يوسف بويحيى (أيت هادي المغرب)
مازلت أتذكر أحداث سقوط نظام “صدام حسين” البعثي في العراق على يد الجيش الأمريكي ،حيث كانت قولة أحد الإسرائليين قائلا:”لقد حان لليهود أن يعيشوا بسلام” ،عبارة يمكن أن نستخلص منها الكثير من المعاني مما ينصب في واقعنا الكوردي الحالي ،حيث أراها ظرفية مناسبة أكثر من وقت مضى للنهوض بالإستقلال و قيام دولة كوردستان ،أنذاك يمكن أن يعيد التاريخ نفسه و بنفس العبارة فقط بتغيير الشعب اليهودي بالشعب الكوردي أي “لقد حان للكورد أن يعيشوا بسلام”.
الكورد في حاجة ماسة لوطن يحميهم في ظل هذه السياسة النفاقية المتقلبة التي لا تملك أبدا مقومات الثقة و خصوصا بعد ٱنكشاف نوايا كل الحكومات و أحزابها بما في ذلك أحزاب كوردية معروفة على قائمة الإرهاب.
إن الذات الكوردية يجب أن تبني مشروعها تحت ٱسم كوردستان ،كما يجب أن تتخلص في الظرفية الحالية و المستقبلية من النقاشات الحزبية الضيقة التي لا تفي بالغرض المنشود الذي سيضمن للجميع السلام و الإواء ،زيادة أن هذه النقاشات تنصب في مصلحة الأنظمة الغاصبة التي لا تتمنى للكورد سوى الزوال.
إن مستقبل الكورد يبدأ من نقطة أساسية هي بمصالحة داخلية و خارجية بين كل القوى السياسية الكوردية ،تحت سقف وطن موحد ،لا أحد يستطيع توحيد الكورد في ظل هذا التباعد و التنافر القائم لعقود طويلة من الزمن سوى إيمان الكل بكوردستان مستقلة.
قيام جمهورية كوردستان علمانية ديموقراطية لن تقصي أحدا كيفما كان نوعه و لونه و شكله و فكره و توجهه و دينه و طائفته ،فقط صناديق الإقتراع هي المحدد الرئيسي لتسيير مجالات حياة الكورد اليومية ،لذلك فٱستقلال كوردستان لن يزعج أحدا من القوى السياسية المؤمنة بالديموقراطية و الحرية و الوعي و الإنسانية.
إن النظام العلماني سيحسم الجدال العقيم بين المتدين و الغير المتدين و المختلف الديانة ذلك بفصل الدين عن البيروقراطية ،و ٱحترام بنود الدستور الأسمى للبلاد بما فيها حرية المعتقد.
إن من يرى خطورة المتدين على الغير المتدين أو الشيوعي أو العكس ،لهو إنسان لم يصل قمة النضج و الوعي بعد ،مجرد إنسان يعاني من الخوف المرضي أو الفوبيا التي خلفتها سياسات الإحتلال الثلاثة.
إن توحيد صفوف الكورد تحت ٱسم الكورد و كوردستان لن يضفي على المنطقة سوى الإزدهار و قوة معنوية و ٱقتصادية و سياسية متنوعة بناءة ،إذ من اللامنطق أن يكون عدد الكورد أكثر من خمسين مليون نسمة وهم بلا وطن مستقل ،علما أن لهم أرضهم و تاريخهم و لغتهم و ثقافتهم و أعرافهم!!؟؟.
دولة كوردستان هي الوحيدة التي تستطيع حماية الكورد من أسرار و خفايا المؤمرات المستقبلية المبرمة ضد الإنسان الكوردي ،فليس على الكورد التفاؤل بما يتعدى منطق السياسة النكراء التي تكنها القوى العالمية المتحالفة حاليا مع الكورد ،لا ضمانات موثوقة عن سلامة الكورد سوى قيام كوردستان ،لذلك فالكوردي مجبر بالنهوض صوب الإستقلال بالرغم من مرجعيته السياسية بداية منه بالإستفتاء.
كلمحة تاريخية حديثة تظهر تلاعب و تماطل القوى العالمية جمعاء على القضية الكوردية و مصير الكورد ،بعد مشاركة المقاومة الكوردية في إسقاط نظام المقبور “صدام حسين” ،لم تلقى الإهتمام الكافي من طرف القوة العالمية ،في حين أعطيت الأهمية لإيران و كأن الكورد لم يقدموا شيئا يذكر في حرب العراق ،بعد تمرد إيران لم يكن في وسع القوة العالمية فعل أي شيء سوى دعم إقليم كوردستان العراق كورقة ضغط على إيران بٱعتبارها إحتلت معظم مناطق العراق بملشياتها الشيعية ،لكن ماذا لو بقيت إيران كحمل وديع للقوة العالمية؟؟ هل تستطيع أن تسمع صوت الشعب الكوردي المضطهد في هذه الحالة ؟؟ ،وقس على هذا المنوال مثال الشعب الأمازغي الذي لم يلقى حتى الآن أي دعم ملموس يذكر في ظل ولاء الأنظمة العربية الغاصبة لأراضي تمازغا للقوة العالمية ،قد يتعجب البعض في مذى صمود إيران أمام القوة العالمية ذات جيش منظم متطور و مزود بشتى الأسلحة الفتاكة ،لكن سر صمود الأخيرة يكمن في صمودها كدولة و كيان بغض النظر على السلاح ،كما لم يكن بمقدور القوة العالمية الإطاحة بنظام العراق البعثي لولا الخيانة و الإنشقاق و المحاصرة من كل الجوانب ،لذلك فأقوى الأسلحة التي يحتاجها الكورد حاليا و مستقبلا هي قيام دولة كوردستان و الإعتراف بالكورد ككيان.
إن سياسة القوى العالمية نفاقية الأوجه لا تؤمن بصديق أبدي و لا عدو أبدي ،لذلك يجب على الكورد أن يكونوا هم أنفسهم و لأنفسهم و لدولتهم كوردستان و لا لشيء آخر.