ابن الجزيرة
يقال ان أحدهم ذهب إلى مكان ممنوع-أخلاقيا- فوجد أحد المعارف هناك.
فسأله ماذا تفعل هنا؟ فقال وما الذي تفعله أنت هنا ..؟
ربما كانت هذه الحكاية تعبر عن حال الأنظمة العربية عموما( و العروبية بشكل خاص).
ففي مطلع القرن الماضي (القرن 20) أسس الغرب( أوروبا) لإيجاد دول عربية في المنطقة وفق مخطط (إتفاقية سايكس بيكو)على حساب الدولة العثمانية التي كانت تمثل الوجه الإسلامي في الحكم ضمن جغرافية الحكم في العالم،وكانت الدولة العثمانية تشكل إمبراطورية تلم شمل المسلمين جميعا(تركا وعربا وكردا وشركسا وغيرهم)وتوفر لهم –في المستوى الاقتصادي والاجتماعي فسحة شاسعة للتحرك بدون هوية أو باسبورت.
فسأله ماذا تفعل هنا؟ فقال وما الذي تفعله أنت هنا ..؟
ربما كانت هذه الحكاية تعبر عن حال الأنظمة العربية عموما( و العروبية بشكل خاص).
ففي مطلع القرن الماضي (القرن 20) أسس الغرب( أوروبا) لإيجاد دول عربية في المنطقة وفق مخطط (إتفاقية سايكس بيكو)على حساب الدولة العثمانية التي كانت تمثل الوجه الإسلامي في الحكم ضمن جغرافية الحكم في العالم،وكانت الدولة العثمانية تشكل إمبراطورية تلم شمل المسلمين جميعا(تركا وعربا وكردا وشركسا وغيرهم)وتوفر لهم –في المستوى الاقتصادي والاجتماعي فسحة شاسعة للتحرك بدون هوية أو باسبورت.
ولكن أوروبا سخّر العرب لتقويض هذه الدولة(العثمانية) والتي أبت أن تبيع فلسطين لإسرائيل، ودفعت لذلك ثمنا بالوعد بسقوطها من صهيوني(قرّصو) قالها صراحة [i]:(( أنت رفضت عرضنا، ولكن هذا الرفض سيكلفك أنت شخصيا،ويكلف مملكتك كثيرا)).
قال ذلك بعد رفض السلطان عبد الحميد عرضه،وهو((خمسة ملايين ليرة ذهبية لخزينتكم الخاصة،ومئة مليون كقرض لخزينة الدولة بلا فائدة.
على أن تسمحوا لنا ببعض الامتيازات في فلسطين)).
ويعلق الدكتور محمد سعيد البوطي)) ترى ما هو موقف (العميان الكبار) من أتباع الماسونية في بلادنا من هذه الحقائق؟)).
وإنني أتساءل معه :مَنْ من الحكام العرب رفض عرضا كهذا في المرحلة القومية العروبية، والتي كانت من بعض أسباب إسقاط الخلافة العثمانية الإسلامية ؟ هذا الإسلام الذي يحاولون أن يتخذوه مطية لأطماع قد تكون رخيصة فعلا..؟
أوروبا هذه التي قضت في البلاد العربية التي أنشأتها؛ مستعمِرةً لمدة طويلة، ثم خرجت منها- وبغض النظر عن شكل الخروج- بعد أن عقدت معها مجموعة معاهدات واتفاقيات؛ ضمنت لها مصالحها في المنطقة حتى هذه اللحظة..!.
ولم تكتف بذلك بل أسست لثقافة هيمنت على الوضع في المنطقة..
ساعدت على استمرار ضمانة مصالحها..ومنذ ذلك الوقت، فإن الحكام -في المنطقة العربية- يستحصلون على موافقة الغرب لإقامة حكوماتهم ،سواء بالانقلابات المتتالية، أو بنظام الحكم الشمولي، وهنا، لا فرق بين أن يكسبوا رضا الغرب أو الشرق- ففي الحالين رضا الغير، لقاء تأمين مصالح لهم- شرقيين أو غربيين-.
وفي الواقع، كان كسب الرضا من الجهتين معا، وإن اختلفت النسبة بحسب الظروف والأحوال.فمثلا لا تزال روسيا تؤمن مصالحها ببعض مواقف في شد الحبل مع الغرب،مع أنها تخضع في اللحظة الأخيرة للغرب، إما اضطرارا، وإما لقاء مصلحة أكبر مما يقدمه العرب لها – وربما من حساب خيرات المنطقة العربية ذاتها،كما حصل مع غليوم ألمانيا-.وهكذا في حرب العراق (سقوط صدام)2003 ومع غير العرب – إيران مثلا في الوقت الحاضر_.
ويبدو أن النظام الاستعماري اليوم يختلف قليلا عما كان في الماضي، أو أنه إعادة صياغة لأسلوب حركة استعمارية جديدة.ومن الطبيعي أن يؤسس الاستعمار لأسلوب جديد يعتمده..
لاستعمار جديد..
يحقق مصالحه الاقتصادية ..! خاصة أن المستعمر جديد(أمريكا) وهي تختلف عن أوروبا .
كان في الماضي يدفع باتجاه تنشيط الروح القومية ،وقد تلقف العروبيون ذلك بروحية خاصة أنتجت ما جعلهم في فخ الاستعمار، مكبلين بشعارات وسلوكيات أنتجت مفرزات مسيئة لقيمهم الإسلامية، ولتاريخ الحكم الإسلامي، ولصورة الإسلام عموما..! وكان الأسلوب الأمثل الذي اتبعته هو دفع العروبيين – وغالبا من غير المسلمين- إلى حشر الإسلام في ثوب العروبة، بدلا من حشر العروبة –كقومية- في ثوب الإسلام الأوسع، والأكثر تماسكا، وانسجاما، وأهلية للحياة..
بمبادئه السمحة، وتعاليمه المرنة، ونظرته الاستراتيجية التي تجمع بين الدين والدنيا..وفعل هذا الاستعمار ذلك تحت أسماء وتنظيرات مختلفة، لعل أهمها وأشهرها، أيديولوجية “ميشيل عفلق” الذي أعلن الرئيس العراقي المخلوع(صدام حسين) إسلامه- وتحت تأثير الأسلوب السياسي ذاته، كما يبدو- ولأهداف سياسية، ظن أنه هو الذي يحددها.
ولكنه – في الواقع- كان يمشي في سكة رسمها له الغرب سواء وعاها أو لم يعيها، وكانت النتيجة ما كانت من سقوطه المريع..
ودمار بلاد حكمها أكثر من ثلاثين سنة بالحديد والنار، وأهدر الأموال والدماء والجغرافيا..الخ، ليقيم حفلات المجون لنفسه ولعياله..كما نشرت جزءا منها، الفضائيات المختلفة.
وفي المحكمة كان يضع في يده قرآنا – لا ندري هل مع طهارة أم بدونها- حتى وصل إلى نهايته المحتومة.
والآن يعيد التاريخ نفسه..
فالغرب(أمريكا) يسيّر قطار العروبة والمنطقة الشرقية عموما، على سكته التي حضّر لها منذ ذلك الوقت،وكمرحلة ثانية من مراحل الاستعمار، للمحافظة على مصالحه الاقتصادية وغيرها.
ويبدو أن الأدوات التي تروج لمذهبه هي ذاتها عروبيون – من غير المسلمين غالبا- أو متأسلمون، أو مسلمون متطرفون ..ولكن تحت عناوين وأيديولوجيات جديدة (العولمة- العالم الجديد- الشرق الأوسط الجديد-الشرق الأوسط الأوسع..الخ)، ولكن الأدوار تتغير قليلا ، والسبب في كل ذلك هم العروبيون.!
اضطهدوا الكرد، واضطهدوا الأقليات المختلفة لأسباب دينية، أو مذهبية ،أو عرقية ..الخ .
حتى تكونت الأسس الكافية لخصومتهم– الأكراد مثلا- والعرب المضطهدين، تحت عناوين مختلفة (السنة- الشيعة- الكلدان- الآشوريون- الخ).وغيروا في ملامح الواقع على الأرض بدواعي أيديولوجية، فأضاعوا الحقوق، وأضاعوا القيم التي تصلّح الأمور، وغلّبوا العوامل الذاتية النفسية على العوامل الموضوعية الواقعية (والحقوق ) فزرعوا الحقد والكراهية في النفوس، وزرعوا روح الخصومة والثأر فيها..(التهجير ألقسري،الاستيطان بالترغيب والترهيب،الاستيلاء على أراضي غير العرب من مواطني بلادهم كالكورد مثلا..!
والآن يكرر العروبيون الأخطاء ذاتها، فهم يعادون كل مطالب بحق، ويقمعون كل سعي لذلك وبأسلوب الحديد والنار، وبأسلوب الأنفال وحلبجة- في العراق مع الكورد- وبأسلوب إحصاء 1962الاستثنائي والحزام العربي- مع الكورد في سوريا- وبأسلوب اضطهاد الشيعة ، ومن ثم اضطهاد السنة حاضرا، وبسبب من السنة أنفسهم في بعض الأوجه(سيكولوجية لا تقبل الاعتراف بالغير فتقتل وتدفع للقتل إضافة إلى استعداد موجود أساسا للقتل ثأرا) ويبدو أن الأمور ستجري كما جرت سابقا، وسترسم جغرافية جديدة وفق ما يرمي إليه الاستعمار الجديد، بصورته الجديدة، ولا فائدة ترجى من عروبيين يظلون دوما أسرى مشاعر قوموية مشوهة، وأكاد أقول مزيفة أيضا، مادامت لا تتفاعل مع معطيات الواقع والحياة.
ملاحظة:إنني آمل من الكورد أن يعوا هذه المجريات للأحداث،فلا يستعجلون إلى واقع قد يتغير -مثلما تغيرت الحال العربية- أو ستتغير.والوسيلة لعدم حصول ذلك وفق ما كان ماضيا، هو:الصيغة المعروفة للتفكير والسلوك، وهي: حكم الشعب لنفسه ديمقراطيا.
ووعي الديمقراطية سياسيا، وتعميم الوعي السياسي شعبيا، في مناخ طبيعي من الحرية التي تنتج الفهم والتطور والإبداع…!
وهذا يتطلب من الساسة-قبل كل شيء- أن يوفروا ذلك في أنفسهم قبل توقعها من الآخرين..!
قال ذلك بعد رفض السلطان عبد الحميد عرضه،وهو((خمسة ملايين ليرة ذهبية لخزينتكم الخاصة،ومئة مليون كقرض لخزينة الدولة بلا فائدة.
على أن تسمحوا لنا ببعض الامتيازات في فلسطين)).
ويعلق الدكتور محمد سعيد البوطي)) ترى ما هو موقف (العميان الكبار) من أتباع الماسونية في بلادنا من هذه الحقائق؟)).
وإنني أتساءل معه :مَنْ من الحكام العرب رفض عرضا كهذا في المرحلة القومية العروبية، والتي كانت من بعض أسباب إسقاط الخلافة العثمانية الإسلامية ؟ هذا الإسلام الذي يحاولون أن يتخذوه مطية لأطماع قد تكون رخيصة فعلا..؟
أوروبا هذه التي قضت في البلاد العربية التي أنشأتها؛ مستعمِرةً لمدة طويلة، ثم خرجت منها- وبغض النظر عن شكل الخروج- بعد أن عقدت معها مجموعة معاهدات واتفاقيات؛ ضمنت لها مصالحها في المنطقة حتى هذه اللحظة..!.
ولم تكتف بذلك بل أسست لثقافة هيمنت على الوضع في المنطقة..
ساعدت على استمرار ضمانة مصالحها..ومنذ ذلك الوقت، فإن الحكام -في المنطقة العربية- يستحصلون على موافقة الغرب لإقامة حكوماتهم ،سواء بالانقلابات المتتالية، أو بنظام الحكم الشمولي، وهنا، لا فرق بين أن يكسبوا رضا الغرب أو الشرق- ففي الحالين رضا الغير، لقاء تأمين مصالح لهم- شرقيين أو غربيين-.
وفي الواقع، كان كسب الرضا من الجهتين معا، وإن اختلفت النسبة بحسب الظروف والأحوال.فمثلا لا تزال روسيا تؤمن مصالحها ببعض مواقف في شد الحبل مع الغرب،مع أنها تخضع في اللحظة الأخيرة للغرب، إما اضطرارا، وإما لقاء مصلحة أكبر مما يقدمه العرب لها – وربما من حساب خيرات المنطقة العربية ذاتها،كما حصل مع غليوم ألمانيا-.وهكذا في حرب العراق (سقوط صدام)2003 ومع غير العرب – إيران مثلا في الوقت الحاضر_.
ويبدو أن النظام الاستعماري اليوم يختلف قليلا عما كان في الماضي، أو أنه إعادة صياغة لأسلوب حركة استعمارية جديدة.ومن الطبيعي أن يؤسس الاستعمار لأسلوب جديد يعتمده..
لاستعمار جديد..
يحقق مصالحه الاقتصادية ..! خاصة أن المستعمر جديد(أمريكا) وهي تختلف عن أوروبا .
كان في الماضي يدفع باتجاه تنشيط الروح القومية ،وقد تلقف العروبيون ذلك بروحية خاصة أنتجت ما جعلهم في فخ الاستعمار، مكبلين بشعارات وسلوكيات أنتجت مفرزات مسيئة لقيمهم الإسلامية، ولتاريخ الحكم الإسلامي، ولصورة الإسلام عموما..! وكان الأسلوب الأمثل الذي اتبعته هو دفع العروبيين – وغالبا من غير المسلمين- إلى حشر الإسلام في ثوب العروبة، بدلا من حشر العروبة –كقومية- في ثوب الإسلام الأوسع، والأكثر تماسكا، وانسجاما، وأهلية للحياة..
بمبادئه السمحة، وتعاليمه المرنة، ونظرته الاستراتيجية التي تجمع بين الدين والدنيا..وفعل هذا الاستعمار ذلك تحت أسماء وتنظيرات مختلفة، لعل أهمها وأشهرها، أيديولوجية “ميشيل عفلق” الذي أعلن الرئيس العراقي المخلوع(صدام حسين) إسلامه- وتحت تأثير الأسلوب السياسي ذاته، كما يبدو- ولأهداف سياسية، ظن أنه هو الذي يحددها.
ولكنه – في الواقع- كان يمشي في سكة رسمها له الغرب سواء وعاها أو لم يعيها، وكانت النتيجة ما كانت من سقوطه المريع..
ودمار بلاد حكمها أكثر من ثلاثين سنة بالحديد والنار، وأهدر الأموال والدماء والجغرافيا..الخ، ليقيم حفلات المجون لنفسه ولعياله..كما نشرت جزءا منها، الفضائيات المختلفة.
وفي المحكمة كان يضع في يده قرآنا – لا ندري هل مع طهارة أم بدونها- حتى وصل إلى نهايته المحتومة.
والآن يعيد التاريخ نفسه..
فالغرب(أمريكا) يسيّر قطار العروبة والمنطقة الشرقية عموما، على سكته التي حضّر لها منذ ذلك الوقت،وكمرحلة ثانية من مراحل الاستعمار، للمحافظة على مصالحه الاقتصادية وغيرها.
ويبدو أن الأدوات التي تروج لمذهبه هي ذاتها عروبيون – من غير المسلمين غالبا- أو متأسلمون، أو مسلمون متطرفون ..ولكن تحت عناوين وأيديولوجيات جديدة (العولمة- العالم الجديد- الشرق الأوسط الجديد-الشرق الأوسط الأوسع..الخ)، ولكن الأدوار تتغير قليلا ، والسبب في كل ذلك هم العروبيون.!
اضطهدوا الكرد، واضطهدوا الأقليات المختلفة لأسباب دينية، أو مذهبية ،أو عرقية ..الخ .
حتى تكونت الأسس الكافية لخصومتهم– الأكراد مثلا- والعرب المضطهدين، تحت عناوين مختلفة (السنة- الشيعة- الكلدان- الآشوريون- الخ).وغيروا في ملامح الواقع على الأرض بدواعي أيديولوجية، فأضاعوا الحقوق، وأضاعوا القيم التي تصلّح الأمور، وغلّبوا العوامل الذاتية النفسية على العوامل الموضوعية الواقعية (والحقوق ) فزرعوا الحقد والكراهية في النفوس، وزرعوا روح الخصومة والثأر فيها..(التهجير ألقسري،الاستيطان بالترغيب والترهيب،الاستيلاء على أراضي غير العرب من مواطني بلادهم كالكورد مثلا..!
والآن يكرر العروبيون الأخطاء ذاتها، فهم يعادون كل مطالب بحق، ويقمعون كل سعي لذلك وبأسلوب الحديد والنار، وبأسلوب الأنفال وحلبجة- في العراق مع الكورد- وبأسلوب إحصاء 1962الاستثنائي والحزام العربي- مع الكورد في سوريا- وبأسلوب اضطهاد الشيعة ، ومن ثم اضطهاد السنة حاضرا، وبسبب من السنة أنفسهم في بعض الأوجه(سيكولوجية لا تقبل الاعتراف بالغير فتقتل وتدفع للقتل إضافة إلى استعداد موجود أساسا للقتل ثأرا) ويبدو أن الأمور ستجري كما جرت سابقا، وسترسم جغرافية جديدة وفق ما يرمي إليه الاستعمار الجديد، بصورته الجديدة، ولا فائدة ترجى من عروبيين يظلون دوما أسرى مشاعر قوموية مشوهة، وأكاد أقول مزيفة أيضا، مادامت لا تتفاعل مع معطيات الواقع والحياة.
ملاحظة:إنني آمل من الكورد أن يعوا هذه المجريات للأحداث،فلا يستعجلون إلى واقع قد يتغير -مثلما تغيرت الحال العربية- أو ستتغير.والوسيلة لعدم حصول ذلك وفق ما كان ماضيا، هو:الصيغة المعروفة للتفكير والسلوك، وهي: حكم الشعب لنفسه ديمقراطيا.
ووعي الديمقراطية سياسيا، وتعميم الوعي السياسي شعبيا، في مناخ طبيعي من الحرية التي تنتج الفهم والتطور والإبداع…!
وهذا يتطلب من الساسة-قبل كل شيء- أن يوفروا ذلك في أنفسهم قبل توقعها من الآخرين..!
—
[i] نقلا من كتيب:حقائق عن نشأة القومية-الأستاذ محمد سعيد رمضان البوطي-صادر عن لجنة المسجد في جامعة دمشق تحت الرقم 41-رجب 1382