجمة ودينامية تفاعلية متحضرة تعتمد على الحياة الديمقراطية والحرّيات العامة . في هذه البلدان لا ينظرون الى حركة تطور المجتمعات بمنطقِ وعقول الشرق البائسة واليائسة واليابسة مثلنا .. (( إما أنا … أو محو الآخر من الوجود )).!
– مثلاً، يأتي البعثي العروبوي العنصري الى أوروبا … فيحصل على حق الاقامة والحياة والتعبير عن النفس …. وبنفس الوقت يأتي الأخونجي ، فيحصل هو أيضاً على حق الاقامة والحياة وحرية التعبير وغيرها وووالخ. فكل الناس هنا سواسية أمام القانون والقضاء، وفي الواجبات والحقوق، والكل يستطيع التعبير عن الذات والذوات شرط أن يكون باسلوبٍ سلمي وحضاري وغير عنفي، بغض النظر عن لونه وشكله وجيناته وعرقه ودينه وصبغياته .
– لنسقط هذه الكلمات والجمل على مهرجان دعم الاستقلال الكوردستاني في مدينة كولون الالمانية الذي جرى قبل بضعة أيام.
– قبل كل شيء … وعند الذهاب الى دار البلدية وقسم الشرطة المحلية وزيارة قسم الرخص، لأجل الحصول على الموافقة للقيام بنشاطٍ من النشاطات العامة والجماهيرية. يُطلب منك وقبل كل شيء، التوقيع على الالتزام بالقوانين والأنظمة السارية والمعمولة بها في المدينة، والأمن العام والشرطة والاداريين القائمين على هذا الشأن، يضعون أمامك، جملة أسئلة ويطلبون منك الاجابة والتوقيع عليها في الأخير. فمثلا: يسألونك عن الهدف من اقامة هذه التظاهرة أو الاحتفالية والى ماذا ترمي ، وضد مَن ومع مَنْ ، وما هي الأهداف والمقاصد من وراء هذا النشاط وووالخ؟
. ويطلبون منك أيضاً عدم رفع أو إطلاق الشعارات العنصرية أو الدينية أو الحزبية أو التفرقة أو شعارات الكره والاهانات. وعدم التكسير ورمي النفايات والزبالة أو استخدام العصي والهراوات والالتزام بالقوانين المدنية والمرورية ووالخ. ومن ثم ممنوع عليك رفع الاعلام والشعارات المرتبطة والمتعلقة بالحركات الراديكالية والارهابية والمتطرفة منعاً باتاً وبالمطلق. وإذا كان الهدف هو عنصري وثأري وقوموي وديني وعرقي وكرهي وعنفي ..؟ فلا تحصل على الموافقة والسماحية للقيام بهذا النشاط.
– أما بالنسبة لأعلام الدول والمؤسسات والمنظمات المعترفة بها دولياً والمانياً ، فهي أعلاماً مسموحة بها وفي كل زمانٍ أو مكان. فيستطيع أي واحد منا هنا في المانيا … أن يرفع العلم الكوردستاني … أو السعودي … أو الياباني .. أو الاسرائيلي … أو المصري … أو الصومالي… يومياً ويمشي به ويجول كل الشوارع الالمانية طولا وعرضا … ليلا ونهاراً … زماناً ومكاناً … فلا يقترب منه أحد ولا يستطيع أحد من الالمان أو من الشرطة منعه أو إهانته أو إهانة العلم الذي رفعَهُ.
– فمثلاً يستطيع شخص كوردي ، رفع العلم الكوردستاني في مظاهرة تركية أو إيرانية أو مغربية … ويستطيع اسرائيلي يهودي رفع العلم الاسرائيلي في مظاهرة فلسطينية … ويستطيع فلسطيني عربي رفع العلم الفلسطيني في مظاهرة يابانية أو سنغافورية ….. 
– (( لماذاااااا )) ؟؟؟؟
لأنهم يقولون بأن هذه الأعلام وبموجب القوانين والأنظمة المعمولة بها هنا في بلدنا ألمانيا وبموجب القوانين والأعراف الدولية، هي أعلام غير ممنوعة، ويستطيع أي شخص هنا رفع العلم الذي يريده ويحبه وفي الزمن الذي يختاره هو وبالمطلق.
– وفي قسم الشرطة أيضاً يضعون أمامك جملة من الشعارات والأعلام الممنوعة، فمثلاً اذا رُفع علمٌ من أعلام الحركات والمنظمات الممنوعة في مظاهرة من المظاهرات  تقوم الشرطة بتحقيق الأمر وتقارن هذه الاعلام مع الكاتالوج خاص بالشرطة المُنظمة، وتقارن هذا العلم المرفوع مع الأعلام الموجودة في الكاتالوج الخاص بهم، ويقولون لصاحب هذا العلم : يا استاذ، هذا العلم ممنوع عندما في المانيا وبموجب القوانين النافذة هنا ، عليك الالتزام بالقوانين وإنزال هذا العلم ، أما اذا كان العلم مسموح به هنا … فمن حق أي شخص او طفل او إمرأة أاو او او ، أن يرفع العلم الذي يريده أو الذي يحبه وبالمكان الذي يُريده أو يتقصده .. وفي الزمان والمكان اللذان يختارهما هذا الشخص.
– فاللجنة المنظمة لمهرجان ” كولون ” هي مسؤولة عن الأعلام التي تمت رفعها على المسرح فقط… من أعلام الاتحاد الأوروبي وعلم المانيا وعلم كوردستان .
– أي بمعنى آخر … نحن في مهرجان كولون لم ولن نستطع منع العلم الاسرائيلي أو أي علمٍ آخر، وهذا ليس من حقنا أو من صلاحياتنا. فلو جاء أحدكم … ورفع العلم السعودي أو السنغالي أو الكوري الشمالي أو غيره بجانب العلم الكوردستاني؟ فنحن كلجنة منظمة للمهرجان .. لا ولن نستطع التدخل وإنزال هذا العلم بالقوة… فالشرطة التي تحمينا وتحافظ على أمن الاحتفالية، هي التي تحدد منع العلم من رفعه وبالمطلق .
– أما إذا جاء أحدٌ ورفع علم داعش … أو علم الحركات الراديكالية المتطرفة مثل حماس وغيرها أو حركة ” الرّاف ” الراديكالية الالمانية أو اليسار المتطرف أو اليمين المتطرف أو حركة الذئاب الرمادية أو غيرها من الحركات المصنفة ارهابياً أو أو الخ ؟ فهنا من الطبيعي أن تتدخل الشرطة وتمنع هذه الاعلام والرموز الارهابية من الظهور.  
– أما أي علمٍ آخر معترف به المانياً ودولياً وبحسب وبموجب القوانين والأنظمة المعمولة بها هنا، فهي أعلاماً مسموحة بها … وإن كانت اعلاماً تابعة لجمهورية هونولولو … أو جمهورية خورفكّان الديمقراطية وغيرها.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نبذة عن الكتاب: يسعدني أن أقدم لكم العمل البارز لصديقي العزيز، ريبرهبون، مؤلف كتاب ” نقد السياسة الكوردية (غربي كوردستان أولاً)”. هذا الكتاب هو استكشاف عميق للمشهد السياسي الكردي، يقدم نقداً ورؤية للمستقبل. إنه رحلة فكرية تمزج بين التحليل التاريخي والواقع الحالي، وتبحث في الحلول للتحديات التي يواجهها الشعب الكردي، خاصة في غربي كوردستان (روجافا). يقدم المؤلف تأملات صادقة في…

د. محمود عباس الزيارة المفاجئة التي قام بها أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، إلى إسطنبول، لم تكن مجرد جولة مجاملة أو لقاء بروتوكولي، بل بدت أقرب إلى استدعاءٍ عاجل لتسلُّم التعليمات. ففي مدينة لم تعد تمثّل مجرد ثقلٍ إقليمي، بل باتت ممرًا جيوسياسيًا للرسائل الأميركية، ومحورًا لتشكيل الخارطة السورية الجديدة، كان الحضور أشبه بجلوس على طاولة مغلقة،…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مرارا وتكرارا أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان “لغز” عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: “حرب الأهلة الكبرى”. فبعد أن أعلن ديوان الوقف…

قدم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، السبت، تشكيلة الحكومة الجديدة، والتي تكونت من 22 وزيراً. وقال الشرع في كلمته خلال مراسم الإعلان عن الحكومة في قصر الشعب: “نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة.” وجاءت التشكيلة الوزارية على الشكل التالي: وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وزير…