الاستفتاء في إقليم كردستان العراق وأحقيته وفقا للعهود والمواثيق الدولية

المحامي رضوان سيدو*
لقد نالت حقوق الإنسان – أفراداً و جماعات – اهتمام الأمم المتحدة و المجتمع الدولي الذي أولى رعاية خاصة بها في الصكوك و العهود و المواثيق الدولية و ذلك لصون حقوق الأفراد من الانتهاكات و منح الشعوب حقها في تقرير مصيرها و للحد من الحروب وويلاتها وأن تعيش الأمم و الشعوب معاً في سلام و وئام و حسن الجوار.
 واستقر الفقه القانوني  الدولي على أن قرارات الأمم المتحدة و معاهداتها و مواثيقها و إعلاناتها وغيرها أصبحت من المصادر الرئيسية للقانون الدولي , وهنالك العديد من المواثيق و العهود الدولية تمنح الشعوب حق تقرير المصير وحق المساواة بينها, وترفض سيطرة شعب على شعب أخر وأيضا حق الشعوب المقهورة في أن تحرر نفسها من أغلال السيطرة و اللجوء إلى كافة الوسائل التي يعترف بها المجتمع الدولي ومن تلك العهود و المواثيق :
– إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية¬ _اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم 
المتحدة رقم 295/61_المؤرخ في 13 أيلول/سبتمبر 2007والذي يقضي بحق الشعوب في تقرير مصيرها.
– ميثاق الأمم المتحدة 1945 و الذي يعتبر النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية والذي يقضي في المادة (2) بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل  منها حق تقرير مصيرها وأيضا وردت ذلك في المادة73 منه التي تنص على أن يقرر أعضاء الأمم المتحدة الذين يضطلعون في الحال أو في المستقبل بتبعات عن إدارة أقاليم لم تنل شعوبها قسطا كاملا من الحكم الذاتي _المبدأ القاضي بأن مصالح أهل هذه الأقاليم لها المقام الأول ويقبلون أمانة مقدسة في عنقهم .
– وكذلك يعتبر هذا الميثاق  جزءا متمما للميثاق والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية _ والاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966 اللذين ينصان في المادة الأولى منهما بأن لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها وهي بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي  لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي .
– برنامج عمل فيينا – المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان 1993- المنصوص في مادتيه 2- 8 بأن لجميع الشعوب الحق في تقرير المصير ويسلم بحق الشعوب في اتخاذ أي إجراء مشروع وفقا لميثاق الأمم المتحدة لإعمال حقها من أجل التخلص من السيطرة الاستعمارية أوغير ذلك من أشكال السيطرة الأجنبية أو الاحتلال الأجنبي.
– الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان و الشعوب 1981 في مادتيه 19- 20 اللتان تقضيان بأن الشعوب كلها سواسية و لكل شعب الحق في الوجود وله حق مطلق ثابت في تقرير مصيره وللشعوب أن تحرر نفسها من أغلال السيطرة و اللجوء إلى كافة الوسائل التي يعترف بها المجتمع , ولجميع الشعوب الحق في الحصول على المساعدات من الدول الأطراف في هذا الميثاق في نضالها التحرري ضد السيطرة الأجنبية  سواء  كانت سياسية أم اقتصادية أم ثقافية 
– بالإضافة إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم /2625/ لعام 1970 الداعم لقضايا الشعوب المضطهدة و الذي أقر حق تقرير المصير للشعوب التي تعيش في مناطق مستعمرة و الشعوب المحلية و الأقاليم  التي تم ضمها بالقوة دون استفتاء شعبي حر …….الخ
هذا فإن العشرات من الدول نالت استقلالها منذ عقود عدة , ومن تلك الدول الجمهورية العراقية الاتحادية التي كانت تنشد الحرية و اليوم تقمع حرية الشعب الكردي في كردستان العراق و حقه في تقرير مصيره. 
فاستنادا لتلك العهود و المواثيق الدولية  يحق للشعب الكردي في تقرير مصيره بما فيه الاستقلال, أما بالنسبة للدستور العراقي لعام 2005 والمعمول به حاليا, حيث ورد في ديباجته  والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من الدستور / أن الشعب العراقي آلى على نفسه بكل مكوناته وأطيافه أن يقرر بحريته واختياره الاتحاد بنفسه وورد فيها أيضا بأن الالتزام بهذا الدستور يحفظ للعراق اتحاده الحر شعباً وأرضا وسيادةً وكذلك تبنى الدستور أسلوب التوزيع العادل للثروة حيث ورد في المادة الأولى منه بأن هذا الدستور ضامن لوحدة العراق .
وحول المناطق المتنازع عليها ورد في المادة 140 منه ….على أن تنجز كاملة /التطبيع و الإحصاء و تنتهي باستفتاء في كركوك و المناطق المتنازع عليها  لتحديد إرادة مواطنيها / في مدة أقصاها الحادي و الثلاثون من شهر كانون الأول سنة ألفين وسبعة 31/12/2007.
 فمن خلال عرضنا لبعض الفقرات من الديباجة والمادة /140/ نرى بأن الدستور العراقي كان من معطلا ومشلولا منذ ولادته كون الحكومة الاتحادية  لم تلتزم بالدستور من حيث التوزيع العادل للثروة والذي يعتبر جوهر النظام الفدرالي إلى جانب توزيع السلطة, وحرمت إقليم كردستان من استحقاقاته الدستورية بالإضافة إلى عدم حل الحكومة الاتحادية أهم مادة من مواد دستورها وهي المادة /140/ والتي حددت الفترة الزمنية لإجراء الاستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها لحل الخلاف والنزاع  بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان حول عائدية تلك المناطق.
وبذلك فلا يحق للحكومة الاتحادية أن تتمسك بالدستور المشلول المعطل لمواجهة حقوق وحرية الشعب الكردي وتعارض إقليم كردستان لإجراء الاستفتاء حول الاستقلال كون الحكومة المذكورة خرقت الدستور الذي يعتبر جوهر الاتفاق والميثاق  بينها وبين إقليم كردستان والضامن لحقوق الطرفين والحَكَمْ بينهما, لذا فإن من حق إقليم كردستان العراق إجراء الاستفتاء الحر وتقرير مصيره وفقا للعهود والمواثيق الدولية.
هذا واستنادا إلى تلك الصكوك والمواثيق الدولية فإن هناك الكثير من الولايات والأقاليم مارست حق تقرير مصيرها كاسكوتلندا بإجراء الاستفتاء للانفصال عن بريطانيا ومقاطعة كيبيك للانفصال عن كندا وأيضا جزيرة بورتوريكو الكاريبية ذات الحكم الذاتي التابعة للولايات المتحدة الأمريكية ….إلخ وبغض النظر عن نتائج الاستفتاء.
-ومن خلال سردنا لتلك العهود والمواثيق الدولية والنصوص التي تقضي للشعوب حق تقرير مصيرها فإن على كافة الدول التي وقعت وصادقت على تلك الاتفاقات وغيرها ذات الشأن أن لا تقف سلبا أمام خيار وحق الشعب الكردي في  تقرير مصيره بما فيه الاستقلال, فحسب بل عليهم الالتزام بتعهداتهم وتقديم كافة أنواع الدعم لإقليم كردستان العراق ليتمكن من ممارسة حقه في إجراء الاستفتاء وعليهم أيضا احترام إرادة وخيار الشعب الكردي, وإلا فإن بقاء الخلافات والنزاعات قائمة بين الإقليم والحكومة الاتحادية ومنع الشعب الكردي من ممارسة حقة في تقرير مصيره  فلن تشهد المنطقة والعراق استقرارا ولن تنعم بالسلم والأمان, وبذلك تتحمل الدول التي وقعت وصادقت على تلك العهود والمواثيق إلى جانب الحكومة العراقية الاتحادية مسؤولية وتبعات مواقفهم السلبية تجاه إقليم كردستان العراق وما تؤول إليه الأوضاع مستقبلا.
* عضو المكتب القانوني للمجلس الوطني الكردي في سوريا
قامشلو 28/8/2017

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…