بين الفكر والسياسة في الواقع الكردي..!

دهام حسن
علينا نحن الكورد أن نعي لواقع تخلفنا الثقافي، وتقدم سوانا من غير الشعوب، ومن هنا ينبغي أن يأتي الحافز لتجاوز الحالة الراهنة البائسة، هذه الحالة علينا أن نعيها ونقرّها لا ننفيها، أما التبجّح بنتاج شاعر أو شاعرين كبيرين لا يلغي  القاعدة ولا الواقع الثقافي المزري والمتدني الذي يعيشه شعبنا، فإذا ما توخينا إنتاج ثقافة متقدمة فلا بد لنا من أن ننهل من ثقافات شعوب أخرى، فالإنسان الفرد لا يمكن له أن يبدع فكريا إلا بمحيط ثقافي غني ومتنور، لا بالانغلاق على نفسه، فالثقافة كما يقول توماس هوبز بمثابة (عمل يبذله الإنسان لغاية تطويرية)..
إن المواكبة لسيرورة العصر وتطوره، لا يتم إلا بنهضة ثقافية، ومن هنا فالحالة تقتضي المزيد من الحوار والمساءلة والنقد والوعي الدائم لقضايا استراتيجية، فالحالة تقتضي إيجاد مؤسسات ترعى الحياة الثقافية، وتسعى لتطوير الواقع السياسية الراهن..
لتنمية الواقع الثقافي لابد من حرية الرأي التي تعني فيما تعنيه كما يقول أحد المهتمين بالشأن الثقافي (حرية الإنسان في سبل النظر العقلي وأساليبه بحرية.. والإعلان عن الرأي الذي توصل إليه، وإشاعته بين الناس والمنافحة عنه بقناعة) بالمقابل على المثقف ألا يتنحى جانبا، بل يتحمل مسؤوليته، ويطرح على نفسه أسئلة لا تنتهي، يطرحها على نفسه ليواكب الواقع المتجدد دوما وأبدا، ويكون في علاقة نقدية مع ذاته، والعودة الدائمة لمؤسسات ومرجعيات الفكر التي نهل منها طويلا.
يرى بعضهم أن من أسباب انهيار المنظومة الاشتراكية السوفييتية هو إهمالها الجانب التقني الإعلامي، فلم تصمد أمام الغزو الإعلامي (بفكر أعزل لا يملك وسائل انتشاره) كما أن الأنظمة العربية التي عصفت بها رياح التغيير، كانت الحالة تقتضي قراءة صحيحة للواقع وتشخيصه، ومواجهته بالتالي بالمعالجة لا بالنفي والاستهانة بشعوبها..
إن المثقف الملتزم بالحقيقة غالبا ما تجده خارج أبنية السلطة إن لم يكن في أقبيتها كما قلت في مقالة سابقة.. كان غرامشي ينصح المثقفين بالامتزاج بالناس، وتقديرا من لينين للمثقفين أوصى أن يطبع كل تراث بليخانوف الفكري الثقافي، وقال لا يصبح المرء شيوعيا إذا لم يقرأ كل ما كتبه بليخانوف في الفلسفة علما – وهذا هو المهم والغاية من الاستشهاد – أن بليخانوف لم يكن مع ثورة أكتوبر وقال فيها من أنها لن تأتي بجديد سوى استبدال ديكتاتورية بديكتاتورية (ديكتاتورية قيصرية برداء بلشفي) هكذا كان موقف لينين من المثقفينن من جانب آخر فالسياسة المشرئبة للتغيير لابد لها أن تسير في هدي الفكر، وبالتالي فإن كسب المثقفين لاسيما في مرحلة التحديات إلى جانب السياسي يرتقي إلى مرتبة الضرورة بتعبير أحدهم..وبالتالي ينبغي على المثقف أن ينصرف عن النضال السياسي المباشر دون أن يفقد دوره كفاعل ثقافي، فيركّز على الجانب الآيديولوجي، فالمثقف ليست مهمته الاستيلاء على السلطة، لكن لابأس من الهيمنة على الجانب الثقافي، فكسب المثقفين إلى جانب الحركات المناضلة يرقى إلى مرتبة الضرورة، لهذا ترى المثقف يفقد دوره لدى بحثه عن موقع مؤطر بسياج السكرتير يدر له ربما مالا ..
لكن الخشية أن ترى مثقفا مفكرا مضطرا أن يتاجر ببضاعته الثقافية، وبالتالي فمكمن الخطر أن يبيع قناعاته، بعد بيع طاقاته الفكرية، هنا تبنى مؤسسات ثقافية دون أصحابها ويولى عليها وعليهم من لا يفقه بالفكر ولا بالسياسة للأسف.!.. هؤلاء هم ساسة قومي يا سيدتي فأعينيني.. وابكي معي وعليّ..وتخيلي كيف تدار شؤوني

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…