استفتاء جنوبي كوردستان..وتقصير الإعلام الكردي

عمر كوجري
بدأ العد التنازلي لعملية الاستفتاء على استقلال كوردستان التي أعلن عنها الرئيس مسعود بارزاني بعد صبر طويل وتحمُّل كبير على نقض الحكومة العراقية بوعودها، ومحاصرتها لشعب كوردستان على المستوى المادي والمعنوي، وتهرّبها من جميع التفاهمات والاتفاقيات التي تمت بين الطرفين.
أيام قليلة، ويحلُّ اليوم المشهود.. التاريخي.. الموعود 25-9-2017 على شعب كوردستان في أجزائها الاربعة، وعلى كل كردي في أي مكان يقيم،   ورغم أن النشاط السياسي والدبلوماسي الكردي سواء في التحضير لتشكيل وفد لزيارة بغداد والتباحث مع “الرئاسات الثلاث” أو في دول جوار “جمهورية كوردستان” القريبة التشكل والإعلان إلا أن النشاط والتحفيز الإعلامي الكردي، والتعبئة الجماهيرية إلى اللحظة مازالت قاصرة، ولا تواكب هذا الحدث التاريخي العظيم، بل ربما عُدّ الحدث الأعظم كردياً في الألفية الثالثة،
حيث استطاع الرئيس بارزاني التقاط جوهر هذه الفرصة التي وللحق أقول: لن يجود الزمان ولا  “الظروف الذاتية والموضوعية” بمثلها لمئة أو مئتي عام مقبلة، فإما المضي بالقرار الذي لم يتخذه فرد معين، أو حزب بحدِّ ذاته بقدر ما هو إرادة أنهار دماء الشباب الكردي منذ عشرات السنين، أو الركون لكي تحين الفرصة السانحة، وهذا كلام الغائصين في وحل العبودية والاستزلام والشعور بالنقيصة التاريخية.
مصيبة بعض الإعلام الكردي أنه ينظر الى يوم الاستفتاء، وكأنه سيحسب لشخص الرئيس البارزاني أو لفائدة الحزب الديمقراطي الكوردستاني بشكل محدد ومباشر، وهذا محض تضليل وافتراء، ويصعّد هذا الاتجاه القاصر والأقرب للغباء بأسف كبير الإعلام الكردي الحزبي، بعضه مأجور ومطلوب منه التصعيد، وقد بدأ قبل أيام وبدلاً من تحريض الكرد على الإدلاء بقول: نعم للاستفتاء.. نعم لاستقلال كوردستان، قاموا بعقد مؤتمرات صحفية هزيلة، وأطلوا برؤوسهم الخنيعة.. الذليلة.. الوضيعة عبر بعض ذلك الإعلام المأجور من طهران وربما من دمشق أيضاً ليقولوا .. وبكل سفالة ووضاعة، وتخل عن كل الجينات الكردية التي اعتقدنا يوماً أنها تسري في دمائهم، وقالوا: لا للاستفتاء..
لكن بمقابل الإعلام الذي ينطق الكردية” المعادي” لانرى وأقولها بألم أن الإعلام الكردي الذي يناصر استقلال كوردستان، وهو الخط الإعلامي المختلف عن الإعلام المشبوه إياه، وإلى اللحظة مازال ملبوكاً ببث برامجه ومواده، سواء أكان مرئياً أو مسموعاً أو مكتوباً في بطون الصحف والمجلات، أو مؤسسات ومراكز الأبحاث الكردية ما يوحي أنهم لا يدعون للتعبئة ختى الآن، والوقت يمر سراعاً.. وتحفيز الهمم من أجل ملاقاة هذه الفرصة الكبرى التي رسمت كما قلنا ولونت بدماء الشهداء، وعذابات الكرد، وفقرهم وبؤسهم، وتوقهم في النهاية لوطن سعيد اسمه: كوردستان.   
كوردستان- زاوية ” العدسة” – 566

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…

عبد الجابر حبيب ـ ذاكرة التهميش ومسار التغيير بعد عقدين من اندلاع الأزمة السورية، وتحوّلها من انتفاضة مطلبية إلى صراع إقليمي ودولي، ما زال السوريون يتأرجحون بين الحلم بوطن حر تعددي عادل، وبين واقع تمزقه الانقسامات، وتثقله التدخلات الأجنبية والمصالح المتضاربة. سوريا اليوم لم تعد كما كانت، لكن السؤال يبقى: إلى أين تسير؟ وهل ثمة أمل في التحول نحو…

حوران حم في زوايا الحديث السوري اليومي، في المنشورات السريعة على مواقع التواصل، في تصريحات بعض “القيادات” ومواقف فصائل تدّعي تمثيل الثورة أو الدولة، يتسلل الخطاب الطائفي كسمّ بطيء، يتغلغل في الروح قبل أن يظهر في العلن. لم تعد العبارات الجارحة التي تطال الطوائف والأقليات، والمناطق، والمذاهب، تُقال همساً أو تُلقى في لحظة غضب، بل باتت تُصرّح جهاراً، وتُرفع على…

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…